وبرَّر «سانشيز» هذا التحوُّل في الأحداث بالتغيُّر في الوضع الدولي، الذي أصبح أكثر خطورة وعدم يقين: “ليس نحن من تغير، بل العالم هو من تغير"، كما قال. ورغم ذلك، فإن القرار ترك الجميع تقريبا غير راضين.”
على اليسار، يعارض حزب "سومار"، وهو الحزب الذي يشكل التحالف الحكومي مع الحزب الاشتراكي بزعامة «سانشيز»، زيادة الإنفاق العسكري. ووصف ممثلو "سومار" زيادة الإنفاق بأنَّها "باهظة"، وقالوا إنَّها "فُرضت من أعلى من قبل الحكومة" و"غير مناسِبة ولا مُريحة".
وقال بعض ممثلي "سومار" إنهم يرغبون في محاولة منع هذا الإجراء، لكنهم لا يملكون الأدوات اللازمة للقيام بذلك: ولا يريد سانشيز تمرير زيادة الإنفاق عبر البرلمان، لكنه استخدم سلطاته التنفيذية لإيجاد الأموال اللَّازمة من خلال إعادة تنظيم الإنفاق الحالي.
وبحسب رئيس الوزراء، فإنَّ المبلغ المتوقَّع وهو 10،5 مليار سيتم الحصول عليه جزئيًا من الأموال الأوروبية، وجزئيًا من وفورات الميزانية التي تحقَّقت في السَّنوات السَّابقة، وجزئيًا من خلال تعديل بنود الإنفاق في الوزارات الأخرى. في الواقع، الطريقة الوحيدة التي يمكن لحزب "سومار" أن يوقِّف بها هذه الخُطَّة هي إسقاط الحكومة، وهو ما لا يرغب أحد في القيام به.
ولتهدئة اليسار، قال «سانشيز» إنَّ %18 فقط من الإنفاق العسكري الجديد سيذهب إلى شراء الأسلحة "بالمعنى التقليدي" (مثل الذخيرة أو المركبات العسكرية)، في حين سيذهب جزء كبير من الاستثمارات الجديدة إلى رواتب الأفراد العسكريين والأنشطة الدِّفاعية حصريًا، مثل الأمن السيبراني.
ورغم ذلك، فإنَّ الأحزاب اليسارية الأخرى، التي تتَّسم جميعها بحساسية شديدة اتِّجاه خطاب السِّلمية، أعلنت معارضتها لهذا الأمر: قالت حزب "إثكييردا أونيدا"، الذي لديه وزير في الحكومة، إنَّ الزِّيادة في الإنفاق العسكري "تتعارض مع روح الائتلاف". حتَّى حزب "بوديموس"، الذي يقع خارج السلطة التنفيذية، أعرب عن معارضته: وصفت عضو البرلمان الأوروبي «إيرين مونتيرو» (واحدة من أبرز ممثلي الحزب) «حكومة سانشيز» بأنَّها "حكومة حرب".
وقال «غابرييل روفيان»، المتحدث بإسم حزب "ERC" (الحزب القومي الكاتالوني من يسار الوسط) في البرلمان، «إنَّ سانشيز» "كان قادرًا على فرض الحِداد لمدة ثلاثة أيام في دولة علمانية على وفاة البابا المسالم، وخلال تلك الأيام الثلاثة أعلن عن 10 مليارات يورو من الأسلحة الجديدة" (كان يشير إلى وفاة البابا «فرانشيسكو»، التي حدثت يوم الإثنين: كما أعلنت إيطاليا خمسة أيام من الحداد الوطني).
قد يظنُّ المرء أنَّ الأمور قد تكون مختلفة بين الأحزاب اليمينية، التي عادة ما تكون أكثر تأييدًا للإنفاق الدِّفاعي. وقد وعد "حزب الشعب"، وهو حزب الوسط اليميني الرئيسي والمعارضة، مؤخَّرًا علنًا بزيادة الإنفاق العسكري إلى %3 من النَّاتج المحلِّي الإجمالي.
ولكن السياسة في إسبانيا مُستقطَبة إلى حدِّ أنَّ الحزب الشعبي أدان «سانشيز» لأسباب تتعلَّق بالمصلحة السياسية. وقال زعيم الحزب «ألبرتو نونيز فييخو» إنَّ اقتراح «سانشيز» يحتوي على عناصر "استبدادية"، لأنَّه لن يتم التصويت عليه من قبل البرلمان، وأنَّ الخطَّة غير كافية لتلبية احتياجات إسبانيا.
ومن المقرَّر أن يُقدِّم «سانشيز» خطَّة زيادة الإنفاق إلى البرلمان في أوائل مايو، من دون تصويت. ورغم الانتقادات الموجَّهة إليه، فمن غير المرجَّح أن يتراجع عن قراره. وبين أمور أخرى، كتبت الصُّحف الإسبانية أنَّ قرار إيطاليا بزيادة الإنفاق العسكري إلى %2 من النَّاتج المحلِّي الإجمالي بحلول هذا العام ساهم في إقناع رئيس الوزراء (حكومة «جورجا ميلوني» فعلت ذلك من خلال تغيير في النِّظام المحاسبي، وليس من خلال زيادة الاستثمارات). وبعد القرار الإيطالي، كانت إسبانيا ستظلُّ الدولة الكبرى الوحيدة في حلف شمال الأطلسي التي يبلغ إنفاقها الدِّفاعي أقل من %2 من النَّاتج المحلِّي الإجمالي.