الإيطالية نيوز، الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 - أكَّدت السلطات الإسبانية تدخُّلها في الوقت المناسب لإفشال محاولة اختطاف الصحفي والكاتب الجزائري «هشام عبود»، المعروف إعلاميًا بمعارضته لنظام «عبد المجيد تبون» بأكمله. وكان «عبود»، أحد رموز المعارضة الجزائرية، قد غادر مطار "شارلروا" في بلجيكا متوجِّهًا إلى مدينة "برشلونة" الإسبانية، حيث جرى اختطافه بعد وقت قصير من وصوله. ثُمَّ نَقله خاطفوه على بعد ستمائة كيلومتر جنوبًا إلى موقع في "كوستا كاليدا"، ربَّما بهدف نقله عن طريق البحر إلى الجزائر، حيث كان بانتظاره الانتقام في جحيم من يصفهم في أكثر من مناسبة بـ "نظام العرايا" و "ليڤْوايو".
وبحسب السلطات المشرفة على التحقيق في مدريد، فإن عملية الاختطاف نفَّذتها مجموعة إجرامية مكوَّنة من فرنسي جزائري وإثنين من المغرب وأخر من جنوب الصحراء الكبرى، هذا الأخير اعتاد على ارتكاب عمليات الخطف والقتل.
وفي روايته لما حدث له، قال الصحفي الجزائري «هشام عبود» لموقع "أتاليار" الإخباري: “عند وصولي إلى برشلونة في ليلة الخميس 17 أكتوبر، اختطفني أربعة رجال مسلَّحين يرتدون أقنعة، على بعد أمتار قليلة من مقر إقامتي. وضعوني بعنف في المقعد الخلفي لسيارة من دون لوحات ترقيم، وانطلقوا بسرعة كبيرة في اتِّجاه ملقة، بناءً على أوامر زعيم العصابة: كان الزعيم مبتهجًا على الهاتف، وأخبر رؤساءه "لقد أمسكنا به".”
خلال الرِّحلة بأكملها، التي استمرَّت طوال ليلة 17-18 أكتوبر حتَّى منتصف النهار، تخيَّل الكاتب «هشام عبود» جميع السيناريوهات المحتملة. لكن السيناريو الذي كان يتردد في أغلب الأحيان وبإصرار في ذهنه هو الترحيل القَسري إلى الجزائر، حيث كان ينتظره فريق من الجلَّادين لإجباره على دفع ثمن كل عمله الصحفي ضد النظام الجزائري الحالي. كان هذا تنفيذ العمل الإجرامي منطلِق بشكل أساسي لقيام «هشام عبود»، من خلال قناته على اليوتيوب، بإدانة انتهاكات النظام الجزائري، وبالأخص قمع كل أشكال حرية التعبير والفساد والنَّهب وكل شيء أخر يتسبَّب في الفوضى، إفقار بلد غني بالثروات والموارد مثل الجزائر.
وتابع الصحفي الجزائري الناجي من عملية الاختطاف في إسبانيا قائلا: “كان إثنان من الخاطفين الّذين يحتجزوني هما الوحيدان المتبقِّيان عندما اقتحم الحرس المدني المكان: فرَّ بقية المجموعة. كانت عينيَّ معصَّبتين بقناع، ولم أستطع أن أفهم ما كان يحدث، كل ما أعرفه أن الرَّجلين اللذين كانا يرفعاني من ساقي سمحا لي بالرحيل عند تأكَّدا من أنَّ الخطة فشلت. وعندما سمعتُ أصوات الحرس المدني الإسباني، خلعتُ الشريط الذي كان يُغطِّي فمي ورفعتُ غطاء الرأس ورأيت سنغاليًا. سألته عما يجري، فقال: "القراصنة". بدأتُ أفكِّر وقلتُ إنِّني أفضل القراصنة على الخاطفين.”
وواصل: “قبل أن أتمكَّن من الصُّراخ، أمرنا الحرس المدني بالوقوف ورفع أيدينا. ثم صرختُ "رهينة، رهينة" وأَريتُهم يدي المقيَّدة حتَّى يفهموا أنَّني لا أستطيع الوقوف. لقد رأوا أن جِذعي كان عاريًا وسروالي كان مليئًا بالطِّين. قيَّدوا يديَّ خاطفي الرهائن على الأرض ثم ساعدني أحدهم على النهوض قبل فكِّ قيدي.”
من جانبها، روت صحيفة "إلموندو" الإسبانية الواقعة، فقالت: بفضل تدخُّل الحرس المدني جرى تحرير الكاتب والمعارض الجزائري «هشام عبود»، الذي اختُطف يوم 17 أكتوبر الجاري، بعد هبوطه في مطار "أَلْبرات"، وهو الآن في حالة جيِّدة.
وأبلغت مصادر في التحقيق وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي" (EFE) أنَّ «عَبُّود»، الذي يعيش في المنفى في فرنسا، جرى تخليصه من الاختطاف في الساعات الأولى من يوم 19 أكتوبر بالصُّدفة، عندما اكتشف العملاء قاربًا يُشتبَه في تهريب المخدٌِرات في الوادي الكبير أثناء مروره عبر نهر "ليبريجا"، في إشبيلية.
كما تطرَّقت صحيفة "إلباييس" (البلد) لعملية الاختطاف الكاتب الجزائري المعارض،هشام عبود، “فقالت: ..أطلق الحرس المدني سراحه وهو مقيَّد، ولكن في حالة جيدة، في "ليبريجا"، في وقت مبكِّر من صباح السبت...” وقال «دليل الصقلِّي»، المحامي الفرنسي للكاتب الجزائري الذي يعيش في المنفى بفرنسا: “هذه ليست المرة الأولى التي يتعرَّض فيها لمحاولة اختطاف”، مذكِّرًا بأن النظام القضائي الفرنسي لديه تحقيق مفتوح في محاولة اختطاف الكاتب عام 2021.
ويواصل الحرس المدني التحقيق في هذه الأحداث لتوضيح كافة جوانب القضية ومن قد يكون متورِّطًا في عملية الاختطاف.
وكان "التجمُّع العالمي الأمازيغي" (AMA)، الذي يمثِّل الشعب الأمازيغي، أوَّل من دق ناقوس الخطر يوم السبت بإبداء قلقه بشأن اختفاء «عَبُّود».
«هشام عَبُّود»، 69 عاماً، هو مؤلف كتب تنتقد بشدَّة السلطات الجزائرية، مثل كتاب "مافيا الجنرالات".