الإيطالية نيوز، الأحد 28 يوليو 2024 - قالت وكالة الأنباء الإسبانية "يوروبا برس" في مقال بأنه على الرغم من التغييرات التي شهدتها وتشهدها المملكة المغربية منذ 25 سنة، أي منذ 23 يوليو 1999،عندما خلف محمد السادس والده الحسن الثاني كملك للمغرب، أكثر من نصف الشباب المغاربة يُفكِّرون في مغادرة البلاد بَحْثًا عن مستقبل أفضل. وعزت "يوروبا برس" ذلك إلى معاناتهم من ويلات الفقر والوضع الاقتصادي السيئ والفساد المستمر.
إن الصورة التي تحاول وكالة الأنباء الإسبانية نقلها للمملكة المغربية مستوحاة أحدث مقياس قدمه معهد "أفروباروميتر"، الذي نشر في يونيو الماضي بيانات للمملكة الشمال إفريقية تعكس بقلق كيف لم يتعاف اقتصادها بشكل كامل من آثار فيروس كورونا، والحرب في أوكرانيا وزلزال سبتمبر 2023 في منطقة مراكش، وكيف تواجه الرباط مشاكل في تغطية نفقات ذلك وشراء المواد الغذائية التي باتت أسعارها ترتفع بوتيرة تثير غضب المواطنين، ناهيك عن الفساد المستشري في المؤسسات الإدارية.
وفي هذا السياق، أقر %35 من المغاربة بأنَّهم فكَّروا في مغادرة البلاد، وهو رقم يرتفع إلى %55 بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، وينخفض إلى %24 فيما فوق هذا العمر. وبحسب الجنس، فقد فكر %45 من الرجال في الهجرة، مقارنة بـ %25 من النساء.
وعن الأسباب التي قد تدفعهم للهجرة، أشار %45 ممن شملهم الاستطلاع إلى العوامل الاقتصادية باعتبارها السبب الرئيسي، بينما ذكر %18 أنَّ فرص التعليم، و%15 يرجعون الفساد، و%13 أسباب سياسية. بالإضافة إلى ذلك، قال %11 إنهم يريدون القيام بذلك من أجل لم شملهم مع أفراد الأسرة الموجودين بالفعل خارج البلاد.
وأشار التقرير الذي استشهدت به وكالة الأنباء الإسبانية "يوروبا برس" إلى أن بين الوجهات المفضلة التي يريد المواطنون المغاربة، الذين شملهم الاستطلاع، الذهاب إليها توجد أيضا إسبانيا. إن المغاربة واضحون: إنهم يفضلون الغرب على أي دولة مجاورة أو أفريقية. وهكذا، أشار %26 إلى الولايات المتحدة كوجهة مفضَّلة لهم، تليها فرنسا وكندا (%23)، وإيطاليا وإسبانيا (%22)، وألمانيا (%19)، وفقًا لمقياس "أفروباروميتر".
ويكشف الاستطلاع، الذي شمل 2411 شخصًا من جميع المناطق في الفترة ما بين 11 ديسمبر 2023 و30 يناير 2024، أن ثلث المغاربة فقط يعتقدون أن اقتصاد بلادهم في حالة جيِّدة، وهو رقم يتناقض مع ٪66 الذين اعتقدوا الشيء نفسه في عام 2016.
وفي آخر تقييم له في نوفمبر الماضي، أكَّد البنك الدولي أنَّ الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 3.4% في عام 2023 على الرغم من الرياح الاقتصادية المعاكسة العالمية وارتفاع التضخم وزلزال الحوز، بعد %1.3 فقط في عام 2022 ولكن مقارنة بـ %8 في عام 2021. وبحسب توقعات بنك التنمية الأفريقي، سيصل النمو الاقتصادي إلى %3.5 عام 2024 و%3.8 عام 2025، في حين سيستمر التضخم في الانخفاض (%4.1 و%3.8 على التوالي).
الاقتصاد هو التحدِّي الرئيسي
في هذا السياق، يعتبر %22 من المغاربة أنَّ الاقتصاد هو التحدّي الرئيسي الذي يواجه البلاد، رغم أنَّ الرَّقم أقل بإحدى عشرة نقطة عما كان عليه في عام 2022. وبشكل عام، فإنَّ الَّذين شملهم الاستطلاع أكثر تفاؤلًا من العام السابق فيما يتعلَّق بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتقد %14 أنَّه سيكون أفضل بكثير و%35 أفضل إلى حد ما في السنوات المقبلة.
ويرتفع الرأي الإيجابي والتفاؤل بشأن المستقبل الاقتصادي للمملكة، كما هو متوقَّع، بين أولئك الَّذين ليس لديهم مشاكل في تلبية احتياجاتهم. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد %39 أنَّ فجوة الثَّروة اتَّسعت في العام الماضي، رغم انخفاض الرقم مقارنة بـ %44 في عام 2022. ومن بين الذين يعانون من مشاكل اقتصادية ترتفع النسبة إلى %49. وفي هذه المسألة، يُلاحَظ وجود اختلاف واضح على المستوى الإقليمي. وبالتالي فإنَّ %26 فقط في الشمال يرون أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء قد اتَّسعت مقارنة بسكان المناطق الأخرى. تقليدياً، آلمواطنون الأكثر حرمانًا في البلاد يوجدون في الشرق (%41)، أما في الوسط (%44) والجنوب (%44).
أحد الأعراض الرئيسية لعدم المساواة الاقتصادية التي يُحدِّدها المغاربة هو انعدام الأمن الغذائي. وعندما سُئلوا عمَّا إذَا كان الطعام قد نَفد ولم يكن لديهم المال للحصول على المزيد في الشهر الماضي، قال %63 إن هذا شيء حدث لهم كثيرًا أو أحيانًا. في عام 2022، أعطى %36 هذه الإجابة.
علاوة على ذلك، يعتقد %57 من المغاربة أنَّ هناك مشكلة في توفُّر الغذاء إلى حدٍّ ما ويعتقد %59 أن هناك مشاكل في القدرة على تحمُّل تكاليفه. ومن بين العوامل التي تُؤثِّر على هذا الوضع الإدارة الحكومية (%28)، والتضخم (%17)، وعدم المساواة في الثروة (%8)، وكذلك تغيُّر المناخ (%16)، والحرب في أوكرانيا (%12).
الفساد يعرقل التطور الاجتماعي
من ناحية أخرى، يُشكِّل الفسادَ أحد الشواغل الكبيرة الأخرى لدى المغاربة. ويعتقد %74 أنَّه لا يزال سائدًا إلى حدٍّ كبير أو جيِّدٍ في مؤسَّسات الدولة، وفقًا لبيانات 2016، رغم أن الرَّقم يرتفع إلى %86 بين غير القادرين على تأمين قوت يومهم وبين من يصل مستواهم التعليمي إلى %77.
وفيما يتعلَّق بالثقة في الحكومة المغربية، في بلدٍ له الكلمة الأخيرة لمحمد السادس في العديد من القضايا، خاصَّة في السياسة الخارجية، تبلغ هذه النسبة %33، أي أقل بعشر نقاط من عام 2016، عندما وصل إلى أعلى مستوياته. وتتشابه البيانات في حالة رئيس الوزراء عزيز أَخنوش: %10 يثقون به كثيرًا و%21 يثقون به بما فيه كفاية.
ويتمتَّع البرلمان المغربي، المنتخب عام 2021، بصورة أفضل بين المغاربة، حيث بلغت نسبة الثقة فيه %38، بزيادة خمس نقاط عن العام السابق و17 نقطة عن عام 2018، وهو أعلى مستوى جرى العثور عليه حتَّى الآن بواسطة مقياس "أفروباروميتر". وبالتالي، يعتقد واحد فقط من كل ثلاثة مغاربة أنَّ حكومته تستجيب كُلِّيًا أو جزئيا لما يريدون، وهو رقم أعلى بين الأكثر ثراء (%47)، وبينما يريد %55 إصلاحات فورية، فإن %37 يفضلون إدخالها. بشكل تدريجي و%6 يفضلون عدم إجراء أي تغييرات.