وجرى الاتِّفاق على فترة التعليق اليومية للهجوم، والتي تُسمَّى "التوقُّف التكتيكي"، مع الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الدولية، التي أفادت منذ فترة طويلة أنَّ الظروف الإنسانية في رفح أصبحت الآن خطيرة للغاية بسبب الهجوم الذي يشنه جيش النظام الصهيوني.
بعد وقت قصير من إذاعة الخبر، أثار الإعلان العديد من الجدل. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي «يوآف غالانت» (Yoav Gallant) إنَّه لا يعلم شيئًا عن ذلك. وحدَّدَ الجيش الإسرائيلي بعد ذلك وقف القتال فقط على طول طريق "صلاح الدين" الذي يربط "بَوَّابة كرم أبو سالم"، بالجزء الشمالي لمدينة "رفح".
والغاية من هذا التوقُّف، على الأقل على الورق، هو السَّماح للشاحنات التي تحمل المساعدات، وبالأخص المواد الغذائية، بعبور الحدود عند "كرم أبو سالم" والتحرُّك من دون مخاطر على طريق "صلاح الدين"، الذي يظل بمثابة جسر الوصل الرئيسي بين بين شمال القطاع وجنوبه: منذ بداية شهر مايوعندما بدأ هجوم الجيش الإسرائيلي على رفح، ظلَّت العديد من الشاحنات عالقة على الحدود.
وفقًا للبيانات الصادرة عن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (OCHA)، جرى إرسال 68 شاحنة من المساعدات الإنسانية يوميًا في الفترة من 6 مايو إلى 6 يونيو، وهو عدد أقل بكثير من 168 شاحنة يوميًا جرى إرسالها في أبريل، وقبل كل شيء، الـ 500 التي ستكون ضرورية لضمان حجم المساعدات اللازمة للأشخاص الذين يواجهون صعوبات، بحسب تقديرات المنظمات الإنسانية المختلفة.
وقالت "كوغات"، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على توزيع المساعدات إلى غزة، إن إسرائيل لا تفرض قيودًا على دخول المساعدات واتهمت الأمم المتحدة بعدم وجود عدد كافٍ من الشاحنات. ورفضت الأمم المتحدة هذه الاتهامات.
حتى أوائل شهر مايو، كانت "رفح" تعتبر المنطقة الوحيدة الآمنة جزئيًا بعد أشهر من القصف والهجمات البرِّية في بقية أنحاء القطاع.وبدلًا من ذلك، أجبر بدء الهجوم مئات الآلاف من الأشخاص على التحرُّك مرة أخرى، هذه المرة باتِّجاه الشمال، نحو المناطق التي جرى التخلي عنها منذ أشهر.
وأدَّت الحركة الجديدة، ومعظمها نحو المناطق الساحلية في "خان يونس" و"دير البلح"، إلى تفاقم الظروف المعيشية للسكَّان، ممَّا سبَّبَ أزمة إنسانية أخرى، رُبَّما تكون أكثر خطورة من الأزمات السابقة. وكما هو الحال في "رفح"، فإن مخيَّمات الخيام مكتظَّة وتفتقر إلى الشروط الصحية اللازمة، في حين تعاني من نقص في الغذاء والمياه والوقود اللَّازم لتشغيل المُولِّدات. ويستمر نقص الغذاء منذ أشهر، حيث تُقدِّر الأمم المتحدة أن أكثر من 1.1 مليون فلسطيني يعانون من سوء التغذية.
كما أن الوضع خطير للغاية في المستشفيات، التي لا تستطيع تلبية حاجيات جميع المصابين أو المرضى، وغالباً ما تضطرُّ إلى رفض استقبال مرضى جدد. والمستشفيات التي لا تزال مفتوحة وعاملة هي 17 من أصل 36: من بينها 3 في شمال القطاع، 7 في مدينة "غزة"، 3 في "دير البلح"، 4 في "خان يونس": يحدت إجراء العمليات المعقدة مثل عمليات بتر الأطراف في خيام مرتجلة في الساحات، ويتم إنشاء غرف الولادة في المدارس ورياض الأطفال، ولم يتمكن المرضى المصابون بأمراض مزمنة (السرطان والسكري، على سبيل المثال) من الحصول على العلاج منذ أشهر.