وبحسب خطط الحكومة، فإنَّ "المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة" (SMR) الجديدة ينبغي أن تبدأ العمل في وقت مبكِّرٍ من عام 2030. الهدف المعلَن عنه هو ضمان أمن الطاقة والمساهمة في إزالة الكربون، لكن الاختيار أثار بالفعل نقاشًا حادًّا بين المؤيِّدين والمعارضين.
في هذه الأثناء، يُسلِّطُ عددُُ متزايدُُ من الباحثين الضَّوء على كيف أن "المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة" لا يمكن اعتبارها الحل للتحوُّل في مجال الطاقة، لأنَّها باهظة التكلفة، وتستغرق وقتا طويلًا في البناء، ولا تزال تنطوي على مخاطر اقتصادية وتكنولوجية عالية للغاية.
ويُكلِّف مشروع القانون، الذي يتكوَّن من أربع مواد، الحكومة بمهمة اعتماد سلسلة من المراسيم التشريعية، في غضون إثني عشر شهرًا من دخوله حيِّز التنفيذ، لتنظيم دورة حياة إنتاج الطاقة النووية بشكل عضوي. وينصُّ الإجراء على اختبار وتحديد موقع وبناء وتشغيل المُفاعِلات الجديدة، إلى جانب إدارة النفايات المُشِعَّة وتفكيك المحطَّات القديمة. علاوة على ذلك، سيحدثُ إنشاء أدوات تدريب للفَنِّيين الجدد وسيُنظَر في إنشاء هيئة مستقلَّة للسلامة والتحكُّم.
وبحسب الحكومة، فإنَّ الجيل الجديد من الطاقة النووية، إلى جانب المصادر المتجدِّدة، سيكون ضروريًا لضمان استقلال إيطاليا في مجال الطاقة ومواجهة عدم استقرار سوق الطاقة العالمية.
ولم يتأخَّر الرَّد من الجبهة البيئية وجمعيات الطاقة المتجدِّدة. وأكد ائتلاف "شبكة الطاقة المتجددة %100"، الذي يضمُّ جامعات ومراكز أبحاث ومنظَّمات مثل "غرينبيس" و"الصندوق العالمي للطبيعة" و"ليغامبينتي"، معارضته لخيار الحكومة، مشدِّدًا على التَّكلفة العالية للطاقة النووية مقارنةً مع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والمخاطر البيئية المرتبطة بإدارة النفايات المُشِعَّة والكوارث السابقة مثل "تشيرنوبيل" و"فوكوشيما". ويقول المعارضون إنَّ التحوُّل في مجال الطاقة يمكن أن يتحقَّق حصريًا من خلال مزيج من المصادر المتجدِّدة، من دون اللُّجوء إلى تقنية رفضها المواطنون الإيطاليون بالفعل في استفتاءين.
يُقدِّم تقرير صدر مؤخَّرا عن "معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي" نظرةً ثاقبةً على علامات الاستفهام الرئيسية التي تُحدِّد النِّقاش حول تكنولوجيا "المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة"، والتي لا تزال في مرحلة تجريبية. وعلى الرغم من تقديم "المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة" باعتبارها بديلًا أرخص من محطَات الطاقة النووية التقليدية، فإنَّ التقرير يشير إلى أنَّ تكاليفها ترتفع باستمرار، وفي كثير من الأحيان تتجاوز التقديرات الأوَّلية بكثير، كما يتَّضح من حالات ملموسة لمشاريع بُِنيَت (أو قيد الإنشاء) في روسيا والصين والأرجنتين والولايات المتحدة. وتوجد قضية رئيسية أخرى تتعلَّق بأوقات البِناء. جرى الترويج للمفاعلات النووية الصغيرة باعتبارها حلاً أسرع من محطات الطاقة النووية التقليدية، ولكن الحقائق تشير إلى تأخيرات ضخمة، في حين يتقدَّم قطاع الطاقة المتجدِّدة بسرعة مذهلة.
وأخيرًا، يُحذِّر التقرير من عامل الخطر النَّاجم عن المشاكل غير المتوقَّعة، بحيث أنَّ "المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة" لا تزال تكنولوجيا جديدة وتجريبية نسبيًا. ويخلص المؤلِّفون إلى أنَّ الخيار الأكثر منطقية بالنسبة للحكومات والشركات والمستثمرين هو تركيز الاستثمارات على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات والشبكات الذكية، بدلًا من التركيز على التكنولوجيا التي يبدو، على الأقل في الوقت الرَّاهن، محكوم عليها بأن تظلَّ وهمًا وليس فرصة حقيقية.
وفيما يتعلَّق بإيطاليا، توجد قضية أخرى ذات أهمِّية كبيرة، تتمثَّل في نتائج الاستفتاءين اللذين رفض فيهما الإيطاليون، في مناسبتين مختلفتين في الماضي، الطاقة النووية. في عام 1987، فازت نسبة التصويت بـ"نعم" بنسبة تتراوح بين %71 و%80 في الاستفتاء الذي دعا إلى إلغاء تدخُّل الدَّولة حيث لم تمنح البلدية موقعًا لافتتاح محطة للطاقة النووية على أراضيها، وإلغاء المساهمات العامة للسلطات المحلية لوجود محطَّات للطاقة النووية على أراضيها، واستبعاد إمكانية مشاركة شركة "إينيل" في بناء محطَّات الطاقة النووية في الخارج. ثُمَّ في عام 2009 أعلنت حكومة «بيرلسكوني» عن نيَّتها إعادة إطلاق الطاقة النووية: بعد عامين، جرى استفتاء لإلغاء القواعد التي سمحت ببناء محطات طاقة نووية جديدة في إيطاليا: وبنسبة مشاركة بلغت %54،8، صوت الإيطاليون بـ"نعم" في %94 من الحالات، وهو ما يعني فعليًا إلغاء خطط السلطة التنفيذية.
وبحسب التقرير التوضيحي لمشروع القانون الذي وافقت عليه الحكومة الحالية، فإنَّ "الطاقة النووية المستدامة اليوم تمثِّل واحدة من أكثر مصادر الطاقة أمانًا ونظافةً"، وبالتالي فهي ليست "قابلة للمقارنة من الناحية التكنولوجية مع تلك التي تخلَّت عنها البلاد أيضًا بعد الاستفتاء".