الإيطالية نيوز، الإثنين 16 سبتمبر 2024 - زار رئيس الوزراء البريطاني «كير ستارمر» (Keir Starmer) روما اليوم الإثنين وأشاد "بالتقدُّم الكبير" الذي حقَّقته الحكومة الإيطالية في الحدِّ من وصول المهاجرين عن طريق البحر. ووقَّع «ستارمر» إعلانًا مشتركًا مع رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني» (Giorgia Meloni)، ٱلْتزم فيه الزعيمان "بالعمل معًا على تعزيز الاتفاقيات مع بلدان المنشأ والعبور" للمهاجرين. ولم يَحدُثْ ذِكر أسماء الدول ليبيا وتونس وألبانيا صراحةً في الوثيقة، لكن هذا هو "النموذج" الذي تحدَّثت عنه «ميلوني» خلال المؤتمر الصحفي.
بالنسبة لِـ «ستارمر»، تعدُّ مكافحة الهِجرة غير الشرعية إحدى أولويات السياسة المحلية الرئيسية. ولهذا السَّبب أيضًا، قام رئيس الوزراء البريطاني بزيارة "المركز الوطني لتنسيق الهجرة" (NCC) التابع لوزارة الداخلية الإيطالية. قبل الزيارة، كتبت العديد من وسائل الإعلام البريطانية أن الهجرة ستكون الموضوع الرئيسي للمحادثات مع «ميلوني»، وقال وزير الخارجية البريطاني «ديفيد لامِّي» (David Lammy) يوم الأحد لِـ "بي بي سي نيوز" إنَّ الحكومة "مهتمة" بالسياسات الإيطالية.
وليس من قبيل الصُّدفة أن يكون «ستارمر» رفقة «مارتن هيويت» (Martin Hewitt). و«هيويت» هو قائد الشرطة السابق الذي جرى تعيينه يوم الأحد رئيسا لقيادة أمن الحدود، وهي الهيئة الجديدة التي أنشأتها حكومة "حزب العُمَّال" لتنسيق عمل وكالات الدولة، بما في ذلك أجهزة مكافحة الجريمة والأجهزة السرية، بهدف مكافحة "العصابات الإجرامية"، أي المتاجرين بالبشر الَّذين ينظِّمون عبور المهاجرين من فرنسا إلى المملكة المتحدة عبر القناة الإنجليزية.
أراد المسؤولون البريطانيون أن يروا كيف تتعاون القوات البحرية وخفر السواحل وهيئة الموانئ ووكالات إنفاذ القانون مع بعضها البعض في إيطاليا بالتنسيق مع "مركز التنسيق الوطني للهجرة"، الذي تأسس في عام 2012.
وأشاد «ستارمر» خلال المؤتمر الصحفي بـ "عمل إيطاليا مع الدول الواقعة على طول طرق الهجرة". وأشار إلى الانخفاض في عدد الوافدين عن طريق البحر الذي حدث في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023 (انخفض عدد الوافدين بنسبة %63). وقال رئيس الوزراء البريطاني: “لقد انخفضت الأعداد بشكل كبير: ليس فقط بفضل الاتِّفاق مع ألبانيا، الذي لم يبدأ بعد، ولكن بفضل عمل رئيسة الوزراء الإيطالية بشكل أساسي مع بعض بلدان المنشأ.” (في الواقع، تعود سياسة إيطاليا المتمثِّلة في عقد اتِّفاقيات مع البلدان الأصلية للمهاجرين إلى فترة طويلة قبل تولِّي «جورجا ميلوني» منصبها).
ووفقًا للموقع الإخباري الإيطالي، "إلْ_بُوسْت"، يمكن تفسير هذا الانخفاض الحاد بتزايد الجهود التي تبذلها السلطات التونسية والليبية لمنع مغادرة المهاجرين بالقوة المفرطة. هذه الممارسات العنيفة تجبر فِعلاً عشرات الآلاف من الأشخاص على البقاء في مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، حيث يحدث التعذيب والاغتصاب بشكل منهجي. أما في تونس، تتعامل سلطات نظام قيس سعيد مع المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الكبرى بتمييز وعنف لا نظير لهما، وهناك من عانى من ذلك لمدة عام ونصف أو أكثر، ومصطلح "كحلوش" شائع في هذين البلدين المصدرين للهجرة.
وقالت «ميلوني» إن الحكومة البريطانية "تبدي اهتمامًا كبيرًا" بمذكِّرة التفاهم الخمسية الموقَّعة في نوفمبر من العام الماضي مع رئيس الوزراء الألباني «إيدي راما» (Edi Rama) لبناء ثلاثة مراكز لاستقبال المهاجرين في ألبانيا. وهذه المراكز، التي كان من المفترَض أن تُفتَتَح في مايو، ليست جاهزة بعد، ووفقاً لِـ «ميلوني»، هناك حاجة إلى "بضعة أسابيع أخرى". وكان «ستارمر» أكثر حذَرًا، قائلًا إن البروتوكول لم يبدأ بعد وسينتظر ليرى آثاره، لكنَّه يعتقد أنه قد يكون هناك بعض التأثير فيما يتعلَّق بالرَّدع.
ينتمي «ستارمر» (1) و«ميلوني» (2) إلى معسكرين سياسيين متعارضين، ولذلك فمن اللَّافت للنَّظر أنَّ الأوَّل يتَّخذ من الثَّاني مثالاً فيما يتعلق بسياسات الهجرة التي يتعيَّن تَبنِّيها؛ وصحيح أيضًا أنَّ سياسات إدارة تدفُّقات الهجرة التي تنتهجها حكومات يسار الوسط ويمين الوسط الأوروبية، وخاصَّة في السنوات الأخيرة، كانت متشابهة تمامًا.
وأصرَّ «ستارمر» على نهجٍ وصفه بأنَّه "عملي": أي مناقشة المشاكل المشترَكة، مثل الهجرة غير الشرعية، مع الشركاء والحلفاء، وتعزيز التعاون وتبادل السُّبل والبيانات معهم.
على سبيل المثال، ادَّعى «ستارمر» يوم الاثنين أنَّه ألغى خطة المحافظين لطرد طالبي اللجوء في رواندا، لكنَّه فعل ذلك مستشهدًا بأسباب اقتصادية وليس الحاجة إلى إبعاد نفسه سياسيا عن سلفه. وقال «ستارمر» إنَّ الخُطَّة كلفت 370 مليون جنيه استرليني (نحو 440 مليون يورو)، لكنَّ الطعون القانونية تعرقلت ونتيجة لذلك جرى نقل 4 مهاجرين فقط إلى هذه دولة الإفريقية.
(الفرق بين خطة المحافظين ومذكِّرة التفاهم مع ألبانيا هو أنَّه في الحالة الثانية ستكون المراكز تحت الولاية القضائية الإيطالية، وبالتَّالي الأوروبية، ومن الناحية النظرية سيتم بعد ذلك نقل الأشخاص الذين سيكون لهم حق اللجوء إلى إيطاليا؛ أمَّا في خطة المحافظين، يبقى طالبو اللجوء، حتى لو جرى قبول طلبهم، في رواندا ولن يتمكنوا من العودة إلى المملكة المتحدة).
في الأسابيع الأخيرة، وقع حادثان خطيران لسفينتين في القناة الإنجليزية: في الحادث الأخير، في الليلة بين السبت والأحد، توفي 8 أشخاص.
في عام 2024، توفي 45 شخصًا بهذه الطريقة: لم يكن هناك هذا العدد من الأشخاص منذ عام 2018، عندما بدأت عمليات العبور المتكررة للمهاجرين عبر القناة.
في الأسابيع الأخيرة، وقعت حادثتان خطيرتان لسفينتين في القناة الإنجليزية: في الحادثة الأخيرة، في الليلة بين السبت والأحد، توفي 8 أشخاص. في عام 2024، توفي 45 شخصًا بهذه الطريقة: لم يُسجَّل مثل هذا العدد من الأشخاص منذ عام 2018، عندما بدأت عمليات العبور المتكرِّرة للمهاجرين عبر القناة.