الإيطالية نيوز، الثلاثاء 15 أبريل 2025 - أكوام من المال العام يُهدَر، بينما تواصل ساكنة أرض النار العيش مع مَكبَّات النِّفايات غير القانونية والأورام والسُّموم المخفية تحت الأرض. منذ عام 2015، دفعت إيطاليا بالفعل أكثر من 325 مليون يورو كغرامات للاتحاد الأوروبي بسبب عجزها عن تنظيف هذه المنطقة المعذَّبة، الواقعة بين "نابولي" و"كازيرتا"، بشكل مناسب. وأكَّدت المفوضية الأوروبية هذا الرقم ردًّا على سؤال طرحته "حركة النجوم الخمس". لكنَّ الفاتورة تستمرُّ في الارتفاع بمعدل 80 ألف يورو يوميًا. ورغم توافر الأموال الأوروبية، فإنَّ المؤسَّسات الإيطالية فضَّلت في واقع الأمر عدم الاستثمار بشكل جِدِّي في إصلاح البيئة، واختارت بدلًا من ذلك دفع الغرامات. هزيمة مزدوجة: سياسية وبيئية.
إنَّ الرَّقم الهائل الذي بلغ 325.76 مليون يورو، والذي أشارت إليه مفوِّضة الاتحاد الأوروبي للبيئة، «جيسّيكا روزوال»، هو نتيجة لعِقد من عدم الامتثال من جانب إيطاليا. بدأ كل شيء في عام 2015، عندما فرضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي على بلدنا دفع غرامة يومية قدرها 120 ألف يورو بسبب الفشل في بناء البنية التحتية اللازمة لمعالجة النفايات الحضرية في إقليم "كامبانيا". غرامة، على الرَّغم من خفضها إلى 80 ألف يورو يوميًا في عام 2021 بفضل التقدُّم الطفيف في قدرة حرق النفايات، لا تزال تثقل كاهل خزائن الدولة اليوم.
لا يزال الوضع في "أرض النيران"، بين محافظتي "نابولي" و"كازيرتا"، دراماتيكيًا: تظلُّ مَكبَّات النِّفايات غير القانونية والحرق العمد والتخلُّص غير القانوني من النفايات والتربة الملوَّثة تُشكِّل تهديدًا خطيرًا لصحة المجتمعات المحلية. المفارقة التي أبرزها نواب "حركة النجوم الخمس" في البرلمان الأوروبي الذين قدَّموا السؤال البرلماني إلى المفوضية الأوروبية، هي أنَّ الأموال اللَّازمة لإرجاع العافية للإقليم موجودة. في الواقع، يوفِّر صندوق التنمية الإقليمية الأوروبي استثمارات لإزالة التلوُّث واستعادة المواقع الصناعية الملوثة، بما في ذلك مكبات النفايات غير القانونية. لهذا الأمر، في برنامج كامبانيا الإقليمي 2021-2027، جرى تخصيص ما يقرب من 35 مليون يورو لإجراء الإصلاحات وحماية البيئة. لكن إيطاليا، كما يُندِّد عضو البرلمان الأوروبي، «دانيلو ديلَّا فالِّي»، "لم تستخدم هذه العقوبات على محمل الجد أبداً"، مفضِّلةً دفع الغرامات بدلاً من إنقاذ الأرواح والأراضي.
إن الوضع أصبح أكثر إثارة للقلق بسبب الخطر الملموس المتمثل في أنه مع خطة إعادة التسلُّح التي أطلقتها مفوضية الاتحاد الأوروبي ووافق عليها المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي، فإنَّ الأموال المخصَّصة لمشاريع الاستصلاح والتعافي البيئي سوف تنخفض.
وفي غضون ذلك، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في يناير الماضي حكمًا تاريخيًا ضد إيطاليا، بحيث اعترفت بمسؤولية الدولة في إدارة الكارثة البيئية في "أرض النيران". وفي الواقع، أثبتت المحكمة أن إيطاليا انتهكت التزاماتها بحماية السكان المحليين، من خلال عدم اتِّخاذ التدابير الكافية ضدَّ التلوُّث النَّاجم عن النفايات السامَّة، ما عرَّض صحة ملايين المواطنين للخطر.
وأكد القضاة أن السلطات كانت على علم بالتخلُّص غير القانوني من النفايات، والذي غالبًا ما يحدث تدبيره من قبل جماعات الجريمة المنظمة، لكنَّها لم تتدخَّل بالسُّرعة الكافية.
وبناء على ما هو مكتوب في الحكم الذي صدر نهائيا فإن إيطاليا لديها عامين لاتِّخاذ إجراءات ملموسة: وضع خطة فعَّالة لمكافحة التلوُّث، وتنفيذ ضوابط مستقلَّة، وجعل المعلومات المتعلِّقة بالمخاطر البيئية والصحية في متناول المواطنين.