«بوتين» في زيارة تاريخية لكوريا الشمالية يفكُّ العُزلة عن «كيم» ويُعزِّز التعاون العسكري - الإيطالية نيوز

«بوتين» في زيارة تاريخية لكوريا الشمالية يفكُّ العُزلة عن «كيم» ويُعزِّز التعاون العسكري

الإيطالية نيوز، الثلاثاء 18 يونيو 2024 - بدأ الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، اليوم الثلاثاء، زيارة تستغرق يومين لكوريا الشمالية: وهذه هي رحلته الأولى إلى البلاد منذ عام 2000 والأولى التي يقوم بها زعيم أجنبي إلى "بيونغ يانغ" منذ جائحة فيروس كورونا. في سبتمبر، ذهب الزعيم الكوري الشمالي «كيم يونغ أون» إلى روسيا، وكانت تلك الزيارة بمثابة بداية لعلاقة أوثق بين روسيا وكوريا الشمالية. وقبل الزيارة البوتينية لِـ "بيونع يانغ"، جرى تداول إشاعات تفيد بالتوصُّل إلى اتفاق، الذي جرى تكذيبُه رسميًا من قبل الطرفين المعنيين، لإرسال أسلحة كورية شمالية إلى روسيا، التي تستخدمها لدعم غزو أوكرانيا.

وتمثِّلُ زيارة بوتين لكوريا الشمالية مزيدا من التوافق بين البلدين، وهو ما وصفه «كيم يونج» أون بأنَّه "علاقة لا تنفصم بين رفاق السلاح". وبالنسبة لروسيا، فإنَّ إمدادات الذخيرة ليست فقط على المحك، بل وأيضًا دعم كوريا الشمالية في الحرب الموسَّعة بين «فلاديمير بوتين» والغرب. وهذا القرب يُعقِّد السياسة الأميركية في آسيا، ويفرض ضغوطًا على كوريا الجنوبية، الحليف الرئيسي للدول الغربية في المنطقة، ويمكن أن يحدَّ من قرارات الهيئات الدولية بعزل النظام الكوري الشمالي.

 وتستمر زيارة «بوتين» برفقة الوزراء وكبار المسؤولين يومين، ثم يتوجَّه الوفد الروسي أيضا إلى "فيتنام". وأظهرت صور الأقمار الصناعية الاستعدادات لعرض كبير في الساحة المركزية في "بيونغ يانغ"، فيما أعلنت وكالة الأنباء الروسية "تاس" أنه سيجري توقيع اتِّفاقيات لتحُلَّ مَحلَّ الاتِّفاقيات السابقة من 1961 و2000 و2001.

وقام «بوتين» بزيارة رسمية إلى كوريا الشمالية في عام 2000، وهو عامه الأول كرئيس، حيث التقى بـ«كيم يونغ إيل»، والد الزعيم الحالي. لكن العلاقات بين البلدين ظلَّت فيما بعد فاترةً إلى حد ما، والتبادلات التجارية محدودةً والتعاون العسكري غائبًا. ووافقت روسيا أيضًا على العديد من العقوبات الدولية ضد كوريا الشمالية والتي م فُرضتها لأول مرة في عام 2006 بعد أول تجربة نووية أجراها النظام الكوري الشمالي.
تغيَّرت الأمور بشكل كبير بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022: إن قطع الدول الغربية للعديد من العلاقات التجارية مع روسيا «بوتين» أجبرت روسيا في البداية على اللجوء إلى كوريا الشمالية بحثًا عن مصادر جديدة لإمدادات الأسلحة لزيادة إمداداتها الخاصة، والتي انخفضت بسبب الاستخدام المستمر في الحرب في أوكرانيا والعقوبات الدولية. وتمتلك كوريا الشمالية مخزونًا جيِّدًا من قذائف المدفعية والصواريخ والذخائر الأخرى، على الرغم من أنَّ جودتها تعتبر منخفضة. وبدلاً من ذلك، فهي تحتاج عمليًا إلى كل شيء أخر، بَدْءًا من الغذاء والطاقة والوقود، فضلًا عن التقنيات عالية المستوى لتطوير برنامجها العسكري والصاروخي والنووي، وفضلًا عن برنامج أقمار التجسُّس الصناعية.


ووفقًا لمصادر استخباراتية كورية جنوبية، زوَّدت كوريا الشمالية روسيا بـ 11 ألف حاوية أسلحة منذ سبتمبر، معظمها ذخيرة مدفعية عِيار 152 ملم وقاذفات صواريخ. في المقابل، حصلت على عدد مماثل من حاويات المساعدات والوقود، وأيضًا الدَّعم التكنولوجي: لطالما نفت الدولتان هذه التبادلات، في حين يظلُّ مدى الدَّعم التكنولوجي الذي تُقدِّمه روسيا موضع خلاف.

وأيضًا وِفقًا للعديد من الخبراء والمراقبين الدوليين، ربَّما تكون روسيا قد استجابت في الوقت الحالي لعدد قليل من طلبات كوريا الشمالية، والتي تتعلَّق بالتقنيات المتعلقِّة بالغوَّاصات النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

الولايات المتحدة الأمريكية قلقلة من التقارب الروسي الكوري الشمالي
إلى جانب هذه التبادلات، فإن العلاقة بين البلدين لها آثار سياسية. قال المتحدِّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي «جون كيربي»، الإثنين، إنَّ إدارة الرئيس «جو بايدن» "قلقةُُ إزاء تعميق العلاقة بين البلدين". ويأتي دعم روسيا لكوريا الشمالية وسط توتُّرات متزايدة بين الولايات المتحدة والصين في جنوب شرق آسيا وبين الكوريتين في المنطقة الحدودية منزوعة السلاح. وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى كونها حليفًا مستقرًّا للولايات المتحدة، فهي دولة مهمةُُ منتجةُُ للأسلحة.

وكان التأثير الأول في مايو هو وقف الضوابط على تطبيق العقوبات الدولية التي فرضتها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية. في 30 أبريل، انتهت ولاية مجموعة الخبراء الثمانية التي عيَّنتها الأمم المتحدة والتي قامت بالتحقيق في الانتهاكات المحتمَلة للعقوبات من قبل حكومة «كيم جونغ أون»: وقد حال حق النقض الذي عبَّرت عنه روسيا في مجلس الأمن دون تجديده. ومن الممكن أن تؤدِّي العلاقات الأوثق بين البلدين إلى استخدام حق النقض مماثل فيما يتعلَّق بالقرارات المتعلِّقة بكوريا الشمالية وإنشاء تحالف مستقر في المنطقة الآسيوية له وظيفة مناهضة للغرب، وهو ما يمكن أن يخدم السياسة الخارجية للصين، التي تسعى إلى نفوذ أكبر في المنطقة. وتظلُّ علاقات النظام الصيني مع روسيا وكوريا الشمالية غامضةً: ففي حين تدعمهما بحكم الأمر الواقع، فإنَّ الصين لا تكشف عن نفسها رسميًا، وتعتبر الآن البلدين حليفين "قاصرين".

يبدو أن المرحلة الجديدة من العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية مقدَّرُُ لها أن تستمرَّ طالما استمرَّت الحرب في أوكرانيا، ولكن وفقًا للخبراء، فإنَّ هذه المرحلة لا تقوم على أُسسٍ متينةٍ حقًّا: فإمدادات الأسلحة، المهمة في هذه المرحلة، يمكن أن تصبح بالتأكيد أقلَّ أهميةً في المستقبل. علاوة على ذلك، فإنَّ الأسلحة التي تمتلكها كوريا الشمالية مفيدةُُ لروسيا في الوقت الحالي لأنَّها متوافقة مع المعدات السوفييتية التي لا تزال متاحة للجيش الروسي، لكنَّها ليست متقدِّمة بشكل خاص من الناحية التكنولوجية.

لكن في الوقت الحالي، يساهم الاتفاق في تعزيز فكرة «بوتين» عن وجود نموذج بديل ومتناقض لنموذج الديمقراطيات الغربية: بالنسبة لكوريا الشمالية، كانت العلاقات التجارية الجديدة بمثابة أداة لتحقيق الاستقرار الجزئي للاقتصاد، فضلًا عن كونها وسيلة للهروب من العزلة الكاملة. وفي الأشهر الأخيرة، كان السياح الروس أول من دخل البلاد بعد الوباء، وكانت وكالات السفر الروسية تنظم باستمرار جولات في البلاد. كما تسمح روسيا لعدد من الكوريين الشماليين بالعمل في البلاد: تشكل التحويلات المالية من هؤلاء العمال مصدرًا صغيرًا ولكنه لا يزال مهمًا للنقد الأجنبي لكوريا الشمالية.