«فؤاد عودة»: “نجح البابا فرانشيسكو من خلال ٱلْتزامه في توحيد العالم الإسلامي وتقسيم الأخر المسيحي” - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الأحد، 27 أبريل 2025

«فؤاد عودة»: “نجح البابا فرانشيسكو من خلال ٱلْتزامه في توحيد العالم الإسلامي وتقسيم الأخر المسيحي”

الإيطالية نيوز، الأحد 27 أبريل 2025 - رسالة رئيس تحرير "إيسك نيوز": لقد نجح البابا «فرانشيسكو» من خلال التزامه في توحيد العالم العربي والإسلامي وتقسيم العالم المسيحي. هل سيكون لدينا بابا أخر بهذه القيمة؟ 


الرسالة من البروفيسور «فؤاد عودة»  يتأمل ويحلل فيها مسيرة «البرغوليو»، البابا الذي يشعر بكل الحزن على  وفاته.


يقول «فؤاد عودة» “نجح البابا فرنشيسكو، بإسمه وٱلْتزامه بتوحيد العالم العربي والإسلامي، لكنَّه نجح أيضًا في تقسيم العالم المسيحي. إنَّ هذه المفارقة تُجسِّد جوهر حبرية رجل عرف كيف يتدبر الأمور والتحديات بحكمة وهو على المحك مثل عدد قليل من الأخرين. ومن خلال قيادته، قام البابا بمهمَّة امتلكت الشَّجاعة لتحدِّي الأعراف والتقاليد، ولكنَّها أظهرت أيضًا قوة الإيمان في أشكاله الأكثر أصالة وتواضعًا.


 وأضاف قائلًا في الرسالة: “كان البابا «فرانشيسكو»، قبل كل شيء، رجلًا شجاعًا، وضع وجهَه على المحكِّ من أجل بناء جسور التواصل الأخوي والسلمي بين العالم العربي والعالم الإسلامي والمسيحية. ومن خلال مثاله، نجح في تحطيم الحواجز التي بدى لا يمكن التغلُّب عليها، وانخرط في حوار عميق وهادف مع المجتمعات العربية والإسلامية والأجنبية. وكان انفتاحه على هذه الحقائق عملاً ذا قيمة عظيمة، إذ جلب السلام والتفاهم والتضامن حيث كان الصراع يسود في كثير من الأحيان. لا يقتصر الأمر على العالم العربي والإسلامي فحسب، بل يشمل أيضًا الفئات الأكثر ضعفًا: الأطفال والأُسَر الفلسطينية، والأفارقة، والمهاجرين واللاجئين.”


 وتابع البروفيسور الإيطالي، ذو الأصل الفلسطيني، قائلًا في الرِّسالة في تعداد محاسن البابا وإنجازاته قيد حياته: “لم يعرف ٱلْتزامه أبدًا عدم اليقين أو التنازل. لقد وضع وجهه دائمًا في المعارك من أجل الضُّعفاء، ومن أجل السَّلام، وضدَّ التفاوت الاجتماعي، وضدَّ وحشية الحروب. لقد كان موقفه في الدِّفاع عن حقوق الإنسان والشُّعوب في الصِّراعات واضحًا منذ اليوم الأول لبابويته.”


الانقسام في العالم المسيحي

مع ذلك، لم تكن بابوية البابا «فرانشيسكو» خاليةً من الجدل. في حين أنه كان محبوبًا ومحترمًا من قبل المجتمعات العربية والإسلامية والجمعيات ذات الأصول الأجنبية، إلَّا أنَّه واجه من ناحية أخرى معارضة شديدة داخل الكنيسة الكاثوليكية. إنَّ توجُّهه الإصلاحي وٱلْتزامه بالشَّفافية والعدالة وانفتاحه على الكنيسة والعالم العربي والإسلامي كلها أسباب أدَّت إلى انقسامات كثيرة بين المسيحيين.


ولم يؤيِّد الكثيرون داخل الفاتيكان وفي بعض الأوساط الكنسية تجديد ولايته على الإطلاق. وكانت المعارضة قوية، وخاصة بشأن مبادراته اتِّجاه المسلمين، والتي يعتبرها البعض تهديدا للتقاليد المسيحية. وعارض بعض الأساقفة والكرادلة هذا الأمر علنًا، متَّهمين البابا فرنشيسكو بأنَّه مبتكِر للغاية وبالابتعاد عن "شرائع" الكنيسة. وقد اجتذبت مواقفه بشأن قضايا مثل حقوق المرأة والدفاع عن الأطفال وإدانة الفساد داخل الكنيسة العديد من الأعداء حتَّى داخل حدود الفاتيكان.


علاوة على ذلك، قال البروفيسور «عودة» الرسالة المخصصة لـ «البرغوليو»: “إنَّ مهمَّته في التَّجديد والشُّمول، والتي تضمَّنت أيضًا ٱلْتزامًا غير مسبوق اتِّجاه العلمانيين وغير المؤمنين، خلقت انقسامات واضحة. لقد كان بابا الفقراء، بابا الشعب، بابا الأقل حظًّا، كما كان عندما ناضل في شبابه من أجل فقر المحرومين في "بوينس آيرس"، البابا الذي امتلك الشَّجاعة للحوار مع أولئك الذين كانوا في كثير من الأحيان مستبعَدين من الكنيسة.”


البابا «فرانشيسكو» والحوار بين الأديان

يقول «عودة»: “كان هناك جانب أساسي أخر في حبريته وهو الحوار بين الأديان. في رأيي، وكما أكَّدتُ مرارًا وتكرارًا، فإنَّ صورة بسيطة لإمام يصافح أسقفًا أو حاخامًا لم تعد كافية للحديث عن الوحدة الدينية. يريد الناس إجراءَات ملموسة ويومية قادرة على تغيير حياة الناس إلى الأفضل ولا تبقى مجرَّد رسائل رمزية غالبًا ما تكون غير ممثلة. هذا ما حاول البابا «فرنشيسكو» أن يفعله: لم يقتصر على الحديث عن الحوار فحسب، بل وضع موضع التنفيذ تلك الإجراءَات التي يستطيع الناس أن يشعروا بها ويعيشوها ويُقدِّروها في حياتهم اليومية. كان رجلاً سعى إلى جمع الديانات المختلفة في مشروع مشترك من السلام والتضامن والتعايش.


وخَتم البروفيسور «فؤاد عودة» قائلًا: “برسالتي هذه رسالة امتنان عميق نيابةً عن جميع الجمعيات والحركات التي أُمثِّلها والتي تُجسِّد معتقداته والتي فقدت اليوم نقطة مرجعية ثابتة. لقد كان البابا «فرانشيسكو» شخصيةً فريدةً في التاريخ الحديث للكنيسة، فهو قادر على التوحيد والتقسيم، واهتزاز الضمائر وإيقاظها. لقد أحدثت شخصيته البسيطة والكاريزمية الفارق في عالم كان في حاجة إلى زعيم يتحدَّث إلى قلوب الناس، وليس فقط المؤمنين. أشكرك من أعماق قلبي، عزيزي البابا فرانشيسكو، على كل ما قدَّمته. سيظلُّ إرثُك من الحب والشجاعة والإيمان حيًّا في قلوب الملايين حول العالم. وداعًا البابا «فرانشيسكو»، واحد منا!