الإيطالية نيوز، السبت 17 أغسطس 2024 - أعلنت منظَّمة الصحَّة العالمية أن وباء جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وفي مناطق أخرى من إفريقيا يُمثِّل حالة طوارئ عالمية، مع انتشار نوع جديد من الفيروس وحالات مؤكَّدة بين الأطفال والبالغين في أكثر من إثنتي عشرة دولة، مع توفُّر جرعات قليلة من اللقاحات في القارة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن تفشِّي جدري القِردة يُمثِّل حالة طوارئ صحية عامة، مع وفاة أكثر من 500 شخص، ودعت إلى مساعدة دولية لوقف انتشار الفيروس.
الأرقام مثيرة للقلق
زادت معدلات العدوى بنسبة %160 و معدلات الوفيات بنسبة %16 مقارنة مع سنة 2023.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم غيبريسوس»: “يحدث شيء خطير يثير قلقنا جميعًا. إن احتمال انتشار المرض خارج أفريقيا أمر مقلق للغاية.”
جرى تسجيل معظم الحالات في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقال المركز الأفريقي إن جدري القِردة، جرى اكتشافه في 13 دولة هذا العام، وأن أكثر من 96 بالمائة من الحالات والوفيات حدثت في الكونغو الديمقراطية. وزادت الحالات بنسبة 160 بالمئة والوفيات بنسبة 19 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وجرى حتَّى الآن تسجيل أكثر من 14 ألف حالة إصابة ووفاة 524 شخصا.
في هذا الصدد، قال «سالم عبد الكريم»، خبير الأمراض المعدية في جنوب إفريقيا والذي يرأس لجنة الطوارئ الإفريقية التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها: “نحن الآن في وضع أصبح خَطيراً على العديد من الدول الأخرى في وسط أفريقيا وما حولها.” وأشار إلى أن النسخة الجديدة من الجدري، التي تنتشر من الكونغو الديمقراطية، سبَّبت وفيات تتراوح نسبتها بين 3 و 4 بالمائة.
خلال وباء جدري القردة العالمي عام 2022، والذي تأثَّرت به أكثر من 70 دولة، توفي أقل من %1 من الناس. وقال «مايكل ماركس»، أستاذ الطب في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إنَّه “من الصواب إعلان تفشِّي مرض جدري القردة في إفريقيا كحالة طوارئ إذا ذلك يُمكن أن يؤدِّي إلى دعم أكبر لاحتوائه.” وأضاف: “إنَّه لفشلُُ للمجتمع العالمي أن تسوء الأمور إلى هذا الحد أو تتفاقب بسبب التأخير في الإسهام بالموارد الضرورية.”
وقال مسؤولون في المركز الإفريقي إنَّ ما يقربُ من 70 بالمائة من الحالات في الكونغو الديمقراطية تتعلَّق بأطفال تقلُّ أعمارهم عن 15 عامًا، والذين يُمثِّلون أيضًا 85 بالمائة من الوفيات.
وقال «جاك ألوندا»، عالم الأوبئة الذي يعمل في الكونغو مع جمعيات خيرية دولية، إنه وخبراء أخرون يشعرون بالقلق بشكل خاص بشأن انتشار الجدري في مخيمات اللاجئين في شرق البلاد الذي مزَّقته الصراعات. وقال «ألوندا»: “إنَّ أسوأَ حالةٍ رأيتُها هي لطفل يبلغ من العمر ستة أسابيع وكان عمرُه عندما أصيب بالجدري أسبوعَيْنِ فقط”، مضيفًا أن “الطفل وُضِع تحت رعايتهم لمدة شهر.” وتابع عالم الأوبئة: “لقد أُصيب بالعدوى لأنَّه، بسبب الاكتظاظ في المستشفى، اضطر هو ووالدته إلى تقاسم الغرفة مع شخص أخر مصاب بالفيروس، ولم يتم تشخيصه.”
من جانبها، قالت منظمة إنقاذ الطفولة “إنَّ النِّظام الصحِّي في الكونغو الديمقراطية "ينهار" فعلًا بسبب سوء التغذية والحصبة والكوليرا.”
وفي ناحية أخرى، بالأخص في أوروبا، جرى الإعلان عن أول حالة إصابة في السويد، والأمر يتعلق هنا بشخص قادم من إفريقيا: جرى كشف المتحور الجديد في السويد. وهو سريع الانتشار ويسبب أعراض خطيرة.
هو الأخر، قال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC)، وكالة الاتحاد الأوروبي المعنية بالأمراض المعدية، إن لقاحات الجيل الثالث من جدري القرود المستخدَمة خلال حملة التطعيم 2022ء2023 "يُعتقد أن لها فعالية مماثلة [لتلك ضد المُتَحوِّر الثاني أيضًا] ضد المُتَحوِّر الأول" على الرغم من عدم وجود دراسات كاملة حاليًا حول خصوصيات المُتغيِّرات المختلفة .
في الماضي، كان الفيروس الذي يسبب "جدري القرود" ينتمي في الواقع إلى رتبة "أُرْثُوبُوكْس"، وهو داء الجدري نفسه، وهو مرض أكثر خطورة، ولكن جرى القضاء عليه في عام 1980 بفضل حملة التطعيم الدولية الطويلة (الحملة التي شارك فيها المواطنون الإيطاليون الذين تزيد أعمارهم عن 47 عامًا مع ندبة على ذراع واحدة).
وبدلاً من ذلك، فإن الإشارة إلى القردة مستمَدَّة من حقيقة أنه جرى اكتشافه في البداية، في عام 1958، في العَيِّنات البيولوجية للقردة الموضوعة في الأقفاص، قبل أن يحدث "قفزة نوعية" ويُصبح فيروسًا مُعديًا أيضًا للبشر.
في نوفمبر 2022، قررت منظمة الصحة العالمية تغيير الاسم الرسمي للمرض، وأوصت في المقام الأول المجتمع الطبي ووسائل الإعلام بعدم استخدام الاسم القديم بعد الآن، لأنه تم استغلاله على الإنترنت وفي سياقات أخرى للتعبير عن العنصرية. المفاهيم.