وبين الاتِّجاهات الأكثر إثارة للقلق وجود عائلات مشرَّدة بأكملها: مقارنة بعام 2023، زادت الأُسَر التي ليس لديها أي نوع من المأوى السكني بنسبة %39، في حين زاد عدد الأطفال المشرَّدين أيضًا بنسبة %33. علاوة على ذلك، يُسجّل أنَّ الأمريكيين من أصل أفريقي وحدهم يُمَثِّلون %32 من المشرَّدين بشكل عام.
في هذا الصدد، قالت «أدريان تودمان» (Adrianne Todman)، مديرة البرنامج، الذي يعمل تحت إشراف وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية: “لا ينبغي أن يكون أي أمريكي بلا مأوى، وإدارة بايدن هارِّيس ملتزمة بضمان حصول كل أسرة على السَّكَن المناسِب وبأسعار معقولة والآمن وعالي الجودة الذي تستحقه.” مضيفةً أنَّه "على الرغم من أن هذه البيانات عمرها عام تقريبًا ولم تعد تعكس الوضع الذي نشهده، فمن الأهمِّية بمكان أن نركِّز على الجهود القائمة على الأدلَّة لمنع التشرُّد وإنهائه".
وبين الأسباب الرئيسية التي أدُّت إلى زيادة التشرد، يسلِّط التقرير الضوء بشكل خاص على الكوارث الطبيعية، وموجات الهجرة في أجزاء مختلفة من البلاد، ونقص السكن بأسعار معقولة. ونحن نقول أكيد أن تبني أوكرانيا وتمويل حربها ضد روسيا على حساب الشعب الأمريكي لن يؤخذ بعين الاعتبار.
وحسب التقرير، كان للهجرة تأثيرُُ ملحوظُُ بشكل خاص على التشرُّد الأسري، الذي زاد بنسبة %39 من عام 2023 إلى عام 2024. وفي المجتمعات الـ 13 التي أبلغت عن تأثرها بالهجرة، تضاعف التشرُّد الأسري. بينما في المجتمعات الـ 373 المتبقية، كانت الزيادة في عدد الأسر المشرَّدة أقل من %8. وفقًا لوزارة الولايات المتحدة، استقرت الإيجارات بشكل ملحوظ منذ يناير 2024، وذلك عندما أضافت وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية 435.000 وحدة إيجارية جديدة في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024؛ أي أكثر من 120.000 وحدة جديدة كل ثلاثة أشهر. وخلال الحملة الانتخابية، أشار الرئيس المنتخب «دونالد ترامب» مرارََا وتكرارًا إلى أنَّ الهجرة هي سبب ارتفاع أسعار المنازل، مؤكِّدًا على أن نيته تنفيذ "أكبر عملية ترحيل في التاريخ الأمريكي" من شأنها أن تُخفِّض أسعار السَّكن.
كما أدَّت الكوارث الطبيعية إلى تفاقم الوضع، وأبرزها "حريق ماوي" في "هاواي" العام الماضي، والذي ترك العديد من الناس في ملاجئ الطوارئ في وقت النتائج التي توصَّلت إليها وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية.
ستتفاقم هذه الظاهرة أيضًا بسبب عدم وجود سياسات دعم مستهدفة: وفقًا للرئيس التنفيذي المؤقت للائتلاف الوطني للإسكان منخفض الدخل، «رينيه ويليس» (Renee Willis)، فإنَّ “الزيادة في عدد المشرَّدين هي نتيجة مأساوية، ولكن يمكن التنبُّؤ بها، لعدم كفاية الاستثمار في الموارد ووسائل الحماية التي تساعد الأشخاص في العثور على سكن آمن وبأسعار معقولة والحفاظ عليه.”
وفي محاولة للحدِّ من هذه الظاهرة، تمنع العديد من الولايات القضائية، وبالأخص في غرب الولايات المتحدة، النوم في الهواء الطَّلق، منذ أن حكمت المحكمة العليا في يونيو بأنَّ مثل هذا المنع لا ينتهك التعديل الثامن.
وفي الوقت نفسه، تمكَّنت العديد من المدن الكبرى من تقليل عدد المشرَّدين، بما في ذلك "دالَّاس" و "لوس أنجلوس" ومقاطعة "تشيستر"، وفقًا لتقرير صادر عن وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية. علاوة على ذلك، تفيد تقارير وزارة الإسكان والتنمية الحضرية في الولايات المتحدة أنه بفضل جهودها، انخفض عدد المشرَّدين على المدى الطويل بنسبة %8، من 35.574 في عام 2023 إلى 32.882 في عام 2024.
وتأتي هذه البيانات وسط التزام إدارة «بايدن» بزيادة التمويل للإسكان العام وتوسيع الخدمات التي تهدف إلى منع التشرُّد. ومع ذلك، تشير الزيادة في عدد المشردين إلى الحاجة إلى إدخال المزيد من الإصلاحات المنهجية: وصف المدير التنفيذي السابق للمجلس الأمريكي المشترك بين الوكالات المعني بالتشرُّد من 2019 إلى 2021، «روبرت ماربوت جونيور» (Robert Marbut Jr)، الزيادة بنسبة 33 بالمائة تقريبًا في التشرُّد في السنوات الأربع الماضية في الولايات المتحدة بأنَّها "مخزية".
ومن المثير للدَّهشة كيف أن واحدة من أغنى البلدان في العالم تتميَّز ليس فقط بالعدد الكبير من المشرَّدين، بل وأيضًا بالاستخدام المتزايد للمواد المخدِّرة والمواد الأفيونية الاصطناعية مثل "الفنتانيل". وهو ما يدلُّ على أن المجتمعات التي تتميَّز بالرفاهية المادية العالية ليست بالضرورة مجتمعات "صحية" حيث تكون مستويات المعيشة مضمونة للجميع بالتساوي.