هذه هي النتيجة المثيرة للقلق للتَّحقيق المستقل "ماء بلا سموم"، الذي أجرته منظَّمة "السلام الأخضر" البيئية بين سبتمبر وأكتوبر 2024، والذي أدَّى إلى إنشاء أوَّل خريطة وطنية للتلوث بـ "المواد الألكيلية المفلورة والمتعددة الفلور".
وتصف الأرقام عيِّنة مقطعية ذات أبعاد مثيرة للقلق: بين 260 عيِّنة جرى جمعها في 235 مدينة في جميع المناطق والمحافظات المستقلَّة، تحتوي 206 منها على هذه المواد السامَّة.
تشير الدراسات العلمية إلى أنَّ "المواد الألكيلية المفلورة والمتعدِّدة الفلور" - وهي مواد اصطناعية تُستخدَم في العديد من العمليات الصناعية والمنتجات الاستهلاكية - يمكن أن تُسبِّب ضررًا للجهاز الغدد الصمَّاء والكبد والغُدَّة الدرقية والجهاز المناعي والخصوبة.
جرى تصنيف بعض "المواد الألكيلية المفلورة والمتعددة الفلور"، مثل "حمض البيرفلورو الأوكتانويك" (PFOA) و"حمض البيرفلورو الأوكتان السلفونيك" (PFOS)، على أنها مواد مسببة للسرطان أو مواد مسببة للسرطان محتملة.
وبناءً على نتائج المسح، وجد أنَّ الجزيئات الأكثر انتشارًا هي "حمض البيرفلوروكتانويك" (الموجود في %47 من العيِّنات والمصنَّف على أنَّه مُسبِّب للسَّرطان)، والمركَّب ذو السلسلة القصيرة للغاية "حمض ثلاثي فلورو أسيتيك" (%40) و مادَّة مسرطَنة محتملة "حمض البيرفلورو أوكتان سلفونيك" (%22).
يؤثِّر التلوُّث على جميع المناطق الإيطالية، مع وجود ثلاث عيِّنات إيجابية على الأقل في كلِّ منها، باستثناء "فالِّي داوُستا"، حيث جرى أخذ عيِّنتين فقط، وكلاهما إيجابيتان.
وتُعتبَر الأوضاع حرجة بشكل خاص في لومبارديا، والبييمونتي، وفينيتو، وإيميليا رومانيا، وليغوريا، وتوسكانا، وسردينيا، مع ارتفاع النسب في المدن الكبرى مثل ميلانو، وتورينو، وكالياري، وفي البلديات الأصغر مثل "فيرَّارا"، و"نوفارا"، و"أَلْغيرو".
وبين المواد المكتشفة، يستحق "حمض ثلاثي فلورو أسيتيك" اهتمامًا خاصًا. وهي من أكثر "المواد الألكيلية المفلورة والمتعددة الفلور" انتشارًا في العالم، وهي مواد ثابتة وغير قابلة للتدمير، ولا يمكن التخلُّص منها من خلال معالجات تنقية المياه التقليدية، ووفقًا لدراسات حديثة يمكن أن تُسبِّب تسمُّم الكبد والعيوب الخِلقية.
وسجَّلت منطقة "كاستيلاتزو بورميدا" (في محافظة "ألِسَّاندريا") أعلى تركيز (539،4 نانوجرام لكل لتر)، تليها "فيرَّارا" و"نوفارا". وتعتبر "سردينيا" و"ترينتينو ألتو أديجي" و"البييمونتي" المناطق الأكثر انتشارًا للتلوُّث بـ "حمض ثلاثي فلورو أسيتيك"، بنسب %77 و%75 و% 69من العَيِّنات الإيجابية على التوالي.
وعلى الرَّغم من خطورة المشكلة، فإنَّ الضوابط المفروضة على "المواد الألكيلية المفلورة والمتعددة الفلور" في مياه الشرب الإيطالية محدودة أو غائبة تمامًا في العديد من مناطق البلاد. ومع ذلك، تستضيف إيطاليا بعضًا من أخطر حالات التلوُّث في أوروبا، وخاصة في "فينيتو" و"البييمونتي".
