الإيطالية نيوز، الجمعة 25 أبريل 2025 - مع إعلان الحِداد الوطني لمدَّة خمسة أيَّام على وفاة البابا «فرانشيسكو»، والذي دعت إليه اللجنة التنفيذية لمجلس الوزراء الإيطالي من 22 إلى 26 أبريل، استغلَّ العديد من رؤساء البلديات دعوة الحكومة إلى "الاعتدال" لإلغاء أو تقليص الاحتفالات بالذِّكرى الثمانين لذكرى تحرير إيطاليا في 25 أبريل. من الشمال إلى الجنوب، أعلنت البلديات الإيطالية من جميع الأطياف السياسية عن تأجيلات وإلغاءَات وقيود: جرى تعليق المسيرات، وحظر الموسيقى، وتقليص المظاهرات إلى الحد الأدنى.
إنَّ الشعور بالاحترام الذي تثيره الحكومة يصبح بهذا الشَّكل ساحة معركة سياسية، ممَّا يؤدِّي إلى إحياء التوتُّرات القديمة ــ التي تبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى بعيدة كلَّ البعد عن إمكانية إخمادها ــ حول طبيعة يوم التحرير ذاته.
ولكن إذا قرأته بعناية، فإنَّ المرسوم الذي رسم الحِداد الوطني لا يفرض تعليقًا للاحتفالات: تنكيس الأعلام إلى نصف الصاري والامتناع عن الالتزامات الاجتماعية (باستثناء جمع التبرُّعات الخيرية) هي المتطلَّبات الوحيدة. وأوضح القائد الأعلى للحماية المدنية، «نيلو موسوميتشي» (Nello Musumeci)، أنَّ "جميع الاحتفالات مسموح بها بطبيعة الحال، مع مراعاة السِّياق وبالتَّالي الرَّصانة التي يفرضها الظَّرف على كل شخص". ولكن الدَّعوة إلى "الاعتدال" جرى تفسيرها على الفور باعتبارها حيلة مفيدة لتجنُّب المظاهرات التي لم تنظر إليها البلديات المحافظة - وليس فقط - بعين الرِّضا على الإطلاق.
وفي "بينيفينتو"، أمر رئيس البلدية، كليمنتي ماستيلا (Clemente Mastella)، بإغلاق المسارح ومنع الموسيقى في الهواء الطَّلق مساء يوم 25 أبريل، متجاوزًا بذلك الإرشادات الوزارية. وفي محافظة "بريشا"، ألغت البلدتان "أونو سان بييترو" و"اتشڤيداتي كامونو" المسيرات، بينما أثار القرار في "دومودوسولا" انتقادات من "الحزب الديمقراطي،" وحزب "Avs"، و"حركة الخمس نجوم"، وحزب "إيطاليا ڤيڤا"، وحزب "ڤولت".
في "رومانو دي لومبارديا" (برغامو)، منع رئيس مجلس المدينة "القطع الموسيقية والترانيم والأغاني، بما في ذلك أغنية "بيلَّا تْشاو"، مما أثار غضب "الجمعية الوطنية للمقاومين المتطوعين الإيطاليين" (ANPI) المحلِّية وانتقادات من مجموعة الحزب الديمقراطي الإقليمية. وفي كثير من الحالات، اندلعت التوتَّرات بالفعل قبل الحداد. وفي "ترييستي"، رفض المجلس البلدي رعاية يوم التحرير الذي نظَّمته لجنة 25 أبريل؛ وفي "ليسُّوني"، رفضت إدارة يمين الوسط منح "الجمعية الوطنية للمقاومين المتطوعين الإيطاليين" الإذن بعرض لافتة تذكارية.
في "لينيانو"، جرى إلغاء حفل فرقة "بونكرياس". كما ألغت تشيزينا الحفل الموسيقي المقرر في 24 أبريل: وفي بيان، أعلن حزب "سينيسترا إيطاليانا تشيزينا" أنَّ "إعلان الحداد الوطني لا يتطلَّب بالضَّرورة إلغاء الفعاليات العامَّة". وأنَّ "تعليق الاحتفال العام بالمقاومة، حتَّى لو كان بمثابة شهادة على الحِداد المشترَك، يعني وضع الذاكرة الجماعية والقيم المؤسِّسة لديمقراطيتنا في الخلفية". في "بونتي سان نيكُّولو" (بادوفا)، ألغى رئيس البلدية «غابرييل دي بوني» (Gabriele De Boni)، وهو تعبير عن يسار الوسط، برنامج 25 أبريل بأكمله، واحتفظ فقط بـ «القدَّاس الانتخابي للضحايا واللحظة التذكارية عند النَّصب التذكاري للضحايا». وأوضح «دي بوني» في بيان: “إنَّ الاحتفالات التي أعددناها لن نتمكَّن من إقامتها كما خطَّطنا لها لأنَّ الحداد الوطني قد جرى فرضه وهو ما يتطلَّب "الإِتِّزان".”
وأضاف: “لن أدخل في مزايا اختيار الحكومة، فهو اختيار أولئك الذين يُقرِّرون وبالتَّالي يجب احترامه، ولكن مرَّة أخرى فإنَّه يترك للمسؤولين المحليين حُرِّية التصرُّف في كيفية تنفيذه. نحن نناقش هذا الأمر مع زملائنا رؤساء البلديات وهناك الكثير من الارتباك. هناك من يقول لا للخطاب، ومن يقول لا للاستعراض، ومن لا يقول شيئا على الإطلاق، ومن يقول دعونا نفعل كل شيء...أما بالنسبة لي، فأنا أعتقد أنه من الصواب تكريم الشهداء والاحتفال بذكرى التحرُّر من النازية والفاشية.”
وتحدَّثت المعارَضة السياسية عن "هجوم على الذَّاكرة". صرَّح «أنجيلو بونيلِّي» (عن حزب Avs) أنَّ “الخامس والعشرين من أبريل ليس حفلة ديسكو أو ساعة سعيدة، بل هو يوم التحرُّر من النَّازية والفاشية.” وكرَّر زعيم الحزب الآخر «نيكولا افراتويَّاني» هذا الرأي، بحيث اتّهم الحكومة بإظهار "حساسية مرة أخرى اتِّجاه التحرير" واعتبار استخدام وفاة البابا «فرانشيسكو» "للتقليل من أهمية 25 أبريل" أمرًا "غير مقبول". في حين يلتزم "الحزب الديمقراطي" بالحِداد، إذ طلب "تعليق وتأجيل كل المبادرات المخطط لها" منذ الإعلان عن وفاة البابا حتَّى اليوم فقط، وليس في 25 أبريل وحده.