"إلْ بوست": «جورجا ميلوني» لا تؤمن بأوروبا أكثر استقلاليةً عسكريًا عن الولايات المتحدة - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الاثنين، 3 مارس 2025

"إلْ بوست": «جورجا ميلوني» لا تؤمن بأوروبا أكثر استقلاليةً عسكريًا عن الولايات المتحدة

الإيطالية نيوز، الإثنين 3 مارس 2025 ـ أبدت رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي، «جورجا ميلوني» (Giorgia Meloni)، تشكُّكها في فعالية المبادرات التي تنفِّدها فرنسا والمملكة المتحدة حاليًا لتوفير ضمانات ملموسة لأمن أوكرانيا اتِّجاه روسيا بغضِّ النَّظر عن دعم الولايات المتحدة، والذي يبدو هذه الأيام موضع شكٍّ متزايدٍ.

وبحسب رئيسة الوزراء الإيطالية، فإنَّ كل هذه المقترحات، سواء تلك التي قدَّمها الرئيس الفرنسي، «إيمانويل ماكرون» (Emmanuel Macron)، أو تلك التي قدَّمها رئيس الوزراء البريطاني، «كير ستارمر» (Keir Starmer)، فيها عيب جوهري: لكن هذه السياسات لا تَأخُذ في الاعتبار بشكل كاف الحاجة إلى الحفاظ على التعاون بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتي من دون مساهمتهما العسكرية واللوجستية - وفقًا لـ «ميلوني» مرَّة أخرى - فإنَّ أيَّ التزام من جانب الدول الأوروبية بحماية أوكرانيا من الهجمات الجديدة المستقبلية من قبل روسيا قد يكون من الصعب تحقيقه.

ومن ناحية أخرى، فإنَّ هذا الموقف يعكس براغماتية عميقة. في الوقت الحالي لا تستطيع أوروبا ببساطة الاستغناء عن الولايات المتحدة، فحمايتها العسكرية مضمونةً أيضاً بفضل ترسانتها النووية الأقوى في العالم، وفعالية استخباراتها الشاملة، وتقنياتها الجوية والفضائية. لذلك، حتَّى الآن، بينما ينسحب «دونالد ترامب» (Donald Trump) من أوكرانيا، مفضِّلًا المواقف التفاوضية للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» (Vladimir Putin) على مواقف أوروبا، ترى «ميلوني» أنَّه من الضروري أن يتصرَّف الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة، وتعتبر فكرة إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا غير حكيمة.

لكن إلى جانب هذه الواقعية، فإنَّ برودة «ميلوني» اتِّجاه المبادرات الأوروبية ترجع أيضًا إلى أسباب تكتيكية، لأنَّها مقتنعةُُ بأنَّ من مصلحتها أن تتولَّى دور الوسيط بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي الأيام الأخيرة، تحدَّثت «ميلوني» عن الحاجة إلى "بناء الجسور" بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعن حقيقة مفادها أنَّ إيطاليا يمكن أن تكون الدَّولة القادرة على القيام بذلك: بهذه الطريقة، تأمل في تأمين دور مهم في المفاوضات وضمان حُسن نية «ترامب»، الذي لا يُقدرِّ كثيرًا مواقف الزعماء الأوروبيين مثل «ميلوني»، الذي حافظ حتَّى الآن على موقف الدَّعم الثابت لأوكرانيا ورئيسها «فولوديمير زيلينسكي»، بشأن الحرب في أوكرانيا.

وهذا أيضًا، على نطاق أصغر، وسيلة تحاول بها «ميلوني» الحفاظ على تماسك المواقف المتباعدة إلى حدٍّ ما، والتي لا يمكن التوفيق بينها في بعض الأحيان، لحلفائها في الحكومة: من ناحية أخرى، «أنطونيو تاياني»، عن حزب "فورْتسا إيطاليا"، الذي يؤيِّد خطط إنشاء دفاع أوروبي مشترَك؛ من ناحية أخرى، «ماتِّيو سالفيني»، عن حزب الرابطة، يؤيِّد «ترامب» بشدَّة وهو مستعدُُّ دائمًا للدعوة إلى السَّلام السَّريع والمُصالحة بين أوروبا و«بوتين». وعلاوة على ذلك، فإنَّ الإرسال المحتمَل لجنود إيطاليين إلى أوكرانيا يعتبر عديم الفائدة من منظور انتخابي: إنَّ الإجماع بشأن هذه الفرضية منخفض للغاية، و«ميلوني» لا تريد المساومة على موافقة حزبها وحكومتها.

إنَّ الطريقة التي تريد «ميلوني» من خلالها إعطاء جوهر لموقفها المتمثِّل في الانتظار والترقّب هي اقتراح حل وسط صعب: وهذا يعني توسيع الحماية الأمنية التي تضمنها المادَّة الخامسة من حلف شمال الأطلسي، التحالف العسكري الذي يضمُّ الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية، لتشمل أوكرانيا. المادة الخامسة هي التي تنصُّ على أن جميع الحلفاء مجبرون على الدفاع عن دولة عضو تعرَّضت للهجوم: على هذا النحو، وحتَّى من دون الانضمام رسميًا إلى الحلف، سوف تحصل أوكرانيا على الطمأنينة الأساسية بأنَّه في حالة حدوث غزو جديد من جانب روسيا، فإنَّ جميع الأعضاء ــ بَدْءًا بالولايات المتحدة ــ سوف يتَّخذون الإجراءَات اللَّازمة للدِّفاع عنها. يعتبر مشروع «ميلوني» طموحًا: ولكن في الوقت الحالي لا يزال المشروع قيد البناء ومن الصَّعب تنفيذه على أرض الواقع.

وخلال زيارتها إلى لندن لحضور اجتماع الدول الغربية الداعمة لـ «زيلينسكي»، الذي دعا إليه رئيس الوزراء البريطاني «ستارمر»، جدَّدت «ميلوني» التأكيد على ضرورة "التفكير خارج الصندوق"، أي بطريقة إبداعية وخارج الصندوق. في الواقع، فإنَّ فكرة توسيع نطاق المادة الخامسة لتشمل دولة ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي هي بالتأكيد فكرة مبتكَرَة إلى حدٍّ ما، لدرجة أنَّها لا توجد لها سابقة في أكثر من 75 عامًا من التاريخ.

المادة الخامسة هي جوهر المعاهدة وهي المادة التي أراد «زيلينسكي» منذ فترة طويلة الحصول على وعد ملموس بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي كشرط لقبول الهدنة. ولكن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، والذي كان محل نقاش لسنوات، من شأنه أن يزيد من تفاقم العلاقات بين الدول الغربية وروسيا. ويوجد عدد من التعقيدات التي قد تجعل من غير المرجَّح إلى حدٍّ ما انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي في أي وقت قريب: التعقيدات المتعلِّقة بتوافق الأصول العسكرية، وتنسيق القوانين والإجراءَات البيروقراطية والدبلوماسية، وتبادل المعلومات السرِّية وخدمات الاستخبارات.

ولكل هذه الأسباب، السياسية والقانونية، فإنَّ تقدُّم خطَّة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي منذ عام 2005 كان رسميًا من خلال ما يُسمَّى "الحوار المكثف": هذا يعني مقارنة أوَّلية طويلة، ورُبَّما طويلة للغاية، للتحقُّق من إمكانية انضمام البلاد فعليًا إلى التحالف.