«ترامب» يهين محميته أوروبا لكنه يمنح قادتها فرصة تاريخية للتخلص من التبعية - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الجمعة، 21 مارس 2025

«ترامب» يهين محميته أوروبا لكنه يمنح قادتها فرصة تاريخية للتخلص من التبعية

 الكاتب: حسن أمحاش / ميلانو

الإيطالية نيوز، الجمعة 21 مارس 2025 - لم يستر «دونالد ترامب» أبدًا احتقاره لأوروبا. لقد وصفها بأنَّها طفيلية على الحماية الأميركية، وهدَّد بسحب الدَّعم لحلف شمال الأطلسي، وأكَّد مرارًا وتكرارًا على مدى تعبه من تحمُّل تكاليف ضمان أمن واستقرار دول الكتلة الأوروبية. كلمات قويَّة، لكن هذه الصراحة القاسية تُقدِّم لقادة القارة العجوز فرصة تاريخية ينبغي عليهم أن يغتنموها.


لقد وُلِدت الصداقة مع الولايات المتحدة من انتصارها في الحرب العالمية الثانية، لكن هذه الصداقة كانت دائما بمثابة العلاقة التي تربط السيد بخادمه المطيع. في رأيي الخاص، لم ينزل الأميركيون في صقلية من أجل مساعدة الأوروبيين بتحريرهم من قبضة النازية: بل جاؤوا للسيطرة عليهم بطريقة أكثر خبثا وحكمة مما كان يخطط له «أدولف هتلر». ونتيجة لذلك، تم بناء العلاقة مع واشنطن على أساس التبعية، وليس الشراكة الحقيقية. منذ "خطة مارشال"، استثمرت الولايات المتحدة في أوروبا ليس من باب الإحسان، بل من أجل تأمين حصن منيع ضد الاتحاد السوفييتي. وفي مقابل الأمن الأميركي، وافقت أوروبا على أن تكون محمية اقتصادية وعسكرية، ذات سيادة محدودة وحرية عمل مشروطة بمصالح واشنطن.


حتَّى الآن، كانت أي محاولة أوروبية لتحرير نفسها من الوصاية الأميركية ستُعتبَر بمثابة جحود، إن لم تكن عملًا عدائيًا. الآن يقول «ترامب» إن على الكتلة الأوروبية أن تتدبَّر أمرها، وبدلًا من الشكوى، يجب أن يغتنم قادة القارة العجوز الفرصة التاريخية، بالتأكيد ليس لكي يتحولون إلى أعداء للولايات المتحدة (وهو أمر لن يكون حكيمًا أو ضروريًا أو مفيدًا أبدًا)، ولكن لإعادة تعريف العلاقة التي، على الرَّغم من أنَّها مُطَمْئِنة، لم تكن أبدًا متساوية.


إذا لم تعد أوروبا تشكِّل أولوية بالنسبة لواشنطن، فإنَّها تستطيع (ويجب عليها) أن تبني قوة مستقلَّة حقًّا، ذات اقتصاد ودفاع مشترَك وسياسة خارجية تستجيب لمصالحها، وليس فقط مصالح الولايات المتحدة. وبما أنَّ ليست أوروبا ما تريد تحرير نفسها من الأميركيين، بل هم من تخلوا عنها بعدما ورَّطوها في حرب الرَّابح الأكبر فيها السيد "العم سام". لذا فإن أوروبا الأكثر استقلالية لن يُنظَر إليها على أنها تهديد لمصالح الولايات المتحدة، بل باعتبارها الجدار المنيع أمام التوسع الروسي ذو الاستلهام السوفييتي.


ولن يكون الأمر سهلاً أو رخيصًا، ولكن التاريخ أظهر لنا بالفعل ما يعنيه الاعتماد على حماية حليف يسعى في نهاية المطاف في المقام الأول (بشكل مشروع) إلى تحقيق مصلحته الشخصية. «ترامب» متشبع بتكبر القوي، كمن يقول لأخرين "أنا ربكم الأعلى"، يهدد، يصرخ، ويهين بلا تحفُّظ، لكن العار الحقيقي هو أننا نحتاج إليه ليذكِّرنا بأنَّ أوروبا العجوز، المنحلَّة والضعيفة، يجب أن تستيقظ أخيرًا وتسترد عافيتها لكي تسير على قدميها من دون حاجة لمن يمنُّ عليها.


«ترامب» يدفع قادة دول الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز جيوشها الخاصة

في مقابلة مع بعض الصحف الإقليمية الفرنسية، أعلن «إيمانويل ماكرون» أنَّ فرنسا ستزيد قوتها العسكرية الاحتياطية من 40 ألف إلى 100 ألف جندي. وأعلن الرئيس الفرنسي أنه ستكون هناك، في الأسابيع المقبلة، “مراجعة كبيرة” لـ"الخدمة الوطنية الشاملة" التي تستهدف جميع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما، مع تمديدات تصل إلى 25 عاما. وسيكون الهدف منذلك تلبية"احتياجات الأمة للدفاع عن نفسها".


ونشرت المفوضية الأوروبية النصَّ النهائي للكتاب الأبيض بشأن الدِّفاع الأوروبي، والذي ينتظر التَّوقيع والموافقة من قبل رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت نفسه، جرى تقديم الاقتراح النهائي بشأن لائحة المجلس التي تهدف إلى إنشاء "آلية العمل الأمني ​​لأوروبا" من خلال تعزيز مرفق صناعة الدفاع الأوروبية "استعدادًا للأسوأ، أي في حالة نشوب حرب مع روسيا.  ويتضمَّن النَّص إمكانية العمل مع شركاء غير أوروبيين، وهو ما يعني إمكانية الشراء المشترك مع النرويج والمملكة المتحدة وكندا واليابان والهند وكوريا الجنوبية، على الرَّغم من أنَّ الخطط تنصُّ على أنَّ الجزء الأكبر من الإنتاج يجب أن يحدث في أوروبا.


من جانبها،  دعت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، الإستونية «كايا كالاس»، إلى الالتزام بمضامين نص الكتاب الأبيض الذي أعدَّته المفوِّضية الأوروبية، لأنَّها تؤكِّد على "ضرورة الاستعداد للأسوأ". لأن الكتاب الأبيض الأوروبي، يعتبر روسيا تُمثِّل، في الوقت الراهن، "التهديد المباشر وغير المباشر الأكثر أهمية للاتحاد الأوروبي وأمنه، وكذلك لأمن الدول المرشَّحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وشركائه."