"بلومبرغ": لا تزال أوروبا تشتري الغاز الطبيعي من روسيا بمليارات اليورو - الإيطالية نيوز

"بلومبرغ": لا تزال أوروبا تشتري الغاز الطبيعي من روسيا بمليارات اليورو


الإيطالية نيوز، السبت 26 أكتوبر 2024 - لا تزال أوروبا تشتري الغاز من روسيا بمليارات اليورو. في الواقع، على الرَّغم من انخفاض اعتماد أوروبا على غاز موسكو مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب في أوكرانيا، إلَّا أنَّ الغاز الروسي مستمرُُّ في التدفُّق إلى الدول الأوروبية، وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، استوردت القارة العجوز ما يقرب من %20 من غاز الميثان من العملاق الأوراسي. مقارنة بـ %14.8 في 2023. ولذلك بدأت واردات الغاز الروسي في النمو مرَّة أخرى. جاء ذلك في مقال نشرته وسائل الإعلام الاقتصادية "بلومبرغ" نقلاً عن بيانات من المفوِّضية الأوروبية.


وفي الوقت نفسه، في عام 2023، كانت روسيا ثالث أكبر مُصدِّر في أوروبا للغاز، الطبيعي والمُسال، بعد النرويج والولايات المتحدة. أمَّا فيما يتعلَّق بالغاز الطبيعي المُسال، فقد ارتفعت الواردات من روسيا خلال النصف الأول من عام 2024 بنسبة %11 مقارنة بالعام السابق: وبذلك تفوَّقت موسكو على قطر لتصبح ثاني أكبر مورد للكتلة، بعد الولايات المتحدة فقط، كما أفادت دراسة أجراها "معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي" (YEEFA). في المجموع، تشير تقديرات "معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي" إلى أنَّ دول الاتحاد الأوروبي أنفقت 3.5 مليار يورو لشراء الغاز الطبيعي المُسال من روسيا خلال الأشهر الستَّة الأولى من عام 2024.


ولا يزال الغاز الروسي يصل إلى أوروبا عبر خطي أنابيب: أحدهما يمرُّ عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا والأخر يعبر تركيا ويصل إلى بلغاريا (التيار التركي). ويصل الغاز الطبيعي المسال الروسي أيضًا إلى أوروبا عبر الناقلات.


يعدُّ خط أنابيب الغاز الأوكراني أمرًا بالغ الأهمية لأوروبا الشرقية والوسطى وبالأخص لسلوفاكيا والنمسا. وتحتفظ "فيينا" بواحدة من أقوى العلاقات مع الطاقة الروسية، ولا تزال تستورد %80 من احتياجاتها من الغاز من موسكو. كما تستورد إيطاليا وجمهورية التشيك والمجر بعض الكميات. وستنشأ المشكلة عندما ينتهي عقد نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا في 31 ديسمبر 2024، حيث قد ترفض كييف تجديده بشكله الحالي. ومع ذلك، لا تزال هناك محاولات عديدة جارية للحصول على تمديد الاتِّفاق أو تجديده. 


وحذَّرت الحكومة النمساوية من "خطر كبير" على أمن الطاقة لديها إذا جرى وقف تدفُّق الغاز من موسكو. كما لدى سلوفاكيا أيضًا مصلحة قوية في الاستمرار في السماح بتدفُّق النفط والغاز من روسيا عبر أوكرانيا: في هذا الصدد، قال رئيس الوزراء «روبرت فيكو» (Robert Fico): “لدينا مصلحة أساسية في الحفاظ على طرق عبور الغاز والنفط عبر أوكرانيا، ونقول ذلك لشركائنا الأوكرانيين”، مضيفًا أن “ ضغوطاً هائلة تمارسها المفوضية الأوروبية حتَّى لا يصل أي شيء من الشرق إلى الغرب.”


أحد الأسباب التي تجعل العديد من الدول الأوروبية لا تريد أو لا تستطيع استبدال الغاز الروسي هو أنَّ الطرق البديلة مُكلِّفة للغاية، ولكن هذا ليس السَّبب الوحيد الذي يجعل من الصعب استبدال واردات الطاقة من "الكرملين". بعض الدول مثل النمسا والمجر وسلوفاكيا ليس لديها إمكانية الوصول إلى البحر، وبالتالي فهي محرومة من إمكانية بناء محطات بحرية (بعيدة عن الساحل). ولهذا السَّبب أيضًا، وكما أوضح المحلل الجيوسياسي والاقتصادي، «ديموستينيس فلوروس»، فإنّ بعض هذه الدول لديها شكوك بشأن موثوقية المُوَرِّدين الذين حَلُّوا مَحَلَّ الاتحاد الروسي أو ينبغي أن يأخذوا مكانه. علاوة على ذلك، ووفقًا لـ "معهد أكسفورد لدراسات الطاقة" (OIES)، لأسباب مختلفة، لا توجد إمكانية فورية لنقل الغاز الطبيعي الموجود في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسِّط ​​إلى السُّوق الأوروبية. في حين يشير "معهد أكسفورد لدراسات الطاقة" إلى أنَّ المُوَرِّد الرئيسي للغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2023، هو النرويج، ومن المتوقَّع أن يصل إلى ذروة الاستخراج بحلول نهاية العقد الحالي.


أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد حدث انخفاض في صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 بنحو الثلث مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ويرجع ذلك أساسًا إلى حقيقة تحويل الصادرات نحو آسيا، حيث تكاليف الغاز الطبيعي المسال أعلى. وعلى هذا فإنَّ شركات الطاقة الأميركية أكثر ملاءمة للتصدير إلى آسيا وليس إلى أوروبا. علاوة على ذلك، من المتوقَّع أن تكون الزيادة في إنتاج الغاز من خلال تقنية التكسير الهيدروليكي (التكسير الهيدروليكي) في الولايات المتحدة الأمريكية غير كافية لتزويد القارة العجوز أيضًا، وذلك بسبب الزيادة الكبيرة في الطلب الذي يهدف إلى ضمان تشغيل مراكز البيانات الجديدة. لِـ "الذكاء الاصطناعي" (AI).


هذه هي بعض الأسباب التي تجعل العديد من الدول الأوروبية تستمرُّ في الاعتماد على الغاز الروسي لتلبية جميع احتياجاتها من الطاقة تقريبًا. على وجه الخصوص، في عام 2023، استوردت المجر وسلوفاكيا والنمسا %47 و%69 و%98 من الغاز من موسكو، على التوالي.


وتتلقى إيطاليا أيضًا بعض كميات الغاز من روسيا بشكل غير مباشر عبر أوكرانيا، وفي الواقع، فهي بين الدول - إلى جانب سلوفاكيا والنمسا والمجر - التي سيتعيَّن عليها بحلول نهاية العام إيجاد بدائل لغاز الميثان القادم من موسكو، وفقًا لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إلى مفوضية الاتحاد الأوروبي.


وقد أعربت سلوفاكيا والنمسا والمجر صراحة عن معارضتها للتخلِّي عن الغاز الروسي، ولهذا السَّبب أيضا، فإنَّ هدف القضاء على واردات الطاقة من العملاق الأوراسي بحلول عام 2027، كما حدَّدته المفوضية الأوروبية، يبدو غير واقعي، وما بعده يتعارض مع المصالح الأوروبية.