رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي «جورجا ميلوني» تسحب الشكوى ضد المؤرِّخ وعالم اللُّغة «لوتشانو كانفورا» - الإيطالية نيوز

رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي «جورجا ميلوني» تسحب الشكوى ضد المؤرِّخ وعالم اللُّغة «لوتشانو كانفورا»

الإيطالية نيوز، الجمعة 4 أكتوبر 2024 - سحبت رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني» (Giorgia Meloni) الشكوى ضد المؤرخ وعالم اللغة «لوتْشانو كانْفورا» (Luciano Canfora)، الذي أُحيلت في أبريل للمُحاكمة أمام "محكمة باري" بتُهمة التشهير بها.


وتعود الوقائع إلى 11 أبريل 2022، قبل فوز «ميلوني» بالانتخابات: وجَّه «كانفورا» خلال خطاب ألقاه في مدرسة "فيرمي" الثانوية في "باري"، تناولت عدة انتقادات لِـ «ميلوني» ووصفها، من بين أمور أخرى، بأنَّها "نازية جديدة في القلب"، "مسكينة" و"مجنونة خطير للغاية".


وكانت رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي «ميلوني»، بصفتها طرفا مدنيا، طلبت تعويضا قدره 20 ألف يورو. وكان من المقرَّر أن تبدأ المحاكمة في 7 أكتوبر.


 في يوليو الماضي، وبعد إدانتها بـ"التشهير" برئيسة الحكومة الإيطالية، غَرَّمت محكمة إيطالية الصحافية «جوليا كورتيزي» (Giulia Cortesi) نحو 5 آلاف يورو تعويضًا لِـ«ميلوني». بدأت القضية بعد أن نشرت «كورتيزي» على منصات التواصل صورة لِـ «ميلوني» مؤَطِّرة الخلفية بصورة الديكتاتور الفاشي «بينيتو موسُّوليني» (Benito Mussolini)، وهُما يؤدِّيان التحيَّة الفاشية، وأرفقتها بنصٍّ قالت فيه إنّ "أبو الفاشية (موسوليني)" هو الَّذي خلق الأساس الأيديولوجي لِـ «ميلوني» وحزبها "إخوة إيطاليا".  مع العلم أن العلاقة التي تربط الحزب اليميني والفاشية لا يُمكن اعتبارها مسألة سرِّية أو تُهمة متخيَّلة من وَحْيِ الصحافيين المحلِّيين، إِذْ سَجَّل تمجيد "إخوة إيطاليا" للحقبة الفاشية و«موسوليني» في أكثر من مناسبة. رأت «ميلوني» في صورة «كورتيزي» اعتداءً خطيرًا على شخصها، وأمرت محاميها برفع قضية ضد الصحافية المسؤولة عن "التزييف الشنيع" وِفقًا لتعبيرها. في حين ردّت الصحافية عبر "إكس" على تهديدات رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي باللجوء إلى القضاء، بالقول: “لا تقدرين أن تكسري عزيمتي «جورجا ميلوني». بعد كل شيء، طولك 1.2 متر فقط. من المعروف في إيطاليا أن مسألة قصر القامة تثير غضب «ميلوني»، بالأخص عندما تُوصف بـ"أونا دونِّيتَّا" (Una donnetta) أي "امرأة صغيرة الحجم"، وهو تعبير إيطالي يهدف إلى التصغير من دورها. في المحكمة، لم يتَّخذ القاضي أي إجراءت بحق «كورتيزي» بسبب منشورها الأوّل، لكنّه قرّر تغريمها على المنشور الثاني الذي سخرت فيه من طول رئيسة الوزراء.


فجَّرت القضية جدالًا ساخنًا في إيطاليا حول استخدام «جورجا ميلوني» وحكومتها بصورة منهجية ومتزايدة لدعاوى التشهير سلاحًا لترهيب الصحافيين والمُناظرِين المُنتقدِين وإسكاتهم. وفقًا لمنظمات صحافية إيطالية، فإنَّ هذا جزء من هجوم أوسع نطاقًا تشنُّه الحكومة على الصحافيين ووسائل الإعلام العمومية التي يراد تحويلها إلى أبواق توظف فقط لمدح وتنميق عمل الحكومة على حساب الشعب.


وكان الصحافيون في هيئة البث الرسمية (راي) قد أضربوا في مايو الماضي، احتجاجًا على ما اعتبروه "السيطرة الخانقة" التي يعتقدون أنَّ الحكومة تُمارسها على القناة العامة، زاعمين أن «ميلوني» "تحاول تحويل راي إلى ناطق بإسم حكومتها". تزامن هذا السجال مع تراجع إيطاليا تراجعًا ملحوظًا على مؤشِّر منظَّمة "مراسلون بلا حدود" لحُرِّية الصحافة حول العالم في العام 2024، إذ حلَّت في المركز 46، متراجعةً خمسة مراكز عن العام الماضي.


أما على مستوى الاتحاد الأوروبي، يبدو الأمر صارخًا للغايةِ إلى درجة أن بروكسل أعربت عن قلقها من الوضع في إيطاليا: عَبَّرت المفوضية الأوروبية عن رفضها استخدام دعاوى التشهير ضدَّ الصحافيين، كما عبّرت عن مخاوفها من أن تكون الحكومة الإيطالية تسعى لتقويض استقلال محطة "راي" العامة، التي تمول من مال الشعب.


 وأشارت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، «فيرا جوروفا» (Věra Jourová)، إلى وجوب التركيز على القيم والشفافية، مبديةً قلقها من التقارير التي تتناول ما يجري في إيطاليا. كما لم تتردَّد «جوروفا» في اعتبار أن حكومة روما "تزيد عدد حالات الترهيب القانوني ضد الصحافيين" ولفتت إلى مخاوف المفوضية الأوروبية حول استقلال وسائل الإعلام وهيئة البث العام وتمويلها.