ترك هذا الاتفاق رئيسة الوزراء الإيطالية «جورجا ميلوني» تشعر بخيبة أمل وغضب، حيث قرَّرت التعبير عن معارضتها وقت التصويت، والامتناع عن التصويت على ترشيح «فون دير لاين» ومعارضة ترشيح «كوستا» و«كالاس». إلى جانب «ميلوني»، كان الزعيم الأخر الوحيد الذي اعترض على الاتِّفاق هو رئيس الوزراء المجري «فيكتور أوربان»، الذي صوت ضدَّ «فون دير لاين»، لصالح «كوستا» وامتنعت عن التصويت على «كالاس».
وعلَّقت «ميلوني» على هذا الاختيار بطريقة جدلية للغاية، حيث اشتكت من أنَّها لم تشارك في المفاوضات على الرغم من أن انتخابات 8 و9 يونيو أدَّت إلى ظهور "مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" (ECR)، التي تترأَّسها «ميلوني» نفسها، مثل المجموعة الثالثة في البرلمان الأوروبي من حيث عدد الأعضاء المنتخَبين. ولكن في النهاية صمد الاتِّفاق الذي حدَّده المفاوضوِن من العائلات الرئيسية الثلاث التي تُشكِّل تاريخيًا الأغلبية المؤيِّدة لأوروبَّا: حزب الشعب من يمين الوسط، وحزب الليبراليين الوسطيين، والاشتراكيين من يسار الوسط.
إنَّها حقيقة مُهمَّة للغاية: إنهَّا المرة الأولى التي لا توافق فيها إيطاليا على تعيين رئيس المفوضية في المجلس الأوروبي، وهي أيضًا المرة الأولى التي تعترض فيها دولة مؤسِّسة للاتحاد على الاختيار الذي اعتمده مجلس الاتحاد. ومن أجل الاستفادة من النتيجة الانتخابية الجيِّدة لحزبها، ودحض التعليقات التي تصفها بأنها معزولة أو مهمَّشة في أوروبا، على الأقل جزئيًا، سيتعيَّن على «ميلوني» التفاوض مباشرة مع الألمانية «فون دير لاين» للحصول على وضعٍ جيِّدٍ لإيطاليا داخل المفوضية.
وعلى عكس «كوستا» و«كالاس»، في الواقع، سيتعيَّن على «فون دير لاين» الحصول على تصويت تأكيد من البرلمان الأوروبي بأغلبية مطلقة، أي ما لا يقل عن 361 من أصل 720 عضوًا منتخبًا حديثًا في البرلمان الأوروبي: لدى الشعبويين والاشتراكيين والليبراليين 399 مُمثلًِّا في الجمعية؛ لكن في كثير من الأحيان، يتَّسم انتخاب رئيس المفوِّضية، الذي يتم بالاقتراع السرِّي، بحضور ملحوظ لـ "القنَّاصين"، أي الأفراد المنتخَبين الذين يصوِّتون بشكل معارض فيما يتعلَّق بمؤشرات مجموعتهم.
بمعنى ما، تتمتَّع المفوِّضية بتكوين ثابتٍ وشكلٍ متغيِّرٍ. في الواقع، تنصُّ المعاهدات المُنشئة للاتِّحاد على أن اللجنة تتكون من عضو واحد من كل دولة، وجميعهم مدعوون لخدمة مصالح الاتحاد وليس مصالح بلدهم. وبالإضافة إلى «فون دير لاين»، سيكون هناك 26 مفوِّضًا، ولكل منهم تفويضات محدَّدة وامتيازات لاحقة. ولكن ضمن هذا المحيط، ستكون «فون دير لاين» قادرةً على التحرُّك كما تشاء، وتشكيل لجنتها بطريقة تعسُّفية للغاية. وفي ظل هذه الحرِّية الواسعة، ستقرِّر أيضًا ما إذا كان سيتم تعيين نواب للرئيس وعددهم، وما هي الصلاحيات التي سيُعهد بها إليهم.