وفي محاولةٍ أخيرةٍ لتعزيزِ الصورة، صدر مرسوم وزاري من "فارنيسينا" (وزارة الخارجية الإيطالية)، نُشر مؤخراً في الجريدة الرسمية، يَقضي بشكل مُدهشٍ بتوسيع قائمة ما يسمى "الدول الآمنة". ومن الممكن أن يكون لهذه الخطوة تأثيرُُ كبيرُُ على سياسات الهجرة الإيطالية، مع ما يترتَّب على ذلك من آثار تمتدُّ إلى ما هو أبعد من الحدود الوطنية.
وجرى توسيع قائمة الدول الآمنة، التي كانت تتكوَّن في السابق من 15 دولة، إلى 21 دولة، أي إضافة ستَّة دول جديدة: بنغلاديش وسْريلانكا والكاميرون ومصر، بالإضافة إلى دولتين في أمريكا الجنوبية، كولومبيا وبيرو.
ولا تزال بنغلاديش، على وجه الخصوص، تُهيمن على التصنيف باعتبارها البلد الأصلي الرئيسي للمُهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا بفضل الطرق المعقَّدة التي تشمل إفريقيا والنقل الجوِّي. ومع تسجيل أكثر من 3400 وافد في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، وأكثر من 1000 وافد من مصر في الفترة نفسها، تُمثِّل هذه الأرقام تحديًا كبيرًا للسلطات الإيطالية.
لكن إدراج هذه الدول ضمن القائمة "الآمنة" يمهد الطريق لتسريع إجراءات إعادة المهاجرين من هذه المناطق إلى أوطانهم. وهذا يعني أنه بمُجرَّد إنقاذ المهاجرين من هذه البلدان في البحر الأبيض المتوسِّط، يمكن نقلهم مباشرةً إلى المراكز الألبانية، في انتظار إجراءات الإعادة المحتمَلة إلى وطنهم في حالة رفض طلبات اللجوء الخاصَّة بهم.
ويُثير هذا النهج عددا من الأسئلة الأخلاقية والعملية. وفي حين أنَّه من ناحية يمكن أن يُسهِّل إدارة تَدفُّق الهجرة ويُخفِّف العبء على أنظمة الاستقبال الإيطالية، فإنَّه من ناحية أخرى يثير مخاوف بشأن سلامة وحقوق المهاجرين أنفسهم. إلى أي مدى يمكن اعتبار البلدان المدرجة بالفعل "آمنة"؟ وما هي الضمانات التي جرى وضعها لضمان احترام حقوق الإنسان وحماية المهاجرين أثناء عملية العودة إلى وطنهم؟
علاوة على ذلك، قد يكون لهذا التوسيع في القائمة آثار جيوسياسية أوسع، مما يُؤثِّر على العلاقات الدبلوماسية بين إيطاليا والدول المعنية. ومن الضروري أن تسترشد القرارات المتعلِّقة بسياسات الهجرة بالتوازُن الدَّقيق بين المصالح الوطنية والمبادئ الإنسانية الأساسية.
في هذا السياق، حصلت شركة "ميديهوسبيس"، التي كانت بالفعل في مركز الاهتمام بسبب الشكاوى والتحقيقات ضدها، على عقد إدارة مراكز اعتقال المهاجرين في ألبانيا. على الرغم من التخفيض بنسبة %4.94 في قاعدة المزاد، منحت محافظة روما في الواقع التعاونية الاجتماعية عقدًا بقيمة تزيد عن 133 مليون يورو. ومع ذلك، فإن المركزين المخطط لهما ليسا جاهزين بعد، وقد لا يكونا جاهزين قبل الخريف.
كانت شركة "ميدِهوسبيس"، المعروفة بإدارتها معظم مراكز المهاجرين في إيطاليا، موضوعًا لعدة شكاوى بشأن الظروف المعيشية غير الكريمة في المراكز. علاوة على ذلك، فقد جرى فتح تحقيقات من قبل مختلف المدَّعين الإيطاليين. في الواقع، كانت مرتبطة في الماضي بمنطقة "مافيا كاپيتالي" بسبب صلاتها المزعومة بشركة "لاكاشينا"، المشاركة في التحقيق في مركز استقبال "مينيو" وقد سَلَّطت دراسة حديثة أجرتها منظمة "أَكْشَن إيد أوبَّنْبوليس" الضَّوءَ على الغموض في نظام الاستقبال، الذي تلعب فيه "ميديهوسپيس" دورًا مركزيًا، حيث تُقدَّر إيراداته بحوالي 90 مليون يورو في عام 2022. لكن الشركة ردت بالادعاء بأن الإيرادات بلغت 47 مليون يورو ورفضت الروابط مع مجموعة "لاكاشينا" المتورطة في "مافيا كاپيتالي".
على أية حال، لا تقتصر الخلافات المرتبطة بـ Medihospes على إدارة المراكز في إيطاليا، ولكنها تمتد أيضًا إلى حالات مثل الظروف المأساوية للمهاجرين في مراكز "بورْغو ميتْزانوني" بإقليم بوليا، جنوب إيطاليا، و"باري باليزي". وعلى الرغم من الاتهامات والخلافات، تواصل شركة "ميدِهوسبيس" الحصول على عقود كبيرة في قطاع استقبال المهاجرين. مما يثير في الواقع تساؤلات حول شفافية وفعالية إجراءات منح العقود العامة.