رئيس كوريا الجنوبية يعلن عن تفعيل "الأحكام العرفية" لاستبدال الحكومة المدنية بحكم عسكري - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2024

رئيس كوريا الجنوبية يعلن عن تفعيل "الأحكام العرفية" لاستبدال الحكومة المدنية بحكم عسكري

الإيطالية نيوز، الثلاثاء 3 ديسمبر  2024 - أعلن رئيس كوريا الجنوبية «يون سوك يول» (Yoon Suk-yeol) في خطاب متلفز اليوم الثلاثاء عن قيامه بتفعيل الأحكام العرفية، وهو إجراء يمنح سلطات استثنائية للجيش، ويحمنع جميع الأنشطة السياسية ويطالب الحكومة بالسيطرة على الصحافة، بين أمور أخرى. لقد كان قرارًا غير متوقَّع، مما تسبَّب في الكثير من أعمال الفوضى في البلاد احتجاجا على هذا القرار الخطير للغاية والمهدِّد بوأد حرية المواطنين. وبعد ثلاث ساعات وافق البرلمان (الذي تسيطر عليه المعارضة) على تعليق الأحكام العرفية. لا نعرف ماذا قد يحدث الآن.


تعيين الجنرال «بارك آن سو» قائدًا لتطبيق "الأحكام العرفية"

عينت إدارة الرئيس «يون سوك يول» الجنرال «بارك آن سو» (Park An-su) رئيسًا لإدارة وتنفيذ "الأحكام العرفية"، والذي يشغل منصب رئيس أركان الجيش منذ أكتوبر 2023.


ونشرت صحيفة "كوريا هيرالد"، وهي صحيفة كورية جنوبية تصدر باللغة الإنجليزية، صورة لمركبة مدرَّعة تابعة للجيش في شوارع "سيئول"، أرسلها لها أحد القراء .


مباشرة بعد إعلان الرئيس «يون»، أغلقت مجموعة من الشرطة الوصول إلى البرلمان، ومنعت بعض الأشخاص من الدخول: تم تصوير هذه اللحظة من قبل مصور وكالة أسوشيتد برس" «لي جين مان».

زعيم المعارَضة يطلب من الجميع الذهاب إلى البرلمان

طلب «لي جاي ميونج» (Lee Jae-myung)، زعيم الحزب الديمقراطي، حزب المعارَضة الرئيسي، من جميع الكوريين الجنوبيين التظاهر أمام البرلمان، الذي أغلقته الشرطة حاليًا.

وقال «لي»: “تعالوا على الفور واحموا آخر معقل للديمقراطية!، لأنَّ الدبَّابات والمدرَّعات والجنود المسلَّحون بالبنادق سيسيطرون قريباً على هذا البلد.”

وبالفعل تجمَّع بعض المتظاهرين أمام البرلمان ويحاولون الدخول إليه.


لم يحدث تطبيق الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية منذ أكثر من 40 عامًا. وهذه هي المرَّة الأولى التي يُعلِن فيها رئيس كوريا الجنوبية "الأحكام العرفية" منذ نهاية الدكتاتورية العسكرية في البلاد، والَّتي انتهت في الثمانينيات.

في السنوات الأولى لـ "جمهورية كوريا"، الإسم الرَّسمي لكوريا الجنوبية، استخدمت الحكومات "الأحكام العرفية" على نطاق واسع، بالأخص خلال فترات الدكتاتورية العسكرية الطويلة بين الخمسينيات والثمانينيات.

كما جرى فرض "الأحكام العرفية" لأوَّل مرة لفترة قصيرة في عام 1948. ثم جرى إعلانها مرَّة أخرى بين عامي 1950 و1953 خلال الحرب الكورية ضد كوريا الشمالية.

بدأَ استخدام هذا النوع من النظام كأداة لقمع المعارَضة والحفاظ على السلطة فعلياً في ستينيات القرن العشرين، بعد أن استولى جيش كوريا الجنوبية على السلطة في انقلاب عام 1961 وفرض المجلس العسكري بقيادة الجنرال «بارك تشونغ هي». بالإضافة إلى حل البرلمان، كان أوَّل ما فعله المجلس العسكري هو فرض "الأحكام العرفية". وظل «بارك» في السلطة حتى عام 1979، عندما اغتيل على يد أجهزة المخابرات الكورية الجنوبية.

استمرت الدكتاتورية العسكرية حتى عام 1988 تحت قيادة الجنرال «تشون دو هوان»: وقع فرض الأحكام العرفية آخر مرة في مايو 1980، عندما قام الجيش بقمع الاحتجاجات المؤيِّدة للديمقراطية بعنف ومنع، مرة أخرى، ممارسة جميع الأنشطة السياسية.

وقال رئيس كوريا الجنوبية «يون سور يول» إنه فرض الأحكام العرفية "للقضاء على القوات الكورية الشمالية" في كوريا الجنوبية. واتَّهم المعارَضة بالسيطرة على البرلمان والتعاطف مع كوريا الشمالية وشل عمل الحكومة من خلال أنشطة "مناهضة للدولة". ولم يوضِّح المزيد ولكن يبدو أن كوريا الشمالية في الواقع لا علاقة لها بالأحكام العرفية. ومن المرجح أن تكون أداة لمهاجمة المعارضة الداخلية.

من جانبه، كما طلب الرئيس السابق «مون جاي إن» (Moon Jae-in) من الكوريين الجنوبيين "إنقاذ الديمقراطية". وقبل فترة قصيرة، طلب الرئيس السابق «مون جاي إن»، الذي كان يترأَّس الدولة من 2017 إلى 2022 وتعبيراً عن الحزب الديمقراطي، حزب المعارضة الرئيسي، الكوريين الجنوبيين إلى مواجهة اغتصاب الديقراطية وأسر الحريات.

نص إعلان الأحكام العرفية
وفيما يلي ترجمة لإعلان الأحكام العرفية.
لحماية الديمقراطية والمواطنين من تهديد القوى المعادية للدولة التي تعمل سرًّا داخل جمهورية كوريا، والتي تحاول الإطاحة بالنظام، جرت الموافقة على التدابير التالية في جميع أنحاء أراضي كوريا الجنوبية، والتي ستكون فعَّالة اعتبارًا من الساعة 11:00 مساءً يوم 3 ديسمبر 2024.

   1. تُمنَع جميع الأنشطة السياسية، بما في ذلك عمليات "الجمعية  الوطنية" [برلمان كوريا الجنوبية] والمجالس المحلية والأحزاب السياسية والجمعيات، فضلاً عن التجمُّعات والمظاهرات.
     2. يُمنَع تمامًا أي نشاط يهدف إلى إنكار النظام الديمقراطي أو تخريبه، بما في ذلك التضليل والتلاعب بالرأي العام والتحريض.
    3. تخضع وسائل الإعلام والمطبوعات بكافة أنواعها لسيطرة الأحكام العرفية.
     4. تُمنَع جميع الأنشطة التي يمكن أن تثير الاضطرابات الاجتماعية مثل الإضرابات وتباطؤ الإنتاج والاجتماعات.
   5. سيتعيَّن على المتخصِّصين في الرِّعاية الصحِّية، بما في ذلك المتدرِّبين المُضرِبين حاليًا أو المتغيِّبين عن العمل، العودة إلى مكان العمل في غضون 48 ساعة. سيُعَاقَب المخالفون بموجب الأحكام العرفية.
   6. ستحدثُ الموافقة على إجراءات للحدِّ من الاضطرابات بين المواطنين العاديين، غير المنتمين إلى القوى المعادية للدولة أو الذين يسعون إلى تخريب النظام.
   7. سيتعرَّض المخالفون للاعتقال والاحتجاز والتفتيش حتى من دون أمر قضائي، وفقًا للمادة 9 من القانون العرفي لجمهورية كوريا، وسيعاقبون بموجب المادة 14 من القانون  نفسه".

 صورة لبعض الأشخاص، ومن بينهم برلمانيون، وهم يحاولون دخول البرلمان ولكن جرى منعهم من قبل ضباط الشرطة.

وفي الوقت نفسه، يجري تداول مقاطع فيديو أخرى لعربات مُدرَّعة تابعة للجيش في شوارع "سيئول".

وبصوتٍ واحدٍ صَوَّت برلمان كوريا الجنوبية ء الذي تسيطر عليه المعارَضة ء على رفض العمل طبقًا لِـ "الأحكام العرفية". ويَنُصُّ قانون كوريا الجنوبية على أنَّ البرلمان لديه القدرة على إلغاء "الأحكام العرفية" من خلال التصويت: ولكن في الوقت نفسه، تمنع الأحكام العرفية جميع الأنشطة السياسية، بما في ذلك تلك التي يُمارِسها البرلمان نفسُه. وحضر القاعة 190 من أصل 300 برلماني: جرت الموافقة على الاقتراح بالإجماع. كتبت "بي بي سي" أن نواب المعارضة والأغلبية كانوا حاضرين (سيطرت المعارضة على البرلمان لمدة عامين).

هل أخطأ الرئيس «يون» في حساباته؟
لاحظ العديد من المراقبين الدوليين أنَّ البرلمان علَّق تفعيل الأحكام العرفية بعد ما يزيد قليلاً عن ساعتين من الإعلان التلفزيوني المباشر للرئيس «يون»، وذلك بتصويت بالإجماع من 190 برلمانيًا. في الأساس، تمكَّن 190 نائبًا من دخول البرلمان على الرغم من إغلاق المبنى ومحاصرته من قبل الشرطة بعد وقت قصير من إعلان «يون». في هذه المرحلة هناك حالتان: إما أن البرلمانيين المعارِضين كانوا أسرع من الشرطة، أو أنَّ قوات الشُّرطة الكورية الجنوبية لم تكن قادرة على منع وصول البرلمانيين، مما يعني فعليًا رفض استخدام القوة (في الوقت الحالي لا أحد يتحدَّث عن الإصابات أو العنف).

 وقال «لي سيونغ يون» (Lee Seong-yoon)، عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي والقاضي السابق، لِـ "بي بي سي نيوز" إنَّه لكي يدخل البرلمان اضطرَّ إلى تَسلُّق السِّياج: في الواقع لم تسمح له الشرطة بالدخول، على الرَّغم من أنَّه أظهر بطاقةً تُثبت منصبَه.

الوضع السياسي قبل "الأحكام العرفية"
باختصار شديد: كوريا الجنوبية جمهورية شبه رئاسية يتناوب فيها حزبان رئيسيان على السلطة لسنوات عديدة: "حزب قوة الشعب" (PPP) اليميني و"الحزب الديمقراطي" (DPJ) الوسطي، وهو حزب المعارَضة الرئيسي حاليًا.

وعلى مدى عامين، كان الرئيس «يون سوك يول»، من "حزب قوة الشعب"، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية على منافسه من "الحزب الديمقراطي الياباني" بفارق 0،7 في المائة. إلَّا أنَّه واجه خلال فترة ولايته عدة صعوبات في الحكم: كان "الحزب الديمقراطي"، في المعارَضة، يتمتَّع دائمًا بالأغلبية في البرلمان، ممَّا حد من عمل حكومة الأقلِّية المدعومة من "حزب قوة الشعب" والتي يقودها رئيس الوزراء المستقل «هان داك سو» (Han Duck-soo).

وتفاقم الوضع بعد الانتخابات التشريعية التي أُجريت في أبريل 2024، والتي حصل فيها "الحزب الديمقراطي" على 170 مقعدًا من أصل 300 في البرلمان مقابل 108 مقاعد لِـ "حزب قوة الشعب". واحتفظت حكومة الأقلية بالسُّلطة، لكنَّها فشلت منذ ذلك الحين في إقرار أي قوانين، ولا سيما "قانون الميزانية"، الذي رفضه البرلمان الأسبوع الماضي فقط.

 أصبحت نسبةُ موافقة «يون سوك يول» منخفضةً جدًّا الآن. يُعتبَر رئيسًا غير حاسم إلى حدٍّ ما وقد تورَّط في عدة فضائح في الأشهر الأخيرة: أهمُّها يتعلَّق بزوجته المتَّهمة بالفساد واستغلال النفوذ. وفي الأسابيع الأخيرة، حاولت المعارضة فتح تحقيق خاص ضدَّه واقترحت قبل بضعة أيام فتح إجراءات عزل ضدَّ عدد من أعضاء الحكومة، مُتَّهمةً إياهم بعدم التحقيق مع زوجة «يون» على الرَّغم من علمهم بالوضع.