رئيس الأرجنتين «خافيير مايلي» لم يفي بوعوده الانتخابية بعد سنة من الحكم - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الأحد، 15 ديسمبر 2024

رئيس الأرجنتين «خافيير مايلي» لم يفي بوعوده الانتخابية بعد سنة من الحكم

الإيطالية نيوز، الأحد 15 ديسمبر 2024 - احتفل رئيس الأرجنتين، الليبرالي المُتَشَدِّد «خافيير مايلي» (Javier Milei)، يوم الثلاثاء، بمرور عام على تولِّيه منصبه من خلال إلقاء خطاب تلفزيوني عدواني ومُفرِط، أظهر مدى عدم "تطبيعه" على الرغم من إثني عشر شهرًا من دعم الحكومة له. يواصل «خافيير مايلي» تنفيذ إجراءات جِذرية، ويتجادل مع الجميع ويهين الجميع، ويستخدم استعارة "المِنشار" لتمجيد تخفيضات حكومته في الإنفاق العام (أصبح «مايلي» وهو يحمل المنشار إحدى أشهر الصور لـ حملته الانتخابية، والتي سلَّطت الضَّوء أيضًا على عدوانيته وتجاوزاته).


وكان «مايلي» قد بنى ترشيحَه على الحاجة إلى اتِّخاذ تدابير للاستجابة لأزمة اقتصادية عميقة وطويلة: إنَّ النتائج التي جرى الحصول عليها خلال هذه الأشهر الإثني عشر خارجة عن المألوف، سواء بالمعنى الإيجابي أو السلبي.


نجح «مايلي» في خفض معدَّلات التضخُّم والدِّين العام حتَّى بما يتجاوز التوقُّعات، وجعل العُمْلة الأرجنتينية، "البيسو"، أكثر استقرارًا وأقوى مقابل الدولار، واكتسب ثقة المستثمرين الأجانب. وفي الوقت نفسه، أدَّت تخفيضاته العشوائية إلى جعل مُعظم الأرجنتينيين أكثر فقرًا، وتسبَّبت في فقرٍ مُدقعٍ بنسبة %53 منهم. وانخفضت القوَّة الشرائية، وبالتَّالي الاستهلاك، وارتفعت البطالة بشكل حاد.


بالنسبة لِـ «ميلي»، تُعتَبرُ هذه البيانات الأخيرة خطوة ضرورية في "العلاج بالصَّدمة"، كما يعرفها، والمُصمِّم لعكس مسار الاقتصاد الأرجنتيني بشكل نهائي، والذي واجه لسنوات دورات من التضخُّم المرتفع والانهيارات النقدية والزيادات الكبيرة في الدِّين العام ومخاطر التخلُّف عن السَّداد. ومع ذلك، يُشير المنتقدِون إلى أن التحسُّن في مؤشِّرات الاقتصاد الكلِّي، والذي لا يزال بحاجة إلى تأكيد على المدى الطويل، جرى تحقيقه "بقسوة وانعدام حساسية"، كما قال وزير الداخلية السابق «إدواردو دي بيدرو» (Eduardo de Pedro)، وهو عضو في معارَضة يسار الوسط.


وارتفع معدل التضخُّم على أساس شهري من %26 في ديسمبر 2023 إلى %2،7 في أكتوبر 2024: في الواقع، الأسعار من شهر إلى أخر هي نفسها تقريبًا. وهذا ليس بالأمر المُسَلَّم به في الأرجنتين، حيث اعتاد الكثير من الناس على إنفاق رواتبهم على الفور لتجنُّب فقدان قيمتها في غضون أسبوع. وفي الأشهر الأخيرة أظهرت الحسابات العامَّة فائضًا: أَيْ أنَّ الإيرادات كانت أكثر من النفقات. وفي هذه الحالة أيضًا، يُعتبَر هذا تغييرًا كبيرًا مقارنة بالسنوات العشر إلى العشرين الماضية، التي نما فيها الدَّيْن العام تدريجيًا، مما أجبر الحكومات المختلفة في كثير من الأحيان على طباعة النقود لسداد جزء منها (مع انخفاض قيمة العملة).


هذه النتيجة، التي وصفها «مايلي» بأنَّها "أكبر تصحيح مفاجئ للحسابات في تاريخ البشرية"، جرى الحصول عليها من خلال تخفيضات هائلة وعشوائية في الإنفاق العام، حيث جرى تخفيضها بنسبة 74 في المائة للمعاشات التقاعدية والمدارس والرعاية الصحية والبحث العلمي والثقافة والتنمية الاجتماعية. وظهر أثر «المنشار» بوضوح على الرواتب العامة ودعم الطاقة والنقل، فضلاً عن برامج المساعدة الاجتماعية: جرى فصل 35 ألف موظَّف بالدولة، وزادت أسعار أُجرة الحافلات عشرة أضعاف، وارتفعت أسعار البنزين بنسبة 715 بالمئة. وفي بعض الأحياء السَّكنية الأكثر فقرًا، عاد الناس إلى الطهي على النيران الخشبية.


 كما جرى تحرير سوق الإيجارات: حيث تمكَّن المُلَّاك من تعديل الأسعار لتتناسب مع التضخُّم وتغيير الإيجارات كل ثلاثة أشهر. ارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأصبحت في بعض الأحيان غير قابلة للمُستأجَرين.


توقَّفت الزيادات في الأسعار في الأشهر الأخيرة، وذلك أيضًا لأن "البيسو" توقَّف عن تخفيض قيمته، ولكن في عام واحد زاد عدد الفقراء بمقدار 5 ملايين، من إجمالي عدد السكَّان الذي يقل عن 47 نسمة، واستمر الاقتصاد في الرُّكود، مع انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3،4 في المئة. 


لكن كلاً من "صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي" يتوقَّعان نمواً بنسبة 5 في المائة لعام 2025 واستقرار "البيسو"، الذي وصفه «مايلي» بأنَّه "البُرَاز" خلال الحملة الانتخابية، من شأنه أن يسمح بتوحيد سعر الصرف الرسمي مع الدولار مع سعر الصرف في السوق السوداء في عام 2025. وكان تخفيض قيمة "البيسو"، وهو أحد التدابير الأولى التي اتَّخذها الرئيس، قد أدَّى إلى خفض القوَّة الشرائية للأرجنتينيين، لدرجة أنَّ الاستهلاك انخفض بنسبة 15 في المائة في عشرة أشهر. وفي كثير من الحالات، أصبح التسوُّق في تشيلي أو البرازيل أكثر ملاءمة أيضًا.


على الرَّغم من التخفيضات والتضحيات والفقر، ظلَّت مُعدَّلات تأييد «مايلي» مُستقِرَّة: فقد جرى انتخابه بنسبة 56 في المائة من الأصوات، وتُشير استطلاعات الرأي إلى أن 53-56 في المائة من السكَّان اليوم لديهم رأي إيجابي بشأن رئاسته. ويواصل حشد تأييده من خلال التصريحات والمنشورات المستمرَّة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يُعرِّف فيها نفسه على أنه مدفوع بـ "قوى السماء" ويرفض فيها جميع المنتقدِين من خلال اتِّهامهم بأنهم "يساريون قَذِرون".


أصبحت العديد من الإصلاحات والتخفيضات والمبادرات الاقتصادية ممكنة بفضل الموافقة على ما يُسَمَّى بِـ "القانون الأساسي" في يونيو، والذي يتكوَّن من 238 مادة ويحتوي على سلسلة كاملة من الإصلاحات. كانت الموافقة عليه إنجازًا ملحوظًا لِـ «ميلي». في البرلمان، يَضُمُّ الحزب الذي أسَّسه، "لا ليبيرتاد أبانثا" (الحُرِّية تَتَقدَّم)، عددًا صغيرًا جدًا من البرلمانيين: أقل من %10 في مجلس الشيوخ وأقل من %15 في مجلس النوَّاب. لكنه في تلك الحالة حصل على دعم اليمين التقليدي برُمَّته، وفي الحالات الأخرى استخدم أدوات مراسيم الضرورة والاستعجال و "الفيتو الرئاسي"، ممَّا سمح له بتجاوز البرلمان.


وظلَّت علاقاته مع بقيَّة الطبقة السياسية سَيِّئة: ففي عام واحد أقال رئيس أركان الحكومة، ووزير الخارجية ووزير البنية التحتية، فضلاً عن العشرات من المسؤولين. لعدَّة أشهر، قطع كل علاقاته تقريبًا مع نائبة الرئيس «فيكتوريا فيلارويل»، التي لديها مواقف يمينية متطرفة أكثر من الرئيس: تُعرّفها «مايلي» الآن بأنَّها "شخص ليس له أي تأثير على الإطلاق عند اتِّخاذ القرارات". ولا يزال الأشخاص الأكثر نفوذا في حكومته هي شقيقته «كارينا» سكرتيرة الرئاسة، و«سانتياغو كابوتو» (Santiago Caputo) الذي كان مستشارًا للحملة وهو الآن مستشار "للسلطة التنفيذية".


وظلَّ خطابُ رئيس الأرجنتين، «خافيير مايلي»، عدوانيًا و"غير صحيح"، مع إهانات متكرِّرة للمعارضين السياسيين، ولكن أيضَا لبعض الحلفاء ورؤساء الدول الأجنبية (كانت التوتُّرات الرئيسية مع الرئيس البرازيلي «لولا» ورئيس الوزراء الإسباني «بيدرو سانشيز»). الهجمات على الصحافة تكاد تكون يومية، وهي موجَّهة إلى الفئة بأكملها، ولكن أيضًا إلى الصحفيين الأفراد. وقد أطلق عليهم إسم "الفاسدين والقَذِرين والعاهرات والكذَّابين والمبتزِّين". في خطاباته أو منشوراته، هناك تعبيرات متكررة معادية للمثليين، واستعارات جنسية واستخدام بعض الكلمات المعينة، على سبيل المثال "معاق"، للإهانة.


وفي خطابه بمناسبة مرور عام على رئاسته، قال إن الأرجنتين تجاوزت المرحلة الأكثر صعوبة، ووعد بمزيد من التخفيضات في الهياكل العامة ("كلما صَغُرَت الدَّولة، زادت الحرية") وطلب دعم مرشَّحي حزبَه قبل الانتخابات النصفية المقرَّرة في أكتوبر المقبل. لكن للحصول على تمثيل برلماني أكثر صلابة، يجب تحويل البيانات الاقتصادية الإيجابية إلى تحسُّن في ظروف السكّآان، حتى لا يخاطروا بفقدان دعمهم وثقتهم.