الإيطالية نيوز، الأربعاء 11 سبتمبر 2024 - أثار مقال نشرته صحيفة "لاستامبا"، يوم أمس الثلاثاء، جدلاً سياسيًا حول إدارة الأمن والأفراد المناوبين في "مقر رئاسة مجلس الوزراء" (بالَاتْسُو كيدْجِي). تحدَّثت مقالة «إلاريو لومْبارْدُ» عن القرار الذي اتَّخذته «جورجا ميلوني» (Giorgia Meloni) بإزالة رجال الشرطة الذين يقومون بالحراسة في الطابق الأول من المبنى، وهو الطابق الذي يوجد فيه مكاتب رئيسة الوزراء وأقرب مُعاونيها، وحيث يوجد أيضًا مجلس الوزراء. سيكون هذا خيارًا غير مسبوق، نظرًا لأنَّ البروتوكولات الأمنية لِـ "بالاتْسو كيدْجي" جرى توحيدها منذ عقود.
خلال يوم الثلاثاء، قلَّل المتحدِّث بإسم «ميلوني»، «فابريتْسيو ألفانو» (Fabrizio Alfano)، من أهمِّية الأخبار، موضِّحًا أنَّ النيَّة لم تكن إخراج الضُبَّاط من الطابق الأول، ولكن فقط “إعادة تقييم وجود ضابط شرطة مخصَّص حصريًا للمرافقين في المصعد.”
واستمرَّ الجدل على أية حال، واتَّهمت المعارَضة الحكومة بتأجيج الشكوك ونظريات المؤامَرة، لكن الموضوع ليس جديدًا. عاجلاً أم آجلاً، ومع ضجة كبيرة أو أقل، ينتهي الأمر بكل رؤساء الوزراء إلى الشكوى من التسريبات في "بالاتسو كيدجي"، حيث يعمل مئات المسؤولين: يوجد فيه أكثر من 3000 شخص كموظفين (لكن العديد منهم موجودون في المكاتب الأخرى لرئاسة المجلس)، وهو عدد هائل يُعرِّض سرِّية الأمور التي تحدثُ في مثل هذا المكان المزدحم لخطر التسريب، وبالتالي الانتهاء في يدي الصحفيين.
ولهذا السبب أيضًا كان «سيلفيو برلسكوني»، كرئيس للوزراء، يميل إلى استخدام مقر إقامته الروماني في "قصر غراتْسيولي"، على بعد بضع مئات من الأمتار، للعمل وعقد الاجتماعات الأكثر حساسية. وفي الآونة الأخيرة، خلال رئاسة «جوزيبِّي كونتي»، نشأت خلافات حول بعض الموظَّفين المشتَبَه في أنَّ لهم علاقات مألوفة بشكل مُفرِط مع المراسلين. وكانت جميع هذه الشكاوى تتعلق دائمًا بالمكلَّفين بأداء مهام عادية (المرشدون، وضباط تسجيل الحضور، وما إلى ذلك)، وليس ضُبَّاط الشرطة المكلَّفين بالحراسة.
جرى تفويض أمن مقر رئاسة الوزراء الإيطالي، في الواقع، إلى شرطة الدولة، وعلى وجه الخصوص إلى وحدة محدَّدة تسمى "مكتب الأمن العام الخاص"، وتسمُّى بالعامية "المفتشية". فيما يتعلَّق بـ "بالاتسو كيدجي"، فهو يشبه إلى حد ما المقرات الهامة الأخرى للمؤسسات الرومانية: الفاتيكان، ومجلس النواب، ومجلس الشيوخ، وبعض الوزارات، كلها تدار من قبل مفتشيات شرطة محدَّدة، والتي تعتمد على وزارة الداخلية.
تتكوَّن الحامية الموجودة في مكتب رئيس الوزراء من نحو 20 رجل أمن، ويُحدَّد الاستخدام الفعَّال لهم من قبل مدير المفتشية والأمين العام لِـ "بالاتسو كيدجي"، وهو مسؤول يتمتَّع بمكانة وأهمِّية كبيرة، ومن بين أمور أخرى، يدير أيضًا موظفي مقر رئاسة الوزراء. وكلاهما من الأدوار التي تميل كل حكومة جديدة إلى إعادة تكليفها، من خلال اختيار الأشخاص الذين يثق بهم رئيس الوزراء.
مديرُ المفتِّشية، وهو الشخص الذي قالت «ميلوني» إنَّه أرسل إليها طلبُُ بشأن الشرطي الذي يحرس المصعد، وهو «جوفانِّي بوزاكَّا» (Giovanni Busacca)، وهو شرطي ذو مسيرة مهنية طويلة جرى تعيينه في هذا المنصب من قبل مجلس الوزراء في فبراير 2023، والذي وكان يشغل مناصب إدارية في شُرطة المرور وشرطة الحدود. أما الأمين العام الذي اختارته «ميلوني» هو «كارلو ديوداتو» (Carlo Deodato)، وهو خبير قانوني عمل بالفعل في "بالاتسو كيدجي" كرئيس للمكتب التشريعي في حكومتي «إنريكو ليطّا» (Enrico Letta) و«ماريو دْراغي» (Mario Draghi). وقبله كان هناك «روبرتو اكييبّا» (Roberto Chieppa)، رئيس قسم مجلس الدولة الذي حافظ على دوره في ثلاث حكومات مختلفة من عام 2018 إلى عام 2022: أكثر من أي حكومة أخرى في تاريخ الجمهورية.
يتمتع رئيس الوزراء أيضًا بهامش من الاستقلالية فيما يتعلَّق باختيار عناصر الأمن المُعيَّنين في مفتشية "بالاتسو كيدجي"، والتي يمارسها بشكل أكثر تكتُّمًا.