ومن المقرَّر أن يلتقي «شولتز» وزير الاقتصاد «روبرت هابيك» (Robert Habeck) من حزب "الخُضُر" ووزير المالية «كريستيان ليندنر» (Christian Lindner) من "الحزب الديمقراطي الحر" (FDP) المحافظ ماليً لإجراء محادثات أزمة يومي الثلاثاء والأربعاء بهدف تجنُّب صراع الميزانية الذي أدَّى إلى تفاقم التوتُّرات في الائتلاف الحاكم المنقسِم المكوَّن من ثلاثة أحزاب.
وقالت «ساسكيا إسكين» (Saskia Esken)، إحدى زعماء "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" الذي ينتمي إليه «شولتز»، للصحفيين يوم الإثنين: “بغض النَّظر عن نتيجة الانتخابات الأمريكية، أعتقدُ أنَّ هذا البلد يستحقُّ أن يُحكم بمسؤولية، وسنرى في الأيَّام القليلة المقبلة ما إذا يكون الجميع قادرين على حشد القوَّة للقيام بذلك فعلًا.”
شهد يوم الجمعة تسريب ورقة سياسية عرض فيها «ليندنر»، الذي هو أيضًا زعيم "الحزب الديمقراطي الحر"، خطَّة لخفض الضرائب وتقليص سياسات المناخ المعتمدَة بالفعل. إن مقترحاته، التي تتوافق مع نهج الميزانية المتوازنة لحزبه، تتعارض بشكل صارخ مع رؤى "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" و"الخضر"، شركاء "الحزب الديمقراطي الحر" الأكثر ميلًا إلى اليسار في الائتلاف.
أثارت الوثيقة المسرَّبة المكوَّنة من 18 صفحة مقارنات مع ورقة عام 1982 التي كتبها وزير الاقتصاد آنذاك «أوتّو غراف لامبسدورف» (Otto Graf Lambsdorff) - هو أيضًا من الحزب الديمقراطي الحر -، والتي انتهت إلى إسقاط الحكومة التي يقودها "الحزب الديمقراطي الاجتماعي". مهَّد هذا الطريق لاستيلاء حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"، اليميني الوسطي، على السلطة ــ وقيادة «هلموت كول» (Helmut Kohl) لألمانيا لمدة 16 عامًا (من 1 أكتوبر 1982 حتَّى 27 أكتوبر 1998 خليفة لـ «هلموت شميت» Helmut Schmidt).
أحدث النص التفصيلي الَّذي كتبه «ليندنر»، والذي يبدو وكأنَّه نِتاج أسابيع من العمل، موجةً من الصَّدمة في برلين إلى درجة دفع «شولتز» إلى دعوة رئيس "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" و«ليندنر» نفسه لإجراء محادثات في المستشارية مساء الأحد.
جرى تحديد اجتماعات أزمة لاحقة بين «شولتز» و«ليندنر» و«هابيك»، ومن المقرَّر عقد الاجتماع الأخير يوم الأربعاء. في ذلك المساء، من المقرَّر أن يجتمع المجلس الأعلى رُتبة في الحكومة، لجنة الائتلاف، لاتِّخاذ قرار بشأن ما إذا كان الشركاء سيوقِّعون على خطَّة مشترَكة أو يسلكون طُرُقًا منفصِلة. هذا الاختيار الأخير يعني إمَّا انهيار الائتلاف الحاكم وبالتَّالي إجراء انتخابات مبكِّرة، على الأرجح في الربيع؛ أو خروج "الحزب الديمقراطي الحر" من الائتلاف الحاكم، مع استمرار "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" و"الخُضُر" في الحكم في حكومة أقلِّية.
إنَّ النُّقطة المحورية في المفاوضات هي اعتماد ميزانية عام 2025 من قبل البرلمان ء والتي تحتاج إلى سدِّ فَجوة لا تقل عن 2،4 مليار يورو، وربَّما أكثر من ذلك بكثير ء بالإضافة إلى الاتِّفاق على التدابير اللَّازمة لتجديد الاقتصاد المريض في البلاد.
“إذا فشلت الميزانية، فإنَّنا في ألمانيا سندخل فترة طويلة من عدم اليقين، وإلى طريق مسدود في أسوأ وقت ممكن”، هذا ما قاله «هابيك» أمس الإثنين في ضوء الوضع في أوكرانيا، والانتخابات الرئاسية الأمريكية، والوضع الاقتصادي المزري في الداخل.
وفقًا لاستطلاع أجرته "ARD" ونُشر في أواخر الأسبوع الماضي، فإنَّ ما يقرب من ثلاثة من كل أربعة ألمان قلقون بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد، والذي أَظهر أيضًا أنَّ أكثر من واحد من كل إثنين مِمَّن استجابوا يؤيِّدون الانتخابات المبكِّرة، حيث وصل الرضا عن الائتلاف الحاكم إلى مستوى منخفض جديد بلغ 14 بالمائة فقط.
كانت حكومة «شولتز» على حافة الهاوية منذ الانتخابات الأوروبية في يونيو، عندما عانت الأحزاب الثلاثة الائتلافية من خسائر فادحة. لكنَّ فوز «ترامب» في الانتخابات الأمريكية قد يُغيِّر الحسابات السياسية ويُشجِّع زعماء الائتلاف الألماني على المُضي قُدُمًا.