ويُدين الموقِّعون على الرِّسالة الارتباط بين نقص تمويل الأبحاث في إيطاليا والأموال المخصَّصة لدول في حالة حرب، مثل إسرائيل، المتَّهمة من قبل محكمة الجنايات الدولية (لاهاي) بارتكاب جرائم حرب عشوائية ضد الفلسطينيين ترتقي إلى درجة "إبادة جماعية" موثَّقة. وجاء في الرسالة: "في الخامس والعشرين من أبريل، نعتزم معارضة الحروب والعنف والإبادة الجماعية للدِّفاع عن كرامة العمل والحياة للجميع".
علاوةََ على ذلك، كتب الأكاديميون في مقدِّمة الرسالة “للسنة الثانية على التَّوالي، نجد أنفسنا نتوجَّه إلى وزارة الخارجية، وهذه المرَّة أيضًا إلى "عمداء الجامعات الإيطالية"، للمطالبة بتعليق الدعوة إلى مشاريع بحثية مشتركَة على أساس اتِّفاقية التعاون الصناعي والعلمي والتكنولوجي بين إيطاليا وإسرائيل.” وتتضمَّن مسابقة وزارة الخارجية الإيطالية، على وجه التحديد، مشاريع بحثية مشتركة في مجالات تكنولوجيا التربة والمياه والبصريات الدقيقة، وهي في الواقع مشاريع تنتج تكنولوجيا ذات استخدام مزدوَج (مدنية-حربية).
وأضاف الأكاديميون قائلين في الرِّسالة: “نحن نُقدِّر هذا الحذر المتمثل في الاستبعاد الواضح للمشاريع التي تنتج تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج من المسابقة (الذي هو بالفعل التزام، وفقًا للتشريعات الحالية)، ولكن هذا يظلُّ إجراءً غير كاف في مواجهة الكارثة الإنسانية المتزايدة في غزة (حيث تدَّعي الحكومة الإسرائيلية صراحةً أنَّ المجاعة والقصف أدوات للضَّغط السياسي المشروع)، والنَّقل القسري للمدنيين، والطَّرد والتوسُّع الإقليمي المتواصل في الضفة الغربية، والتي تشكِّل جرائم حرب وأعمال إبادة جماعية راسخة.”
وبالإضافة إلى مقتل أكثر من 51 ألف فلسطيني بسبب القنابل الإسرائيلية، والحصار الكامل للمساعدات الإنسانية، وتدمير أنظمة الصحة والتعليم والبنية الأساسية، تُذكِّر الرِّسالة بكيف أنَّ "أهم المؤسَّسات الدَّولية" خلال الأشهر التسعة عشر الماضية "اكتشفت خطرًا محتملًا للإبادة الجماعية"، فضلًا عن "إدانتها للانتهاكات التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى للقانون الدولي من جانب إسرائيل" و"اعترفت بعدم شرعية العمليات التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلَّة، سواء كانت الضفة الغربية أو القدس الشرقية أو فِي قطاع غزة".
ويؤكِّد الموقِّعون على أنَّ العديد من الدراسات والوثائق أثبتت أنَّ “الأعمال الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة تتواصل بفضل التحويلات المالية والتكنولوجية وتجارة الأسلحة من الدول الأجنبية إلى إسرائيل ومعها.”
ومن هنا نصل إلى جوهر الشكوى. وجاء في الرِّسالة أنَّ “التعاون في الأوساط الأكاديمية يمكن أن يجعل الجامعات متواطِئة في جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي.”
وتزعم صحيفة "إل بوست" أن صحفيين إسرائيليين وأخرين فلسطينيين ناقشوا وأوضحوا للصحفيين العاملين لديها أن النِّظام الجامعي الإسرائيلي يُشكِّل جزءًا لا يتجزَّأ من النِّظام العسكري والفصل العنصري والاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية.
لتجنُّب أي تواطؤ، أوقفت العشرات من الجامعات في جميع أنحاء العالم التعاون مع المؤسَّسات الأكاديمية الإسرائيلية. وسلَّط الموقِّعون الضَّوء على كيف أنَّ العلاقة المتبادلة القائمة بين النظام الأكاديمي والنظام العسكري الإسرائيلي تجعل التعاون المؤسَّسي مع الجامعات الإيطالية "غير قانوني محتمَل". ويدخلون في التفاصيل: “”على سبيل المثال، لا تقوم شركة "إلبيت سيستمز" (Elbit System) وشركة "صناعة الطيران الإسرائيلية" (IAI) بتطوير التقنيات العسكرية والأسلحة المستخدمة حاليًا في غزة فحسب، بل وُلدتا أيضًا كشركتين فرعيتين للمؤسَّسات الأكاديمية الإسرائيلية وتشاركان حاليًا في مشاريع بحثية دولية. وبالإضافة إلى ذلك، أنشأت العديد من المؤسَّسات البحثية الإسرائيلية برامج دعم مالي للجنود - على سبيل المثال، "الحزمة المالية المحسنة" التي تبنَّتها الجامعة العبرية في القدس المحتلة، و"المزايا" التي تبنَّاها "معهد وايزمان" للتكنولوجيا، والمبادرات الخيرية التي أطلقتها "جامعة تل أبيب" للقوَّات المنتشرة في قطاع غزة، وشراء "جامعة حيفا" للمعدَّات للجيش العامل في قطاع غزة.
تلعب الجامعات دورًا مهمًّا في بناء دفاع إسرائيل في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية: ففي معهد دراسات الأمن القومي في "جامعة تل أبيب"، يجتمع خبراء وقانونيون ومسؤولون من وزارة الدفاع منذ أشهر لوضع خط دفاع عن الكيان المحتل للأراضي الفلسطينية. ولذا يطلب الموقِّعون من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي "تعليق المسابقة"، ومن رؤساء الجامعات الإسرائيلية "عدم مشاركة جامعاتهم في هذه المسابقة" و"عدم إبرام اتِّفاقيات جديدة مع الجامعات الإسرائيلية وتعليق تلك الجاري تنفيذها".
وفي العام الماضي، وقَّع آلاف الأكاديميين على رسالة موجَّهة إلى وزارة الخارجية للمطالبة بإنهاء اتِّفاقية التعاون الصناعي والعلمي والتكنولوجي السارية مع إسرائيل. وفي أعقاب ذلك، خرج باحثون وطلَّاب جامعات إيطاليون إلى الشوارع ضد َّعسكرة الجامعات والتعاون مع "تل أبيب" في مجال البحث، مما دفع بعض الجامعات إلى عدم تجديد مشاركتها في العطاء، وانضمام العديد من الجامعات إلى المناشدات، مطالبين بوقف الاتِّفاقيات. منذ عدَّة أشهر، شهدت عشرات المدن الإيطالية احتجاجات واحتلالات طلَّابية، فضلاً عن إضرابات لموظَّفي الجامعات. هذا العام، تبدأ المعركة من حيث انتهت.