الإيطالية نيوز، الخميس 19 سبتمبر 2024 - صوَّت البرلمان الأوروبي في جلسته العامَّة يوم الثلاثاء 17 سيبتمبر على قرار بتجديد الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا بشكل دائم من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد. إنَّه قرارُُ غير مُلزِم، أي عمل يُعبِّر عن الاتِّجاه السياسي للبرلمان الأوروبي ولكنَّه لا يتطلَّب من المجلس والمفوضية بالضرورة اتِّخاذ تدابير محدَّدة. ولكن نشأ نقاشُُ حيويُُ حول التصويت وشاركت فيه بشكل رئيسي الأحزاب الإيطالية.
على وجه الخصوص، لأنَّ القرار، الذي يتكوَّن من 25 مادَّة مختلفة، تضمَّن "الفقرة رقم 8"، التي سمحت للجيش الأوكراني باستخدام الأسلحة الغربية أيضًا على الأراضي الروسية لأغراض دفاعية. وفيما يتَّصل بهذه النقطة، ثم جزئيًا بشأن التصويت النهائي على القرار، انقسم الائتلافان ـ يمين الوسط ويسار الوسط، وصوَّتت كل الأحزاب الإيطالية تقريبًا علي نحو مختلف مقارنة بمجموعاتها المرجعية الأوروبية. وهي انقسامات لن تُخلِّف انعكاسات كبيرة على السياسة الداخلية، ولكنَّها رغم ذلك تشير إلى إحراج واسع النطاق بين الأحزاب الإيطالية بشأن قضية الحرب، سواء بين المعارَضة أو بين الحلفاء الّذين يدعمون حكومة «جورجا ميلوني» (Giorgia Meloni).
إنَّ مسألة استخدام الأسلحة التي ترسلها الدول الغربية إلى أوكرانيا حسَّاسة للغاية. ويطالب الرئيس «فولوديمير زيلينسكي» منذ أشهر بالسَّماح له باستخدام صواريخ بعيدة المدى لضرب مستودعات الأسلحة أو مدارج الطائرات أو غيرها من البنى التحتية على الأراضي الروسية: الأسلحة التي يستخدمها الجيش الروسي للقضاء على الجنود الأوكرانيين.
توجد اختلافات بين الدول الغربية: على سبيل المثال، المملكة المتحدة هي الأكثر تفضيلًا لمنح الإذن لأوكرانيا، وكذلك بعض دول أوروبا الشرقية؛ أمَّا الولايات المتحدة، الرابح الأكبر من هذه الحرب، فهي أكثر تشكُّكا، مثل فرنسا إلى حدٍّ ما، في حين أنَّ الحكومة الإيطالية تعارضها بحزمٍ، جزئيًا بسبب قناعة تكتيكية (أي يعتقد أن عدم دعم زيلينسكي في هذه النقطة قد يسمح بفتح قنوات دبلوماسية مع «فلاديمير بوتين»)، و ولم تُحقِّق سوى القليل، قبل كل شيء، لتحقيق مكاسب انتخابية، حيث أن قسماً كبيرًا من السكَّان يخشون التصعيد العسكري.
ولهذا السبب أيضًا، تتساءل الأحزاب الإيطالية منذ أيَّام عمَّا يجب فعله بالقرار الذي روَّج له البرلمان الأوروبي من قبل الشعبويين والاشتراكيين والليبراليين من حزب التجديد، أي المجموعات الرئيسية للأغلبية المؤيِّدة لأوروبا التي تدعم موقف المفوضية الأوروبية برئاسة الألمانية «أورسولا فون دير لاين» (Ursula Von Der Leyen).
"الفقرة الثامنة" كانت الأكثر صعوبة. في الواقع، توخَّى حثُّ الدول الأعضاء «على الرفع الفوري للقيود المفروضة على استخدام أنظمة الأسلحة الغربية التي جرى تسليمها إلى أوكرانيا ضد أهداف عسكرية مشروعة على الأراضي الروسية والتي تعيق قدرة أوكرانيا على ممارسة حقها الكامل في الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي العام وتترك أوكرانيا عُرضَةً لهجمات ضد سكانها وبنيتها التحتية.
وفي الائتلاف اليميني، كانت "الرابطة" في موقف أقل حرجًا. لقد شكَّكت منذ فترة طويلة في توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، ودائمًا ما كانت تُعارض بشكل واضح السماح باستخدامها على الأراضي الروسية، دعم حزب «ماتيو سالفيني» (Matteo Salvini) توجُّهات مجموعته المرجعية، "الوطنيون من أجل أوروبا" (PFE)، المجموفعة المشكَّلة في الغالب من قبل أحزاب قومية يمينية وليست معادية لروسيا بشكل عام.
وبدلاً من ذلك، اتَّبعت "فورتسا إيطاليا" توجيهات سكرتيرها «أنطونيو تايّاني» (Antonio Tajani)، وزير خارجية الحكومة الإيطالية: معارضة استخدام الأسلحة الغربية في روسيا. لكن هذا التوجُّه، الذي يعارضه بعض البرلمانيين في حزب "فورتسا إيطاليا"، جعل الحزب في تناقض حاد مع "مجموعة حزب الشعب الأوروبي" (PPE)، التي صوَّتت بالإجماع تقريبا لصالح "الفقرة الثامنة".
في المقابل، صوَّت حزب "فراتيلِّي دي إيطاليا" بالإجماع ضد "الفقرة 8"، إلى جانب الوفدين الفرنسي والروماني فقط (بالإضافة إلى أعضاء أخرين في البرلمان الأوروبي) بين الوفود الرئيسية التي تشكِّل مجموعة المحافظين والإصلاحيين (ECR)، وهي مجموعة اليمينيين السياديين.
وفيما يتعلق بتيار يسار الوسط، فقد أصدر "الحزب الديمقراطي" تعليماته إلى أعضاء البرلمان الأوروبي بالتصويت ضد النقطة الثامنة. وكانت هذه القضية محل نقاش كبير في الأيام الأخيرة، واقترح بعض أعضاء الوفد ــ مثل «براندو بينيفي» و«ستيفانو بوناتشيني» ــ الامتناع الجماعي عن التصويت. ومع ذلك، رفضت الأمينة العامة للحزب «إيلي شلاين» (Elly Schlein) الاقتراح، مما أعطى إشارة واضحة للتصويت ضده.
باختصار، تم تقسيم المجموعة إلى نصفين تقريبًا (9 منهم اتبعوا إشارة «شلاين»، بينما لم يفعل 8 أخرون. أزال ستة اقتراعهم الإلكتروني وقت التصويت، ولم يشاركوا في الاقتراع، وصوت إثنان لصالحه) وأيضًا ولهذا السبب، ألغى زعيم المجموعة «زينغاريتي» صباح الخميس اجتماعًا كان من المقرر التوصل إليه للتوصل إلى اتفاق، وذلك لتجنب المزيد من الجدل. بالإضافة إلى الإيطاليين التسعة، صوت ثلاثة مالطيين وسلوفيني وأيرلندي ضد الاقتراح من بين أعضاء البرلمان الأوروبي الاشتراكيين.
وصوَّتت حركة 5 نجوم ودعاة اليسار الإيطالي ضدَّ القرار مثل معظم زملائهم من مجموعة اليسار الأوروبية. كما صوَّت أعضاء البرلمان الأوروبي الإيطاليون الثلاثة الحاضرون في الغرفة ضد التوجُّه السائد لعائلتهم الأوروبية، ولكن في هذه الحالة ضد التوجُّه السائد.
على أيَّة حال، جرت الموافقة في النهاية على "الفقرة 8" بأغلبية كبيرة: بأغلبية 377 صوتا مؤيِّدًا مقابل 191 صوتًا معارضًا وامتناع 51 عضوا عن التصويت. وهكذا فإنَّ هذا المقطع، الذي يُزيل القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الغربية على الأراضي الروسية، جرى إدراجه في النَّص النِّهائي للقرار، الذي أعرب البرلمان الأوروبي بعد ذلك عن تصويت نهائي واحد عليه. وهنا صوَّت كل من "فْراتيلِّي دي إيطاليا" و"فورتسا إيطاليا" و"الحزب الديمقراطي" (باستثناء «سترادا» و«تاركينيو» اللذين امتنعا عن التصويت) لصالح القرار. إنَّ العديد من أولئك الذين صوَّتوا ضد استخدام الأسلحة الأوكرانية على الأراضي الروسية في نقطة واحدة، سمحوا بذلك ضمنيًا من خلال التصويت لصالح القرار النهائي. ومع ذلك، صوَّتت "حركة 5 نجوم" وحزب "الخضر واليسار الإيطالي" وحزب "الرابطة" ضد القرار النهائي.