فيلم "حياة الماعز" المكتسح لوسائل الإعلام يغطي على إبادة المسلمين في الهند - الإيطالية نيوز

فيلم "حياة الماعز" المكتسح لوسائل الإعلام يغطي على إبادة المسلمين في الهند

الإيطالية نيوز، الجمعة 23 أغسطس 2024: تعرض فيلم “حياة الماعز” (Goat life) لانتقادات لاذعة في المملكة العربية السعودية منذ جعل مشاهدته متاحا للمنخرطين في شبكة "نيتفليكس"، حسبما ذكرت وسائل إعلام عربية وسعودية. 

 الفيلم يثير بشكل جدي مشكلة الكفالة أو الكفيل، بالأخص هذا الأخير بدلًا من أن يتصرف بالرحمة والإحسان تنفيذا لتعاليم الإسلام يتصرف كشيطان  لا يتقاعس على تعذيب الإنسان بكل وسائل الشر المتاحة لكي يحسن خدمته.

هذا الفيلم الهندي، الذي لا يزال يثير تنديدا عالميا على وسائل التواصل الاجتماعي، أغضب رجال السلطة في السعودية، لدرجة أنه جرى وضع الممثل العُماني «طالب البلوشي» (في الفيلم يقوم بدور الكفيل) في القائمة السوداء في السعودية. 


النظام السعودي يشتكي من فيلم لأنه يسيىء لسمعة السعودية وللمواطنين السعوديين، فقام بمنعه من العرض في البلاد كما هو ممنوع في منطقة الخليج العربي. وبما أن السعودية تدرك أن مثل هذه الأفلام يحمل إساءة صريحة يقصد بها التشهير بالمجتمع السعودي، لماذا تمول تصوير وإنتاج أفلام يسيىء إلى مصر وإلى المصريين بتصويرهم مدمني مخدرات و لصوص و"حرامية" لا يترددون في سرقة حتى الأماكن المقدسة الطاهرة: نأخذ على سبيل المثال، فيلم "أولاد رزق 3" والفيلم "النونو"، الذي راج الحديث عن بداية العمل فيه مع بداية سنة 2025. هذا الفيلم الأخير، تدور أحداثه عن نَصَّاب محترف مصري ـ مع كل الأسف، يقوم بهذا الدور المصري أحمد حلمي ـ  يسافر إلى السعودية ليحتال على الحُجَّاج: يقوم بعمليتي نصب كبيرتين، الأولى في بطولة الجيمينغ؛ والثانية بحق المعتمرين والحُجًّاج.

 فيلم "حياة الماعز"، الذي صدر في دور السينما في مارس الماضي، يعيد تصوير أحداث مريرة وقعت حقيقة وعاشها بطل الفيلم وإثنين أخرين (هندي وإفريقي)، وكاد أن يُنْسى، لكن مُنح حياةُُ ثانيةُُ على "نتفليكس" منذ 19 يوليو الماضي، وجذب الاهتمام في المملكة العربية السعودية بعد وضع الترجمة كتابةً باللُّغة العربية له.

استنادًا إلى رواية حقيقية

الفيلم مستوحَى من قصة حقيقية، ومقتبَس من رواية ناجحة للكاتب الهندي «بنيامين»، "أيام الماعز" - صدرت عام 2008 -، ويروي أحداثًا وقعت عام 1992.


البطل الأول في الفيلم يُدعى نجيب، من ريف ولاية "كيرالا" التي  تقع على ساحل "مليبار" الهندي، حيث كان يعيش بسيطا ويعمل في "استخراج الرمل من النهر". كان حديث الزواج وينظر مولودا جديدا، أنثى اختار لها إسم "صفية" بما أنهما أسرة مسلمة. فجأة، يجد نفسه أمام أحد معارفه يخبره بوجود هندي مقيم في السعودية كان حاضرا في أحد الاحتفالات الدينية ومعه عقدي عمل في شركة سعودية، فاشترى أحد العقدين، الثاني ذهب لرفيقه في الرحلة، حكيم.


 عندما وصل نجيب إلى السعودية، تحوَّل مشروع اغترابه إلى كابوس مدمِّر لإنسانيته، يقع في يد بدوي سعودي يلجأ إلى مطارات البلاد لاصطياد المسافرين التائهين الوافدين من دول العالم الثالث، بالأخص الذين يبحثون عن عمل، فيجعلهم يعتقدون أنهم كفيلهم (مُشغِّلهم)، فيحملهم على عربته لنقل السلع كما تنقل البضائع والبهائم، ويسلك بهم طرقا صحراوية إلى أن يصل قلب الصحراء، قلب الإهانات والاستعباد، لتشغيلهما في رعي الماعز والإبل لمدة 3 سنوات من دون أن يوفر لهما أدنى ظروف تحفظ أدميتها.

أماكن تصوير مشاهد الفيلم

تمكن المخرج السينمائي الهندي «بليسي إيبي توماس» من تصوير مشاهد الفيلم بين الأردن والجزائر والهند بشكل أساسي، واستغرق تصويره نحو 5 أعوام.


تصدر قائمة الأكثر مشاهدة في العديد من دول العالم، لاسيما العربية منها، وحصد في الهند 5  جوائز في مهرجان "كرييتف كريتكس" السينمائي في جنوب الهند، حيث نال جائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل ممثل دور أول، وجائزة أفضل موسيقى، وجائزة أفضل هندسة صوت، وجائزة أفضل مخرج.


يقول الشخصية الحقيقية في كتابه "أيام الماعز" وهو يتحدث عن نفسه ورفيقه عبد الحكيم: خرجنا من المطار بعد أن تمت إجراءات القدوم. ولم يكن باستطاعتنا أن نطيل الاستمتاع بالمناظر في ذلك الموقف..جعل الخوف يدب فينا..لم يأت أحد ليأخذنا من المطار..وقد غادر جميع المسافرين النازلين معنا في سيارات أصدقائهم أو أقربائهم أو كفلائهم أو مندوبي شركاتهم، ولم يحضر أحد ليأخذنا. فلاحظ مواطن سعودي من البدو حيرتهما وضياعهما، ما جعله يبادر باختطافها مع الحيلة مدَّعيًا أنه الكفيل الذي ينتظرهما. أركبهما سيارته وانطلق نحو الصحراء حيث جفاف المناخ والقلوب. هناك تبدأ قصة معاناتهما وعملهما المدمِّر في رعي الأغنام والإبل لمدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر مثل العبد.   الفيلم يأخذك إلى عوالم الظُلم والقَهر والجبروت المطلَق حيث يُعامَل الإنسان معاملة تفقده قيمته كإنسان، بل وتنزلها لتكون أقلَّ من "صرصور": يتقاسم العلف مع الإبل ليسكن جوعه ويقضي الليل بينها في زريبة مُسيَّجة مثل الحيوان.


الفيلم يجسد حالة من الفلسفة الدرامية وكأن الكاتب درس فلسفة إحياء الضمائر الميتة وفتح القلوب الموصدة لترى نور الإنسانية، ومهد منصقة إطلاق فكر الإنسان ليسبح في عالم الكآبة والحزن، الظلم، وقهر الرجال على يد  إنسان أخر يرى نفسه أكثر وأعز قدرا ومكانة، فلا تجد نفسك إلا أن تبكي أو يتكمش قلبك عندما تشاهد إنسان يضرب بكل قسوة إنسان أخر لجعله يتوافق مع هواه الشيطاني. 


يحاول نجيب في أكثر من مناسبة الهروب من جحيم الكفيل وصحرائه، لكن ذهبت كل المحاولات إلى الفشل.


 بدأ نجيب يقتنع أن النجاة من جحيم الصحراء ومن وحشية كفيله بأنها مستحيلة، بالأخص أينما يولي وجهه لا يجد إلا الكثبان اللامنتهية من الرمال، التي إذا زارتها النسور، لا تزورها إلا  لمحو آثار جثة عبد هالك.

الفيلم يسلط أيضًا الضوء على جوانب أخرى تجعلك تلمس الجوهر الأصلي الخير للإنسان، وجسدته شخصية إبراهيم، المغترب الإفريقي، الإنسان القوي، المحب للحياة، الرَّحيم، المساعد والداعم، الذي يضحي بحياته من أجل الأخر، من أجل أن تبقى روحا على قيد الحياة، من أجل إعطاء الأمل لغد أفضل، من أجل التمسك بالوصول إلى الهدف كيفما كانت الظروف، بأن لا تفقد الإيمان. على الرغم من جميع محاولات «إبراهيم» في حمل «نجيب» ومواطنه «حكيم» إلى بر الأمان، خارج الصحراء، انطفأت روح «حكيم»، هنا كان الاختبار الحقيقي للإيمان بالنجاة أو الاستسلام للهلاك في الصحراء. لكن مع صلابة وقوة إيمان إبراهيم» و«نجيب» لا يسعك إلَّا أن تقول "أن الإيمان هو نور طريقك للنجاه"! 


السعودي الطيب في الفيلم

على الرغم من الكمية الهائلة من هذه الماساة العارمة التي هيمنت على أحداث الفيلم، خرج السعودي الطيب، العكس الكامل للكفيل المزيَّف، ليبرز الجانب الطيب للمجتمع السعودي بالوقوف بسياراته في طريق معزول وصحراوي غير آمن لكي يطمئن على سلامة رجل يبدو وكانه من ساكنة الكهوف في القرون الغابرة، فحمله معه في السيارة الفاخرة مقدما له الماء لاسترجاع قواه واأنفاسه. هذا الفعل ساهم في إنقاذ حياة رجل كان وشك الموت في الخلاء من شدة التعب والعطش والجوع. الفيلم يصور ايضا فكرة الشر ينتشر بكثرة، ولكن الخير هو الأخر يتجدد حتى لو ببطئ. 


فيلم "حياة الماعز" يحيي مرة أخرى قصة مماثلة ليمني في صحراء السعودية

أعاد فيلم "حياة الماعز" مأساة المواطن اليمني، «عبد الله علي يحيى عميرة»، من أصل قبيلة "الزراني"، بمحافظة الحديدة، باليمن. كان «عبد الله» قد هاجر إلى السعودية صغيرا في السن بحثا عن عمل يحسِّن به الوضع المادي لأسرته، لكنه سقط في سجن الاستعباد بالصحراء. ظل والداه، وهما متقدِّمان في السن، ينتظران الأخبار عنه لسنوات ومن دون انقطاع، تماما مثلما كان ينتظر سيدنا يعقوب أخبارا سارة عن إبنه وحبيبه سيدنا يوسف عليهما السلام أجمعين.

عاد إلى الوجود مرة أخرى بعد إن التقى به  صُدفةً شاب من اليمن وهو يرعى الغنم في منطقة خلاء لمدة 20 عاما.