إنَّ الادعاءَات التي سبق أن أطلقها المتحدِّثون الإسرائيليون ء والتي تفيد بأنَّ المركبات التي تعرَّضت للهجوم كانت تسير "بشكل مثير للريبة" و"بأضواء مطفأة" ء مدعومة بمقطع فيديو تم العثور عليه على الهاتف المحمول لأحد الضحايا، الذي دُفن في مقبرة جماعية بعد تنفيذ تلك الجريمة في نهاية شهر مارس.
إنَّ التسجيل الصَّوتي الذي تبلغ مدَّته سبع دقائق، والذي أكَّدته الصحافة الأمريكية، قدَّمه الهلال الأحمر الفلسطيني في مؤتمر صحفي للأمم المتحدة، ويُظهِر بوضوح كيف جرت مهاجمة القافلة عمدًا على الرَّغم من أنَّها كانت تعمل وفقًا للأنظمة، في جريمة حرب إسرائيلية أخرى ترتكبها في فلسطين.
وعلَّق «ديلان ويندر» (Dylan Winder)، ممثِّل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لدى الأمم المتحدة، قائلاً: “هذا هو الهجوم الأكثر دموية على مستوى العالم ضدَّ العاملين في المجال الإنساني التَّابعين للمنظَّمة منذ عام 2017”، واصفاً إيَّاه بأنَّه “أمر فظيع.”
وتعود القصَّة، التي سردها الهلال الأحمر الفلسطيني، إلى 23 مارس الماضي. وبينما كانت القوَّات الإسرائيلية تتقدَّم نحو مدينة "رفح"، جنوب قطاع غزة، قبل فجر الأحد، انطلقت سيارة إسعاف لإجلاء المدنيين الجرحى جراء القصف الإسرائيلي، لكنَّ طاقمها أُصيب على طول الطريق. وفي السَّاعات التالية، توجَّهت عدَّة سيارات إسعاف أخرى وشاحنة إطفاء إلى مكان الحادثة لمساعدتهم، إلى جانب سيارة تابعة للأمم المتحدة، ليصل إجمالي عدد القتلى إلى سبعة عشر. ثم الصمت.
وبعد خمسة أيَّام من المفاوضات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي لترتيب مرور آمن للبحث عن المفقودين، عثر فريق الإنقاذ على 15 جثَّة - ثمانية من أفراد طاقم سيَّارة إسعاف الهلال الأحمر ومُسعفين، وستَّة من رجال الإنقاذ من الدِّفاع المدني وموظَّف في الأمم المتحدة - حيث جرى إلقاء معظم جثثهم في مقبرة جماعية. ومن هنا بدأ تبادل الاتِّهامات: من ناحية أخرى، اتَّهمت المنظَّمات الإنسانية إسرائيل بقتل "عمَّال إنسانيين ما كان ينبغي أن يتعرَّضوا للهجوم على الإطلاق"، بينما أفاد جيش الاحتلال، على لسان المقدم والمتحدث العسكري «نداف شوساني»، أنَّ "تسعة من القتلى كانوا من المسلَّحين الفلسطينيين" وأنَّ "القوات الإسرائيلية" لم تهاجم "سيارة إسعاف عشوائيًا"، ولكن جرى تحديد عدَّة مركبات "على أنَّها تتقدَّم بطريقة مثيرة للريبة" من دون أضواء أو إشارات طوارئ نحو القوات الإسرائيلية، ما أجبرها على إطلاق النَّار.