وفي أعقاب هذا الأمر، أصدرت 79 دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية بيانًا مشتركًا أكَّدت فيه "دعمها المستمر والثابت لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية وحيادها ونزاهتها" وأدانت قرار «ترامب». ويوجد بين الموقِّعين على الإعلان جميع دول القارة العجوز تقريبًا، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا، في حين أدان عدد مماثل من الشخصيات السياسية (من داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه) تصرُّفات «ترامب» في بيانات شخصية نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. ولم تُصدر الحكومة الإيطالية حتَّى الآن أي بيان بشأن عقوبات «ترامب»، ولم يتَّضح بعد ما إذا كانت تُخطِّط لاتِّخاذ موقف بشأن هذه المسألة.
ويأتي قرار إيطاليا بتجاهل بيان حلفائها في وقت يشهد احتكاكات بين حكومة «جورجا ميلوني» والمحكمة الجنائية الدولية بشأن قضية «نجيم أسامة»، الملقب بـ "المصري"، رئيس الشرطة القضائية الليبية، الذي جرى إطلاق سراحه ومساعدته على مغادرة إيطاليا إلى ليبيا على وجه السرعة بعدما جرى اعتقاله في تورينو بموجب مذكِّرة اعتقال دولية.
وصَدَر البيان المشترَك ضد أمر «ترامب»، أمس الجمعة 7 فبراير. وبهذا تعترف الدول بأسباب المحكمة الجنائية الدولية، مشيرةً إلى أنَّها اكتفت بـ “تنفيذ ولايتها وفقًا لنظام روما الأساسي”، معاقبتها على قيامها بواجبها. ومع ذلك، فإنَّ “مثل هذه التدابير تزيد من خطر الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم وتهدد بتآكل سيادة القانون الدولي.” وعلاوة على ذلك، فإنَّ العقوبات “يمكن أن تُعرِّض للخطر سِرِّية المعلومات الحسَّاسة وسلامة الأشخاص المعنيين، بما في ذلك الضحايا والشهود ومسؤولي المحكمة، وكثير منهم من مواطنينا.” وشدَّد البيان على أنَّ التحقيقات الجارية حاليًا معرَّضة للخطر، لأنَّ المكاتب الميدانية قد تضطرُّ إلى الإغلاق.
ووقَّع «ترامب» على أمره التنفيذي يوم الخميس 6 فبراير. وبهذا يتجاوز الرئيس قرار مجلس الشيوخ بعدم الموافقة على قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية، وهو مشروع القانون الذي سبق أن وافق عليه مجلس النواب. وينصُّ القرار على تطبيق عقوبات وتدابير تقييدية ضدَّ قضاة المحكمة "الَّذين شاركوا في أي محاولة للتَّحقيق أو اعتقال أو احتجاز أو مقاضاة أي" سياسي أميركي أو "شخص محمي" من دولة لا تعترف بالمحكمة الجنائية الدَّولية مثل الولايات المتحدة.
وفي الواقع، فإنَّ هذا الأمر يُنفِّذ محتوى مشروع القانون. وبهذا فإنَّ "الولايات المتحدة تعارض بشكل لا لبس فيه، وتتوقَّع من حلفائها أن يُعارِضوا، أي إجراء من جانب المحكمة الجنائية الدولية ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أي حليف أخر للولايات المتحدة لم يوافق على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية". وبين التدابير التي جرى اتِّخاذها تجميد الممتلكات والأصول وتعليق دخول المسؤولين والموظَّفين ووكلاء المحكمة وأفراد أسرهم المباشرين إلى الولايات المتحدة.