وأبطلت محكمة ميلانو، أمس، طلب إلغاء اللُّجوء السياسي، وبالتالي واستعادة وضع اللاجئ له. بدأت رحلته بالبحث، ثم الفصل من المؤسَّسة التعليمية حيث كان يعمل فيها. وفي الفترة من فبراير إلى مارس، ألغت اللجنة الإقليمية وضعه كلاجئ، ما أدَّى إلى نقله إلى مركز احتجاز "بونتي غاليريا"، في روما، وهو مركز احتجاز لعمليات الإعادة إلى الوطن.
وأمام رجال الشرطة الذين نزلوا إلى منزله على إثر نشر بعض المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تضامنًا مع الفلسطينيين، غداة بدء العدوان الإسرائيلي عام 2023، دافع «سيف» قال ما كان يعتقده، أي أنَّ حماس ليست منظَّمة إرهابية، ولكنَّها جماعة مقاومة. لكن هذا كان كافيًا بالنسبة للمؤسَّسة التي كان يعمل فيها، مدرسة "شاتوبريان" الثانوية في روما، لمنعه من العودة إلى العمل "لأسباب تتعلق بالأمن"، كما لو يكون عدوانيا أو مختلا عقليا تنتابه نوبات صرع عنيفة. وفي الأسابيع التالية، جرى إلغاء وضع اللاجئ الخاص به وتم إخطاره لاحقًا بأمر الطرد من الأراضي الإيطالية. ثم جرى نقل الرجل إلى مركز الإعادة إلى الوطن في "بونتي غاليريا"، في انتظار طرده من إيطاليا.
وبعد ما يقرب من عام، يبدو أن القضية القانونية قد وصلت إلى نهايتها: فقد أعادت محكمة ميلانو في الواقع وضع اللاجئ لِـ سيف، وقبلت طلب المحامين ضد إلغاء طلب اللجوء لأسباب "الحماية". ووفقًا لما صرَّح به محامي سيف لصحيفة "إندبندنتي"، فإنَّ قصة الرجل “هي جزء من إطار من التجانس والترهيب فيما يتعلَّق بما أصبح الآن انتقادًا واسع النِّطاق للسياسات الإسرائيلية في غزة"، لأنَّ "سيف يصبح من وجهة النظر هذه رمزياً للتعليم الذي نريد تقديمه للأشخاص الذين يتنقَّلون في الاحتجاج.”
قصة «سيف» ليست قصة معزولة: توجد محاولات عديدة لفَرض الرقابة على أفكار من يعارضون التيار السَّائد، الذي يفرض الدَّعم غير المشروط لإسرائيل من خلال وصف أي رأي مختلف بأنه "إرهاب" أو "معاداة للسامية". هذا التيار السَّائد، الذي تترأسه رئيسة مجلس الوزراء في إيطاليا، جورجا ميلوني وتدعمه بقوة حكومتها بمعزل عن المواطنين، يعمل كل ما في وسعه لقمع، وإسكات، ومصادرة الحق في التظاهر السلمي، من المظاهرات المحظورة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني إلى الاضطهاد القضائي بسبب المحتويات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن عشرات الإجراءات الاحترازية للمتظاهرين المؤيِّدين لفلسطين إلى الوقفات الاحتجاجية الملغاة على ضوء الشموع. وتوجد محاولات عديدة لإسكات أصوات المطالبين بالعدالة لسكان غزة المضطهدين، الذين يتجرعون جميع أنواع العذاب والتقتيل لأكثر من سنة في جحيم العدوان العسكري الصهيوني، ووفي ظل صمت للمجتمع الدولي ودول الشرق الأوسط، التي كلما تذكرت فلسطين تضع تضع خطوة إلى الأمام، نحو التطبيع مع آلة الشر المتخصِّصة في القتل.