هل حقًّا تجسّست الحكومة الإيطالية على الصحفيين والناشطين المنتقدين لِـ «جورجا ميلوني»؟ - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

السبت، 8 فبراير 2025

هل حقًّا تجسّست الحكومة الإيطالية على الصحفيين والناشطين المنتقدين لِـ «جورجا ميلوني»؟

الإيطالية نيوز، السبت 8 فبراير 2025 - تشير تقارير إلى أنَّ الصحفيين والناشطين الإيطاليين المعادين لسياسات حكومة «جورجا ميلوني» تعرضوا للتجسُّس. وقد ظهر الخبر عندما كشف «فرانشيسكو كانتشيلُّاتو»، مدير صحيفة "فانبايدج" الإلكترونية، أنَّه تلقَّى في 31 يناير إخطارًا من "ميتا" (شركة «مارك زوكربيرغ» التي تتحكَّم في "إنستغرام" و "فايسبوك" و"ثريدس" و "واتساب" تبلغه بانتهاك جهازه من قبل "اغرافيت"، وهو برنامج تجسُّس أَنتجته شركة "باراغون صولوشنز" الإسرائيلية. وبعد فترة وجيزة، أبلغ «لوكا كاساريني»، الناشط ومؤسِّس منظمة "ميديتيررانيا سايفين هيومانز" غير الحكومية، عن تجربة مماثلة. وبحسب مصادر داخل المنظمة غير الحكومية، تلقَّى ما لا يقل عن ثلاثة أعضاء في "ميديتيررانيا" تحذيرات مماثلة من "ميتا" تشير إلى أن أجهزتهم تعرَّضت للاختراق من قبل "اغرافيت".


ويُقدَّر عدد المشاركين في هذه الحملة بنحو 100 ناشط من مختلف أنحاء أوروبا. تشتهر برامج التجسُّس بأنَّها لا تحتاج إلى نقرة واحدة: يمكنها التسلُّل إلى أجهزة الضحايا من دون أي إجراء من جانب المستخدِم، ممَّا يضمن لها أداء وظيفتها في أقصى قدر من السرِّية. بمجرد التثبيت، يمكن لـ "اغرافيت" الوصول إلى الرَّسائل والمكالمات والصور والبيانات الحسَّاسة الأخرى، ما يُعرِّض خصوصية وأمان الاتصالات للخطر.


ما هو برنامج التجسس ودور باراغون "صولوشنز"

برامج التجسس هي نوع من البرامج الضارَّة المصمَّمة للتسلُّل إلى جهاز إلكتروني وجمع المعلومات من دون موافقة مستخدمه. توجد طرق مختلفة للإصابة، بما في ذلك التصيُّد الاحتيالي (يحدث خداع المستخدِم بدفعه إلى النَّقر على رابط ضار أو فتح مرفَق مفخّخ) والنَّقر من دون أي تفاعل من المستخدم، واستغلال نقاط الضعف غير المعروفة في نظام التشغيل أو التطبيقات). وبمجرَّد تثبيته، يمكن لبرامج التجسُّس تسجيل المكالمات والرَّسائل، والوصول إلى ملفَّات الوسائط مثل الصور ومقاطع الفيديو والمستندات، وتنشيط الميكروفون والكاميرا لتسجيل الصَّوت والفيديو في الوقت الفعلي من دون إخطار المستخدِم، وجمع بيانات الموقع لتتبُّع تحرُّكات الهدف غير المنتبه للاختراق.


وبشكل أكثر تحديدًا، يعد "اغرافيت" برنامج تجسُّس مُتقدِّمًا طوَّرته شركة "باراغون صولوشنز"، وهي شركة إسرائيلية متخصصة في حلول الاستخبارات السيبرانية والتي لها علاقات مع 35 دولة، وفقًا لصحيفة "الغارديان"، كلُّها قريبة من الولايات المتحدة. وذكرت الصحيفة البريطانية أنَّ الشركة لن تبيع برمجياتها للعُملاء المؤسِّسيين الذين اعترضوا في الماضي مكالمات أعضاء المجتمع المدني، بما في ذلك ديمقراطيات مثل اليونان وبولندا والمجر والمكسيك والهند.


جرى تصميم "اغرافيتي" للتسلُّل إلى الأجهزة من خلال استغلال الثغرات الأمنية غير المعروفة في تطبيقات المراسلة الفورية، مثل "واتساب". وقالت شركة "باراغون صولوشنز" إنَّها تبيع الجرافيت حصريا للحكومات ووكالات الاستخبارات لأغراض إنفاذ القانون المشروعة، مثل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. لكن الاكتشافات الأخيرة تثير الشكوك حول الاستخدام الحقيقي لهذا البرنامج واحتمال استخدامه لمراقبة أعضاء المجتمع المدني بشكل غير قانوني، حتَّى خارج إيطاليا.


الفضيحة في ايطاليا

سرعان ما اكتسبت فضيحة "اغرافيت" بُعْدًا سياسيًا في إيطاليا، وبالأخص عندما كشفت صحيفة "الغارديان" في السادس من فبراير أنَّ شركة "باراغون" أنهت قبل يومين عقدها القائم مع الحكومة الإيطالية بسبب مزاعم بإساءة استخدام برمجياتها في انتهاك لشروط الاستخدام. وكان العقد قد جرى تعليقه بالفعل، بحسب مصدر الصحيفة الإنجليزية، في الأول من فبراير كإجراء احترازي، بعد تصريحات «كانتشيلَّاتو». وطلب ممثِّلو أحزاب المعارَضة المختلفة، بما في ذلك التحالف الأخضر اليساري (Avs)، والحزب الديمقراطي (PD) وحركة النجوم الخمس (M5S)، من الحكومة تقديم توضيحات بشأن هذه التُّهم.


ووصف «جوزيبي كونتي»، زعيم حركة النجوم الخمس، القضية بأنها "ذات خطورة غير مسبوقة في نظام ديمقراطي"، وطلب توضيحات حول سبب مقاطعة الشركة الإسرائيلية للعلاقات التعاقدية مع إيطاليا "لأسباب أخلاقية".


من جهتها، نفت الحكومة الإيطالية أي تورُّط لأجهزة الاستخبارات. وفي بيان مؤرَّخ 5 فبراير، ذكر "بالاتسو كيدجي" (مقر رئاسة الوزراء) أن "سبعة إيطاليين كانوا ضحايا لهجوم قرصنة من خلال برامج التجسُّس المنتشرة على أجهزتهم عبر تطبيقة "واتساب" واستبعد أن يكون هؤلاء الأفراد قد خضعوا لمراقبات سرِّية استخباراتية.


وأفادت السلطة التنفيذية بأن الوكالة الوطنية للأمن السيبراني جرى تفعيلها لإجراء مزيد من التحقيقات في المسألة وقالت إنَّها مستعدة للإبلاغ إلى "كوباسير" (اللجنة البرلمانية التي تتعامل مع القضايا المتعلقة بالخدمات السرِّية، والتي يرأسها عادة المعارضة ويرأسها حاليًا الديمقراطي «لورينسو غويريني»).


إنَّ الارتباط بالسياسة ونطاق الاتهامات الموجَّهة للحكومة الإيطالية، فضلًا عن طبيعة وقواعد التعامل مع البرمجيات المستخدَمة، يمكن أن يُعزى إلى أنشطة الأشخاص الذين جرى التجسُّس عليهم في إيطاليا.


«كانتشيلَّاتو»، بصفته مديرًا لـلموقع الإلكتروني "فان بايدج"، يتولَّى مسؤولية التحقيقات التي تُجريها صحيفته، حيث كان فريق التحقيق "باكْستير" هو مؤلِّف دراسات متعمَّقة مرتبطة بمجموعات اليمين المتطرف (مع التحقيق في "لوبِّي نيرا") والأقسام الشبابية في حزب «جورجا ميلوني» (مع التحقيق في "دجوفينتو ميلونيانا"). وقد تسبَّب هذا العمل الأخير، على وجه الخصوص، في قدر لا بأس به من الإحراج لرئيسة الوزراء بسبب قرب الشباب في حزبها من قيم ورموز الفاشية.  القيم والرموز التي تحاول «ميلوني»، كرئيسة للحكومة الإيطالية، التحرُّر والتبرُّؤ منها على الرغم من التعثُّرات العديدة لحلفائها وزملائها في الحزب والحكومةويمكن أن يُنسب «كازاريني»، ونشاطه ونشاط منظمته غير الحكومية في إنقاذ حياة المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، إلى المعارضين للخط الأمني ​​الذي تنتهجه السلطة التنفيذية في التعامل مع الهجرة.


الحكومات والتجسُّس: قضية اليونان ـ بيغاسوس

تذكرنا فضيحة "باراغون" بقضية برنامج التجسُّس "بيغاسوس" التي تورَّطت فيها الحكومة اليونانية في عام 2022، قبل الانتخابات العامة في البلاد. "بيغاسوس"، مثل "اغرافيت"، هو برنامج تجسُّس معروف بأنَّه استُخدم لمراقبة الصحفيين والناشطين والسياسيين في بلدان مختلفة. جرى تطويره من قبل "مجموعة إن إس أو"، وهي شركة إسرائيلية أخرى، ولهذا السَّبب تعرَّضت لعقوبات من قبل الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس «بايدن» من خلال أمر تنفيذي في عام 2023.


في اليونان، تبيَّن في عام 2022 أن زعيم حزب المعارضة الاشتراكي "باسوك"، «نيكوس أندرولاكيس» (Nikos Androulakis)، والصحفي الاستقصائي «ثاناسيس كوكاكيس» (Thanasis Koukakis)، قد تعرَّضا للمراقبة باستخدام برنامج التجسُّس "بريداتور"، وهو برنامج مشابه لبرنامج "بيغاسوس". وقد أنكرت الحكومة اليونانية، بقيادة المحافظ «كيرياكوس ميتسوتاكيس» قبل الفضيحة وبعدها، شراء أو استخدام برامج التجسُّس، لكن التحقيقات كشفت أنَّ السلطات منحت تراخيص تصدير لبرامج "بريداتور"، ما أثار تساؤلات حول تواطؤها والتي لا تزال من دون إجابة حتَّى اليوم.