«دراغي»: “لا ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يُضيِّع الوقت بشأن القُدرة التنافسية مع الصين والولايات المتحدة” - الإيطالية نيوز

«دراغي»: “لا ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يُضيِّع الوقت بشأن القُدرة التنافسية مع الصين والولايات المتحدة”

الإيطالية نيوز، الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 - قدَّم الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي والرئيس السابق للمجلس الإيطالي «ماريو دْراغي» (Mario Draghi)، يوم أمس الاثنين، بحثًا طال انتظاره حول أسباب أزمة القُدرة التنافسية لدول الاتحاد الأوروبي، بتكليف من المفوضية الأوروبية قبل نحو عام.


وقد عرَّفت الصحافة الوثيقة بأنهَّا "تقرير دراغي"، لكنَّها تُسمَّى "مستقبل القدرة التنافسية الأوروبية": هي دراسة متعمِّقة، تتألَّف من 400 صفحة، جرى تطويرها مع مجموعة من الاقتصاديين والباحثين، وتجمع أهم التحدِّيات التي يواجهها الاقتصاد الأوروبي، بَدءًا من التحوُّل إلى الطاقة المتجدِّدة إلى الرقمنة والمنافسة مع الولايات المتحدة والصين.


بالإضافة إلى تحليل طويل لظروف البداية، وبالتَّالي للقضايا الأوروبية الحاسمة ونقاط الضُّعف التي تَسبَّبت في فُقدان اقتصاد الاتحاد الأوروبي للزَخَم، يقترح التقرير سلسلة من الإصلاحات والسياسات الملموسة التي سيَحدُثُ تنفيذها في العقود المُقبِلة لمواصلة ضمان دولة الرفاهية والرَّخاء التي يتمتَّع بها معظم السكَّان الأوروبيين حتَّى الآن: وبالتالي فإنّه سيُمثِّل أساس عمل للسياسة الاقتصادية الأوروبية، والتي ستتم مناقشتها على نطاق واسع في المجلس الأوروبي القادم، واجتماع رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء الذي يُعطي التوجيه السياسي للمفوِّضية، وفي إطار صياغة الخطة الإستراتيجية للاتِّحاد للفترة الخمسية 2024-2029.


على الرَّغم من أنَّ الدراسة لها أُفْقُُ طويل المدى، فقد أكَّد «دراغي» عدَّة مرَّات على أنَّه يجب تنفيذ التدخُّلات الضرورية في أسرع وقت ممكن: «هناك كلمتان رئيسيتان في هذا التقرير: قال في بداية عرضه: "الإلحاح والواقعية". وسأله أحد الصحفيين عن مستوى الإلحاح الذي يشير إليه، أي ما إذا كان يعتقد أن الاتحاد الأوروبي في لحظة "إما أن نضع كل هذا موضع التنفيذ أو نموت". أعطى دراجي ردًّا ساخرًا إلى حدٍّ ما ولكنَّه فعَّال في تعزيز رسالته: «لا أعتقد أن هذا هو الحال، إنَّه أشبه بـ «ضَعْهُ موضعَ التنفيذ وإلا سيكون الأمر عذابًا بطيئًا».  وأضاف: “لقد وصلنا إلى هذه النقطة، إذا لم نفعل شيئًا، فسنضطر إلى المخاطرة بوضعنا الاجتماعي أو بيئتِنا أو حُريتِنا.”

ويقترح التقرير تغييرًا جِذريًا في السياسة الصناعية الأوروبية للاستمرار في القدرة على المنافسة في الأسواق الدولية وعدم التخلُّف عن التقدُّم الذي تحرزه الولايات المتحدة والصين، وهما الاقتصادان الرئيسيان الأخران اللَّذان يجب على الدول الأوروبية التنافس معهما.  وقال «دراغي» إنَّ التحدِّي الذي يواجه الاتحاد هو "وجودي": “فإما يجد طريقة للمنافسة بفعالية، ويحافظ على الأمن والرخاء لسكانه، أو يفقد سبب وجوده.”


وبحسب التقرير فإنَّ الظروف التي ساهمت في ازدهار الاتحاد تغيَّرت بشكل جذري بعد جائحة كوفيدء19 وبداية الحرب في أوكرانيا. لم يعد الغاز الطبيعي الرُّوسي الرخيص متاحًا - وعلى الرَّغم من أنَّ أسعار الطاقة أقل بكثير من الذِّروة التي بلغتها في عام 2022، عندما حدثت أزمة طاقة خطيرة - استمرت الشركات الأوروبية في دفع ما يتراوح بين ضعفين إلى ثلاثة أضعاف ما تدفعه الشركات الأمريكية مقابل الكهرباء، ووجدت نفسها في وضع غير مؤات في ظروف البداية.


في الوقت نفسه، تخلَّفت الاستثمارات في الابتكار عن استثمارات الولايات المتحدة والصين، اللتين تنفِّذان خُطَطًا بمليارات الدولارات لتطوير قطاعاتهما التكنولوجية ووضع تحوُّل الطاقة موضع التنفيذ: 4 فقط من أفضل 50 شركة تكنولوجية في العالم هي أوروبية، وما يقرب من ثلث ما يسمى بـ "يونيكورن" (أي تلك الشركات التي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار) التي تأسَّست في الدول الأوروبية بين عامي 2008 و2021 نقلت مقارها إلى مكان أخر، إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي. وصلت الفجوة في الناتج المحلي الإجمالي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى 30 في المائة في عام 2023، مقارنة بـ 15 في المائة في عام 2002، ويرجع ذلك أساسًا إلى انخفاض الإنتاجية في البلدان الأوروبية.في الوقت نفسه، تخلَّفت الاستثمارات في الابتكار عن استثمارات الولايات المتحدة والصين، اللتين تنفِّذان خُطَطًا بمليارات الدولارات لتطوير قطاعاتهما التكنولوجية ووضع تحوُّل الطاقة موضع التنفيذ: 4 فقط من أفضل 50 شركة تكنولوجية في العالم هي أوروبية، وما يقرب من ثلث ما يسمى بـ "يونيكورن" (أي تلك الشركات التي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار) التي تأسَّست في الدول الأوروبية بين عامي 2008 و2021 نقلت مقارها إلى مكان أخر، إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي. وصلت الفجوة في الناتج المحلي الإجمالي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى 30 في المائة في عام 2023، مقارنة بـ 15 في المائة في عام 2002، ويرجع ذلك أساسًا إلى انخفاض الإنتاجية في البلدان الأوروبية.


ووفقًا للتقرير، فإنَّ من دون إصلاحات جذرية وزيادة الاستثمارات، وبالأخص في القطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيات الخضراء والذكاء الاصطناعي، فإنَّ الوضع سوف يزداد سوءً. وتحتوي الوثيقة على مقترحات تتعلَّق بالسياسة الصناعية لعشرة قطاعات مختلفة (من الأدوية إلى السيارات، ومن شراء المواد الخام البالغة الأهمية إلى إنتاج أشباه الموصلات) وبعض المقترحات الأكثر شمولاً، مثل تسريع سياسات الإبداع وتدريب العُمَّال.


وتخلص الدراسة إلى أنه ستكون هناك حاجة لاستثمارات سنوية تصل إلى 800 مليار يورو لتحقيق الأهداف، وهذا يعني على الأقل الاستمرار في الحفاظ على نفس المستوى من الرفاهية في البلدان الأوروبية: وهو رقم يعادل 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي.


 وعقد «دراغي» مقارنة مع "خطة مارشال"، خطة الإنفاق العام والاستثمار الضخمة التي مولت بها الولايات المتحدة إعادة إعمار الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، والذي غالبًا ما يتخذ مرجعًا عند الحديث عن المشاريع الاقتصادية الكبيرة. وكانت الاستثمارات المخطَّط لها في ذلك الوقت تقتصر على ما يقرب من 1 أو 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي.


المسألة المهمة ستكون هي فهم كيفية تمويل هذا المشروع: قال «دراغي» نفسه إنه سيكون من الضروري البدء في التفكير في أداة دين مشتركة بين الدول الأوروبية، وهو موضوع مثير للخلاف للغاية في السياسة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي. 


وقال: “لم يحدث في الماضي أن يبدو حجم الدول الفردية صغيرا وغير كاف مقارنة بحجم التحديات التي تواجهها”، مُضيفًا أنه “ستكون هناك حاجة أيضًا إلى مزيد من التنسيق لمنع كل دولة من القيام بذلك بمفردها في أهم القضايا.”