ولم تُعَلِّق هيئة الأركان العامة الأوكرانية علنًا على هذه الأنباء، لكنَّها نشرت يوم السبت خريطة أظهرت بالفعل المدينة خارج المنطقة التي لا تزال تسيطر عليها.
وكانت أوكرانيا احتلَّت جزءًا كبيرًا من "كورسك" في أغسطس الماضي، في توغُّلٍ عسكريٍ غير متوقَّع ومفاجئ داخل الأراضي الروسية. لكن خلال سبعة أشهر، فقدت السيطرة على نحو ثلثي المنطقة التي احتلَّتها في البداية. وتكثَّفت الهجمات الروسية المضادَّة، التي يُشارك فيها أيضًا جنود من كوريا الشمالية، منذ أن توقَّفت الولايات المتحدة عن تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وتُظهر الخريطة أنَّ الجيش الروسي تمكَّن من التقدُّم جنوب "سودجا" إلى عمق الأراضي التي تُسيطر عليها أوكرانيا، وكاد أن يقسمها إلى نصفين. وقد لوحظ هذا الوضع منذ 10 مارس، وفي الأيام الأخيرة قال الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» عدة مرَّات إنَّ جيشَه يقترب من تطويق القوات الأوكرانية.
وفي يوم الأربعاء، توجَّه «بوتين» أيضًا إلى "كورسك" وزار الأراضي المستعادة. وكرَّر الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» تصريحاته، حيث قال إنَّ آلاف الجنود الأوكرانيين "محاصرون بالكامل" من قبل الجنود الروس. ونفت أوكرانيا يومي الجمعة والسبت أن تكون قواتها محاصرة من قبل الروس، واتَّهم الرئيس الأوكراني «فولوديمير زيلينسكي» «بوتين» بدعمه فقط للضَّغط في محادثات وقف إطلاق النار.
في هذا الصدد، قال "معهد دراسة الحرب"، وهو مركز أبحاث أمريكي مرموق، ليس لديه دليل على أنَّ الجيش الروسي "حاصر أعدادا كبيرة من القوَّات الأوكرانية" في المنطقة. وزعم بدلًا من ذلك أنَّ ما يقوم به الجيش الأوكراني هذه الأيام هو في الواقع تراجع كبير بسبب التقدُّم السريع للقوَّات الروسية.
ومن غير الواضح بعد ما هو الوضع الفعلي على الأرض، ولكن من المؤكَّد أن القوَّات الأوكرانية تواجه صعوبة. وفي حديثه لصحيفة "نيويورك تايمز"، أكد قائد الوحدة الأوكرانية العاملة في "كورسك" هذا الوضع الأسبوع الماضي: “صحيح أنَّنا لا نستطيع إيقافهم. "إنَّهم يطردوننا، ويتقدَّمون في مجموعات مكوَّنة من 50 كوريا شماليًا في حين كان لدينا ستة رجال فقط في مواقعهم.”
في الأيام الأخيرة، نشر مدونون عسكريون روس (المعروفون أيضًا بإسم "milbloggers") مقاطع فيديو تبدو وكأنها تُظهر القوات الأوكرانية وهي تتراجع بسرعة في صفوف ضيقة. ولم يتم التأكد من صحة هذه الفيديوهات بشكل مستقل، ولكن المدونين العسكريين هم خبراء ومحللون عسكريون قوميون يعلقون ويصفون العمليات الحربية باستمرار.
AFU Infantry Having retreated from Martynovka on foot, arrive in eastern Sudzha. Hatedrop footage incoming.
— Ghost of Omsk (@SibirPrizrak) March 9, 2025
Coordinates:51°12'10.4"N 35°20'04.7"Ehttps://t.co/SxbkrBU82y pic.twitter.com/CPenpJT9bj
ويعتبر هذا تطوُّرًا سلبيًا للغاية بالنسبة لِـ «زيلينسكي»، الذي قدَّم في الأشهر الأخيرة الأراضي المحتلَّة في "كورسك" كورقة مساومة محتملة للحصول على تنازلات أكبر من روسيا في المفاوضات المستقبلية لإنهاء الحرب. إنَّ فقدان السيطرة على المنطقة بشكل كامل في هذه المرحلة من شأنه أن يضعف موقف حكومته في المفاوضات بشكل أكبر.
وفي الأيَّام الأخيرة، اتَّهم «زيلينسكي» «بوتين» بإعطاء إجابات غامضة على اقتراح وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا المتَّفق عليه بين أوكرانيا والولايات المتحدة، بهدف عرقلة تقدُّم الدبلوماسية وكسب الوقت في وقت تشهد فيه العمليات العسكرية الروسية، وبالأخص في "كورسك"، نجاحًا.
