الإيطالية نيوز، الأحد 27 أكتوبر 2024 - في معرض حديثه عن فيلمه "المُبيد" (The Terminator)، الذي صدر في الولايات المتحدة في 26 أكتوبر 1984، قال المخرج «جيمس كاميرون» في عدَّة مناسبات إن الفكرة خطرت له بعد أن رأى حُلمًا مخيفًا قبل ثلاث سنوات، في إحدى الليالي عندما كان يُعاني من الحُمَّى. حلمُُ بهيكلٍ عظميٍ معدني مَطلي بالكروم يخرج من لهيب النار: سيصبح لاحقًا أحد المشاهد الأخيرة للفيلم، وهو الأول من الملحمة التي كان لها تأثير ثقافي عميق على تمثيلات "الروبوتات" والمستقبل في الخيال الجماعي.
وعلى الرغم من إظهار بعض القيود من حيث الإنتاج بعد 40 عامًا - والعديد من الأجزاء "المُحرِجة"، وفقًا لِـ «كاميرون» نفسه - كان فيلم "ترميناتور" هو الفيلم الذي ساهم أكثر من أي فيلم أخر في الترويج لصورة معينة للروبوتات: تلك التي لا يمكن تمييزها عن البشر على ما يبدو، إن لم يكن بسبب مقاومتها الخارقة للطبيعة والهيكل الداخلي المعدني.
يعود الفضل في المقام الأول إلى النجاح التجاري المُدَوِّي الذي حقَّقته سلسلة فيلم "تِرميناتور"، حيث دخلت كلمة "سايبورغ" (cyborg) - اتحاد "الكائن الحي" و"السايبرنيتيك" (cibernetico) - إلى اللغة المُشترَكة، أكثر ممَّا حدث حتَى تلك اللحظة نتيجة لأدب الخيال العلمي أو غيره.
منذ ذلك الحين، أصبحت كلمة عنوان الفيلم، "تِرميناتور"، شائعة الاستخدام حتى في البلدان غير الأنغلوسكسونية لتعريف أي "رجل سيِّء" عنيد وغير حسَّاس بشكل خاص.
السَّبب وراء اعتبار "تٌرميناتور" فيلم خيال علمي فريدًا إلى حدٍّ ما هو أنَّه جرى تصويره بوسائل وأساليب أكثر شيوعًا لأفلام الدرجة الثانية من نوع أخر: "المَشْرَحة"، وهو نوع فرعي من الرعب شائع في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، حيث يكون الشرِّير في كثير من الأحيان قاتلًا متسلسلًا مُقَنَّعًا. لم يكن الأمر مخيفًا مثل الرُّعب، لكنَّه كان بالتأكيد أكثر قَتامةً ورُعبًا من أفلام الحركة عادةً.
كما ساهمت الموسيقى التصويرية، التي اشتهرت فيما بعد، بشكل كبير في جَعْلِ الفيلم مُخيفًا: كتبها «براد فيدل» (Brad Fiedel)، المُلَحِّن الأمريكي الذي كتب بالفعل مقاطع صوتية لأفلام الرُّعب التي استَخدمت على نطاق واسع آلات "المُركِّب" أو بالأحرى "مولِّد الأصوات الموسيقية" (Synthesizer).
بِصَرف النَّظر عن المؤثِّرات البصرية وفكرة "السايبورغ"، كانت نقطة القوَّة في الفيلم هي القصة التي تقوم على السَّفر عبر الزمن (وهو موضوع جعله «روبرت زيميكيس» (Robert Zemeckis) أكثر شعبية لاحقًا في العام التالي مع فيلم "العودة إلى المستقبل"، الذي صدر في عام 1985). "تِرميناتور" هو إسم نموذج "السايبورغ" الذي يأتي في الفيلم من مستقبل ما بعد نهاية العالم حيث سيطرت الآلات على البشر. أرسلت شركة تسيطر على "السايبورغ"، الذي يلعب دوره «أرنولد شوارزنيغر» (Arnold Schwarzenegger)، هذا الأخير إلى الماضي بهدف كبح تمرُّد بشري قبل حدوثه في المستقبل.
طريقةُ وقفِ التمرُّد هي قتل فتاة تُدعى «سارة كونور» - التي تلعب دورها «ليندا هاميلتون» (Linda Hamilton) - في الماضي قبل أن تَلِد زعيم المقاومة المستقبلي، «جون كونور». الفيلم عبارة عن قصة الصِّدام بين "السايبورغ" ومُسافِرُُ أخر عبر الزمن: جندي بشري - يلعب دوره «مايكل بين» (Michael Biehn) - جرى إرساله أيضًا إلى الماضي ولكن من قبل المقاوَمة، على وجه التحديد للدفاع عن «سارة كونور». إنها حبكة معقَّدة إلى حدٍّ ما، بالكلمات، لكن إحدى مهارات «كاميرون» هي السَّماح للأحداث والشخصيات بتفسيرها، من دون الكثير من المقاطع التعليمية.
في وقت الفيلم كان «كاميرون» مُخرِجًا مبتدئًا. كان يحلم بالهيكل العظمي المعدني في غرفة فُندق بالعاصمة الإيطالية روما، حيث كان يُصوِّر فيلمه الأوَّل "پيرانيا پاوُرا" (Piraña paura)، وهو تكملة لفيلم الرُّعب "پيرانيا" (Piraña) عام 1978، من إخراج «جو دانتي». لقد كان فيلم رُعب من فئة الدرجة الثانية مثل العديد من التتابعات التي جرى إنتاجها في تلك السنوات في إيطاليا مستفيدةً من نجاح فيلم أمريكي سابق.
بعد كتابة السيناريو لفيلم "تِرميناتور"، قام «كاميرون» بتوزيعه على بعض المنتجين المحتملين ولكن من دون الحصول على التمويل. في النهاية، باع المشروع لأحد معاونيه في كاليفورنيا، كانت «جيل آن هيرد» (التي تزوجه لاحقًا في عام 1985)، بشرط أن يقوم هو بنفسه بإخراج الفيلم إذا جرت الموافقة عليه. وقد حقَّق الفيلم، الذي وزَّعته شركة "أوريون بيكتشرز"، نجاحًا كبيرًا: حقَّق أكثر من 78 مليون دولار، بميزانية قدرها 6.4 مليون دولار فقط. وقد سمح ذلك لِـ «كاميرون» بالظهور كواحد من أكثر مخرجي أفلام الحركة الواعدين.