إنَّ المفوضية الأوروبية هي الهيئة التنفيذية للاتِّحاد، وهي نوعُُ من الحكومة ذات صلاحيات أصغر تضم 27 مفوِّضًا (بما في ذلك الرئيس)، أشبه بالوزراء الذين لديهم وفود محدَّدة وما يترتب على ذلك من حقائب وصلاحيات. تُقدِّم كل دولة عضو، باستثناء الدَّولة التي يأتي منها رئيس المفوضية، إسم مُفوِّضها: عند هذه النقطة، يتفاوض رئيس المفوضية مع الحكومات الوطنية لتحديد ما إذا كان هذا الإسم يناسبه أم لا، وما هو الاختصاص الذي سيمنحه له. وفي الخريف، يستمع البرلمان الأوروبي إلى المرشَّحين في سلسلة من جلسات الاستماع، وفي نهايتها يُصوِّت البرلمان بشكل جماعي على تعيين المفوضية الجديدة. إذا سارت الأمور بسلاسة، فمن المفترَض أن تكتمل العملية برمَّتها في نوفمبر.
ولتسريع هذه الإجراءات، كتبت «فون دير لاين»، التي تمثِّل ألمانيا، في يوليو، إلى رؤساء حكومات جميع الدول الأوروبية الأخرى تطلب منهم تقديم إسمين لكل منهما للترشيح لمنصب المُفوِّض، رجل وامرأة. ولكن حتَّى الآن لم تتَّبع أي دولة هذا المؤشِّر. علاوة على ذلك، قدَّمت جميعها إسمًا واحدًا فقط، كما تتطلَّب المعاهدات الأوروبية (كان لاقتراح «فون دير لاين» طابع غير رسمي). وهذا يضع «فون دير لاين» في صعوبة كبيرة: 16 منهم تقدَّموا بطلب رجل و5 فقط تقدموا لامرأة: كرواتيا وإستونيا وفنلندا وإسبانيا والسويد. لا تزال هناك 5 دول لم تُقدِّم الترشيح، بما في ذلك إيطاليا، ولكن من المتوقَّع أن يقوموا أيضًا بترشيح رجال.
إذا كان الأمر كذلك، فستتكون المفوضية من أربعة أخماس الرجال، وهو ما يتعارض مع رغبات «فون دير لاين»، التي أولت دائمًا أهمية معينة للتمثيل المتساوي في ولايتها كرئيسة للمفوضية الأوروبية. وفي عام 2019، أشارت في خطاب تنصيبها إلى أنَّه «منذ عام 1958، كان يوجد 183 مفوِّضًا؛ مع وجود 35 امرأة فقط، أي أقل من 20 بالمائة: “نحن نُمثِّل نصف سُكَّاننا. نريد حصتنا.” وبعد إقناع العديد من الحكومات، بما في ذلك السويد والبرتغال، بتقديم مرشَّحة، تمكَّنت أخيرًا من تشكيل لجنة مكوَّنة من 14 رجلاً و13 امرأة، بما في ذلك هي نفسها.
لكن هذا العام لم يسير الأمر بالطريقة نفسها. وأوضح كثيرون أن الحكومات في الكتلة الأوروبية شعرت بالحرية في تجاهل طلب «فون دير لاين» لعدة أسباب.
واختارت بعض الدول إعادة ترشيح مفوِّضها المنتهية ولايتُه، واصطفت أيضًا مع استمرارية سياسية معيَّنة مع المفوِّضية المنتهية ولايتُها التي تأمُلها «فون دير لاين». فقد أعادت فرنسا، على سبيل المثال، ترشيح «تييري بريتون» (Thierry Breton)، المفوِّض الأوروبي المؤثِّر للسوق الداخلية والخدمات، على أمل أن يحدث تكليفه بالدور المهم للغاية كمفوض لشؤون الدفاع ونائب تنفيذي للرئيس، وهو أحد أهم المناصب المهمَّة في اللجنة بعد منصب الرئيس.
وقالت دول أخرى إنها ببساطة اقترحت الشخص الذي اعتقدت أنه الأفضل والأكثر تأهيلاً لمثل هذا الدور المهم. وقال رئيس الوزراء الأيرلندي، «سيمون هاريس» (Simon Harris)، إنَّه على الرَّغم من أخذ المساواة بين الجنسين "على محمل الجد"، إلَّا أنه اختار لهذا السبب فقط ترشيح وزير ماليته «مايكل ماكغراث» (Michael McGrath)، الذي ترك منصبه في يونيو على وجه التحديد لشغل مَنصب المفوِّض.
وحتى إيطاليا، التي لم تقدِّم مرشحها رسميًا بعد، يبدو أنها تتبنَّى المنطق نفسه. في الواقع، وباستثناء أي مفاجآت في اللحظة الأخيرة، ينبغي لحكومة «جورجا ميلوني» (Giorgia Meloni) أن تقترح «رافَّاييلي فيتُّو» (Raffaele Fitto)، الوزير الحالي للشؤون الأوروبية وسياسات التماسك و"خطة التعافي والمرونة الوطنية". وفي منتصف شهر يوليو، بالإضافة إلى إسمها، بهدف وجود مقترحَين، جرى تقديم اقتراح «إليزابيتَّا بيلُّوني» (Elisabetta belloni)، مديرة إدارة المعلومات الأمنية، أي الإدارة التي تتولَّى تنسيق وتوجيه أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية.
ومع ذلك، جرى وضع ترشيح «بيلُّوني»، على الرغم من أنه غير رسمي، جانبًا على الفور تقريبًا بعد أن أصبح من الواضح تمامًا أن من بين الحقائب الوزارية الرئيسية التي يمكن أن تطمح إليها إيطاليا هي منصب مفوِّض التخطيط المالي والميزانية، والذي سيكون «فيتُّو» مناسبًا له بشكل خاص نظرًا لخبرته في إدارة الصناديق الأوروبية. علاوة على ذلك، يَعرِف «فيتُّو» و«فون دير لاين» بعضهما البعض منذ بعض الوقت، وتربطهما علاقة قوية، وهو ما تأمل إيطاليا أن يُفيدها عند اختيار نائبي رئيس المفوضية.
أخيرًا، أشار البعض إلى أن الأدوار الرئيسية الثلاثة للاتحاد الأوروبي في الدورة التشريعية المقبلة، وهي دور "رئيس المفوضية"، و"رئيس البرلمان"، ودور "الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والأمن" (وهو من بين المفوضون) تعقدها ثلاث نساء: كما أعادت التأكيد أيضًا «أورسولا فون دير لاين»، والمالطية «روبرتا ميتسولا» (Roberta Metsola)، ورئيسة الوزراء الإستونية السابقة «كاجا كالاس» (Kaja Kallas).
وبحسب موقع "بوليتيكو"، فمن المحتمل أن تحاول «فون دير لاين» إقناع بعض الحكومات بتغيير ترشيحها، ووعدها بحقيبة أكبر إذا قرَّرت ترشيح امرأة. وفي الوقت نفسه، يعتمد توزيع الحقائب الوزارية أيضًا على أهمِّية الدولة العضو وخِبرة كل مرشَّح، وهو ما يُقلِّل بشكل كبير من مجال المناورة لديهم. وفي الوقت نفسه، يعتمد توزيع الحقائب الوزارية أيضًا على أهمية الدَّولة العضو وخبرة كل مُرشَّح، وهو ما يُقلل بشكل كبير من مجال المناورة لديهم.