سويسرا: انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي غير العادي للسلام من أجل أوكرانيا - الإيطالية نيوز

سويسرا: انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي غير العادي للسلام من أجل أوكرانيا

الإيطالية نيوز، السبت 15 يونيو 2024 - سيبدأ مؤتمر دولي غير عاديٍّ حول السلام في أوكرانيا اليوم السبت في منتجع "بورغنستوك" المُطلِّ على بحيرة "لوسيرن" بسويسرا. ونَظَّمت الحكومة السويسرية  المؤتمَر بناء على طلب الحكومة الأوكرانية، ويستمرُّ حتَّى يوم غد الأحد 16 يونيو.


ويُشارك في الدورة مُمثِّلون عن نحو 90 دولة (بينهم 40 رؤساء دول) من جميع أنحاء العالم، باستثناء روسيا والعديد من الدول الأخرى بينها الصين والبرازيل على سبيل المثال.


إنَّ مؤتمر السلام الذي لا يُشارك فيه أحد الطرفين المتحاربين هو في الواقع أمر غير معتاد، والحكومة السويسرية نفسها، التي نظَّمته، تقول صراحة إن المؤتمر لن ينجح في وضع حدٍّ للقتال والعُنف ولكنَّه سيعمل على خلق "منصَّة للحوار" نحو اتِّفاقيات جديدة في المستقبل. وباختصار، ينبغي أن تعمل على إرساء الأسس للمفاوضات المستقبلية. ثم يوجد هدف أخر لهذا المؤتمر، وربَّما هو الهدف الرئيسي في الوقت الحالي، والذي عبَّر عنه الرئيس الأوكراني «فولوديمير زيلينسكي» هذا الأسبوع: قال: “من المهمِّ للغاية عدم التنازل عن المبادرة [الدبلوماسية] لروسيا.


رسميًا، الهدف من المؤتمر الدولي في سويسرا هو مناقشة خُطَّة السلام المكوَّنة من 10 نقاط التي قدَّمتها الحكومة الأوكرانية في نهاية عام 2022، والتي تُشكِّل الأساس الذي ترغب أوكرانيا والغرب في البدء منه في مفاوضات محتمَلة. وتنصُّ الخطَّةُ، من بين أمور أخرى، على انسحاب روسيا من جميع الأراضي الأوكرانية المحتلَّة وإطلاق سراح أسرى الحرب.


وقد أعلنت المنظمة السويسرية أنه ستناقَش ثلاثُ نقاطٍ محدَّدة من تلك الخطة: الأمن النووي (كيفية التأكُّد من أن الهجمات الروسية لا تُعرِّض للخطر أمن محطات الطاقة النووية الأوكرانية، مثل زابوريجيا)، والأمن الغذائي والإفراج عن أسرى الحرب والمدنيين وآلاف الأطفال الأوكرانيين المختَطفين في هذين العامين من روسيا.


ولن تشارك روسيا في المؤتمر ولم تُوَجَّه لها الدَّعوة، لأنهَّا، كما أوضحت الحكومة السويسرية، "في أكثر من مناسبة أنَّ موسكو غير مهتمَّة بالمشاركة". وقد جرت دعوة كل من الدول التي تدعم روسيا بنشاط، مثل الصين، والدول التي لديها موقف أكثر إيجابية اتِّجاه روسيا، على الرغم من كونها محايدة، مثل البرازيل وجنوب أفريقيا، لكنها لن تشارك. وبدلًا من ذلك، ستشارك كل الدول الأوروبية والغربية تقريبًا، ومن الواضح أن الولايات المتَّحدة، بالإضافة إلى تمثيل كبير إلى حدٍّ ما من بلدان من بقيَّة العالم، مثل شيلي وتايلاند.


في سنوات الحرب هذه، كانت روسيا فعَّالة للغاية في تقديم أوكرانيا على أنها دولة معارضة لأي مفاوضات سلام، والحكومة الأوكرانية على أنها غير معقولة. وفي أكثر من مناسبة، قال الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» إنه مستعد للتفاوض ــ في حين يواصل جيشه غزوه لأوكرانيا ــ ومع كل محاولة لتقديم مفاوضات السلام يجد أن الولايات المتحدة تستخدم الحكومة الأوكرانية كعقبات رئيسية أمام وقف إطلاق النار، وذلك بغاية مواصلة مشروعها التوسعي وبسط نفوذها على حساب الأخرين، وعند عجزها عن تحقيق أهدافها تنسحب عشوائيا مخلفة وراءها الدمار والفوضى وآلاف اليتامي والقبور، تمامًا كما فعلت في العراق، وأخيرًا في أفغانستان، على سبيل المثالوكما فعل ذلك يوم الجمعة، عندما اقترح وقف إطلاق النار على أوكرانيا في مقابل التجريد الكامل من السلاح في البلاد والتنازل عن أربع مناطق في الجنوب الشرقي: وهي كل التنازلات التي تعتبرها الحكومة الأوكرانية والغرب غير مقبولة.


وفي الوقت نفسه، نفَّذت الدول القريبة من روسيا، مثل الصين، مبادرات دبلوماسية ينبغي أن تساهم رسميًا في وقف إطلاق النار، ولكنَّها تتَّبع إلى حد كبير الموقف الروسي ولا تخدم الرؤية التي تتمسَّك بها الولايات المتحدة وحلفاؤها.


المفاوضات الوحيدة التي جرت فعليًا بين أوكرانيا وروسيا كانت تلك التي جرت في ربيع عام 2022، بعد أشهر قليلة من بدء الغزو الروسي، عندما اجتمع وفود من البلدين عدة مرات في "مينسك"، عاصمة، بيلاروسيا، وتركيا. وبعد ذلك، كما قال المفاوضون الأوكرانيون في وقت لاحق، عرضت أوكرانيا على روسيا وقف إطلاق النَّار والعودة إلى الحدود قبل الغزو، ثم البدء في مفاوضات أوسع على هذا الأساس. إنَّ العودة إلى حدود ما قبل الغزو تعني أن روسيا ستستمر في احتلال شبه جزيرة القرم ومعظم المناطق الشرقية من أوكرانيا. لكنَّ روسيا رفضت العرض واستمرَّت الحرب.


ولهذا السَّبب أيضًا، كان الهدف الدبلوماسي المهم لأوكرانيا في الآونة الأخيرة هو رفض ما تُعرِّفه بـ "الدعاية الروسية" التي تسعى إلى تقديمها على أنها الطرف غير المعقول في الصراع. وتزعم أوكرانيا أنها مُستعدَّة للتفاوض، ولكن فقط على أساس ما يمكن تعريفه بالسلام "العادل"، الذي يضمن سيادة البلاد. بل على العكس من ذلك، قامت روسيا خلال الحرب بضمِّ أجزاء كبيرة من الأراضي الأوكرانية، عبر استفتاءات شعبية محلية للأوكرانيين الناطقين باللغة الروسية.