"لينديبندنتي أونلاين": في أدمغة هؤلاء وأمثالهم تسكن الحرب - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

السبت، 12 أبريل 2025

"لينديبندنتي أونلاين": في أدمغة هؤلاء وأمثالهم تسكن الحرب

الإيطالية نيوز، السبت 12 أبريل 2025 - ثلاثة وعشرون صفحة لرسم مستقبل من الرَّصاص والطِّين، ومئات المليارات المخصَّصة للقطاع العسكري، وأرباح مذهلة لِلُوبي الأسلحة، وخيال جماعي مليء بالرُّعب من أنَّ الحُرِّيات الديمقراطية مهدَّدة من قبل أعداء خارجيين أقوياء للغاية لديهم هوس واحد: تدمير أوروبا. هذا هو، وفقًا لموقع "ليندبندنتي أونلاين" الإلكتروني، "الهذيان" المكتوب بالأسود والأبيض في الكتاب الأبيض المشترك لإعداد الدفاع الأوروبي بحلول عام 2030، المُصوَّر في البيان العسكري الذي نشرته المفوضية الأوروبية لتبرير خطة إعادة التسليح لأوروبا أيديولوجيًا والتي تهدف إلى إنفاق 800 مليار يورو على الذخائر والمدفعية والصواريخ والطائرات من دون طيَّار والبنية الأساسية والتكنولوجيا العسكرية.

عند قراة نص الكتاب الأبيض المشترك لإعداد الدفاع الأوروبي، يشعر المرء وكأنه يعيش على شفا الكارثة، مواطن قارَّة محاصَرة: “إنَّ التهديدات للأمن الأوروبي تتضاعف بطريقة تُشكِّل تهديدًا خطيرَا لأسلوب حياتِنا"، وروسيا تشكِّل "تهديدًا استراتيجيا خطيرًا"، في حين أن "الدول الاستبدادية مثل الصين تسعى بشكل متزايد إلى تأكيد سلطتها وسيطرتها على اقتصادنا ومجتمعنا.” ويوجد أيضًا استخدام واسع النِّطاق لإثارة المخاوف والأخبار الكاذبة الصريحة لتبرير سباق التسلُّح.

ويتكرَّر المفهوم بأنَّ روسيا مُستعدَّة لغزو الدول الأوروبية عسكريًا، لأنَّه “إذا سُمح لها بتحقيق أهدافها في أوكرانيا، فإنَّ طموحاتها الإقليمية ستمتد إلى ما هو أبعد من ذلك”، ويُعاد إطلاق الخدعة التي تقول إنَّ الدول الأوروبية تنفق القليل جدًّا على الدفاع، إلى الحدِّ الذي يجعل الإنفاق الدفاعي الأوروبي - وفقًا للعقول التي صاغت الوثيقة نيابةً عن مفوضية الاتحاد الأوروبي - "أقل بكثير من إنفاق روسيا أو الصين".

وهذه نقطة ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يحشد من أجلها إحدى الفِرق ضدَّ التضليل الإعلامي الذي اختُرِع في بروكسل (حيث مقر المفوضية الأوروبية) في السنوات الأخيرة لجلد نفسه، نظرًا لأنَّ إنفاق دول الاتحاد الأوروبي على الدِّفاع في عام 2024 بلغ 326 مليار يورو مقابل 235 مليار يورو للصين و146 مليار يورو لروسيا. 

إنَّ الغضب العسكري الأوروبي لا يقتصر على غرف بروكسل. إنَّ التسرُّع في الحرب لا يزال فكرة حيَّة في كل الدول الأوروبية تقريبًا، حيث يبدو أنها تسارع إلى حمل السِّلاح وكأنَّها استيقظت فجأة على فجر حرب عالمية جديدة: أعادت فرنسا إطلاق الإنتاج المحلِّي للبارود وأعلنت عن جيش احتياطي قِوامُه 100 ألف رجل؛ عدَّلت ألمانيا دستورها للسَّماح بجعل جيشها "جاهزًا للحرب"؛ أطلقت بولندا خُطَّة للتدريب العسكري لجميع الرجال البالغين؛ وفي السويد، بدأوا مباشرة في توزيع مجموعة أدوات البقاء على قيد الحياة بين السكَّان في حالة وقوع حرب نووية. وفي إيطاليا، أعلن الوزير «أورسو» عن خُطَّة لربط صناعة السيَّارات بالصناعة العسكرية: لم يفهم أحد حقًا ما يعنيه هذا، ولكن نظرًا للمناخ العام، كانت الحاجة إلى القيام بشيء ما لا يمكن كبتها على ما يبدو، حتَّى لو كان التصرُّف عشوائيًا وفقًا للتقاليد السياسية الإيطالية.

إنَّ الحرب تتسلَّل إلى العقول حتَّى الأكثر غباءً، مثل عقول العديد من مديري المدارس الإيطالية، حيث شهدت الأشهر الأخيرة زيادة في الدورات التي يدرسها الجنود، والرحلات التعليمية إلى القواعد العسكرية، وحتى مشاهد الأطفال وهم يمشون في ساحات المدارس الابتدائية على طريقة الجنود الإستعراضيين مع أنغام النشيد الوطني "ماميلي". مناخُُ سخيف إلى درجة أنَّ مجموعة من المعلِّمين والأساتذة والعاملين في المدارس شعروا بالحاجة إلى التجمُّع في "المرصد" ضدَّ عسكرة المدارس لمحاولة مواجهة مناخ الحرب الذي تُغذِّيه المؤسَّسات المدرسية في الأجيال الجديدة.

"لم يعلن أحد الحرب على أوروبا، وروسيا والولايات المتحدة تتفاوضان على السلام في أوكرانيا، وليس لدينا حتَّى أي أخبار عن غزو أجنبي محتمَل": لقد ثبت أنه من الجيد أن تُغمض عينيك وتُكرِّر هذه الجمل الثلاث ببطء، خاصة بعد مشاهدة نشرة إخبارية أو الوقوع مرة أخرى في إغراء فتح موقعي "ريبوبليكا" أو "كورييري". فلنحرص على أن لا يسيطر مناخ الحرب على عقولنا أيضاً.