ومع ذلك، أكَّد «نتنياهو» مجددا على أنَّ الحكومة الإسرائيلية تحتفظ بالحقِّ في استئناف الهجمات إذا رأت أن "حزب الله" قد انتهك الاتفاقيات.
وينصُّ الاتِّفاق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق الجنوبية في لبنان، بينما يتعيَّن على "حزب الله" تحريك قوَّاته شمال "نهر الليطاني". وفي جنوب لبنان، ستُنشَأُ منطقة عازلة حيث يتعيَّن على الجيش اللبناني النظامي (الذي يختلف عن جيش "حزب الله") أن يتدخَّل.
وقال «نتنياهو» إنَّ مدَّة وقف إطلاق النَّار ستعتمد "على ما يحدث في لبنان" وأنَّ الولايات المتحدة ستضمن القدرة على الرَّد في حالة شنِّ "حزب الله" هجمات. وأوضح أيضًا ثلاثة أسباب دفعته إلى قبول وقف إطلاق النار: "التركيز على إيران"، والسَّماح للجيش بالراحة وتجميع الأسلحة والذخيرة؛ وعزل حماس.
وبدا أنَّ «نتنياهو» كان يريد، في المقام الأوَّل، من خلال الخطاب المتلفَز طمأنة العناصر الأكثر تطرُّفًا في حكومته والرأي العام، مكرِّرًا أنَّ الحرب "لم تنته بعد". ومن الأسباب التي تجعل وقف إطلاق النار مناسبًا، أدرج «نتنياهو» أيضًا الحاجة إلى تجديد ترسانة الجيش، فيما جرى تفسيره على أنَّه انتقاد للتأخير في توريد الأسلحة من الولايات المتحدة.
خلال المفاوضات، لم تتفاعل إسرائيل و"حزب الله" بشكل مباشر، وتمت الوساطة في العملية من قبل الولايات المتحدة وفرنسا. اتِّفاق وقف إطلاق النار سيُنهي على الأقل بشكل مؤقَّت المرحلة الأكثر كثافة من الهجمات الإسرائيلية العشوائية على لبنان، والتي يجري تنفيذها منذ أواخر سبتمبر، عندما غزا الجيش الإسرائيلي أيضًا جنوب لبنان، مُدَّعيًا أنَّه يريد تأمين حدوده الشمالية وتفكيك وجود "حزب الله".
منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، أطلق حزب الله آلاف الصواريخ على شمال الأراضي الفلسطينية المحتلَّة من الجيش الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، وبالأخص في الأشهر الأخيرة، قصفت إسرائيل جنوب لبنان والعاصمة بيروت بشكل مكثَّف، فأصابت مباني سكنية بأكملها وقتلت آلاف الأشخاص.
جرت مناقشة إمكانية التوصُّل إلى اتِّفاق لبضعة أيَّام، ولكن يبدو أنَّ الصعوبات الرئيسية التي يجب التغلُّب عليها هي تلك الموجودة داخل الحكومة اليمينية في إسرائيل نفسها، بدعم من السياسيين القوميين المتطرِّفين، بما في ذلك وزير الأمن القومي «آيتمار بن غفير» ووزير المالية «بتسلئيل سموتريش»، الذي عارض دائمًا وقف إطلاق النار وهدَّد بسحب دعمه للحكومة إذا جرت الموافقة عليه. وحتَّى قبل الإعلان الرَّسمي، تجمَّع بضع عشرات من الأشخاص خارج مقر الجيش الإسرائيلي للاحتجاج على الاتِّفاق ووقف إطلاق النَّار، بحُجَّة أنَّه لن يضمن أمن شمال البلاد في المستقبل.
قبل ساعات قليلة من اجتماع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي لاتِّخاذ قرار بشأن وقف إطلاق النار، نَفَّذت إسرائيل هجومًا كبيرًا على العاصمة اللبنانية بيروت. وقصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، 10 نقاط في المدينة، بشكل متزامن، بعد أن أصدرت أمراً بإخلاء العديد من المواقع في الضاحية الجنوبية. وللمرَّة الأولى، أمرت إسرائيل أيضًا بإخلاء بعض الأحياء المركزية في بيروت، وبدأت في قصفها بعد فترة وجيزة.
ومع ذلك، قالت وزارة الصحة اللبنانية إن حيًا سكنيًا مركزيًا واحدًا على الأقل تعرَّض للقصف من دون سابق إنذار، وأنَّ عشرة أشخاص على الأقل قُتلوا. وقال الجيش الإسرائيلي إنَّه ضرب ما لا يقل عن 20 هدفًا مرتبطًا بِـ حزب الله في دقيقتين، وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أنَّ مبنى يأوي نازحين دُمِّر. وقال «أمين شري»، النائب اللبناني عن حزب الله، إنَّ منشآت الجماعة لم تتعرَّض للقصف. واستهدفت الهجمات الإسرائيلية أحياء "رأس بيروت" و"المزرعة" و"المصيطبة" و"زقاق البلاط" و"النويري". وفي المساء، وبعد دقائق قليلة من خطاب نتنياهو، ضرب هجوم أخر منطقة تجارية في بيروت، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
كما أنَّ المفاوضات المعقَّدة حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة تجري منذ أشهر، إلا أنَّها توقَّفت بسبب مطالب الطَّرفين غير القابلة للتَّسوية.