"إلباييس": المحتجزون الصحراويون في تندوف على شفا "مأساة إنسانية" بسبب النقص في الغذاء - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

"إلباييس": المحتجزون الصحراويون في تندوف على شفا "مأساة إنسانية" بسبب النقص في الغذاء

الإيطالية نيوز، الثلاثاء 28 مايو 2024 - قام برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بتخفيض حصة المنتجات الأساسية التي يُوزِّعها على ما يُطلَق عليهم المحتجزين الصحراويين في مخيَّمات جمهورية تندوف الصحراوية، بالجزائر، بنسبة %30.


إن آلاف العائلات المحتجزة في هذه الأرض التي تُسيطر عليها الجزائر تعتمد بشكل شبه حصري على المساعدات الدولية من أجل البقاء وتنفيذ مخطط التقسيم التي تدعمه، في المقام الأول، الجزائر من أجل بلوغ المحيط الأطلسي.


ووفقًا لصحيفة "إلباييس" (البلد) الإسبانية، فإن الوضع  في معسكرات تندوف شديدة الحراسة تفاقم في الأشهر الستة الماضية: بدأت المخزونات الغذائية في المستودعات في النفاد. وإن المنظمات التي تعمل هناك تفيد بأن المخزونات المتاحة في شهر مايو تضمن القوت فقط حتى شهر يونيو.

وحسب ما ذكرته "إلباييس"، نقلًا عن أم مُحتجَزة في جمهورية "تندوف" الصحراوية، قالت الأم المحتجزة شاكيةً، التي تُدعى «احسينة محفوظ زدفي»، البالغة من العمر 39 عاما وأُمُُّ لطفلة: "نَحن نأكُل أقلَّ، نحن مُجبَرون". وأضافت: أضيفُ المزيد من الماء إلى طبخاتي حتى يكون المزيد من المرق، وهذه هي الطريقة التي أقوم بها بتوزيع الحصص الغذائية لإطعام أسرتي." وأوضحت: "إذا لم يكن لدينا الماء الكافي للشرب، فكيف يمكننا التنظيف والاستحمام، إنه وضع لا يطاق إطلاقًا."

معسكر "تندوف" مقسَّم إلى سِتَّة أحياء سكنية، كل حيٍّ بدوره مقسَّم إلى دوائر. جميع هذه الأحياء مسمَّاة عَمْدًا على أسماء المدن المغربية بالأقاليم الصحراوية الجنوبية، التي تتهم الجزائر بأن المغرب احتلها وطرد الصحراويين منها: هذه الأحياء تقع على الحدود مع موريتانيا، وهي: حي "العيون"، حي "أوسرد"، "تندوف العاصمة"، "السمارة"، "بوجدور"، وحي "الرابوني".

ووفقًا لشهادات لمن يُسمح لهم 
بالحديث مع وسائل الإعلام،  تقوم شاحنة تحمل أكياس الأرز والعدس والدقيق والسكر وغيره من المواد الأولية من مستودعات المجمَّع الإداري للمخيمات بتفريغ حمولتها نحو الساعة الثامنة صباحًا ويقوم فريق من المتطوِّعين بتنظيم الحصص المخصَّصة شهريًا لـ 50 أسرة في كل دائرة. يجب أن تحدث عملية التوزيع والتوثيق في أسرع وقت نظرا لكون مقياس الحرارة يرتفع مع مرور الوقت ليتجاوز 40 درجة، والهدف هو أن تكون المهمة سريعة ومختصرة قدر الإمكان. يحمل المستفيدون أكياسهم، وبينهم «احسينة محفوظ زدفي»،  على ظهورهم وهم يتصببون عرقًا، مع العرق يجب الاستحمام، لكن هذا مستحيلا لأن الماء لا يكفي حتى للشرب. ربما بدلا من الاستحمام يكتفون بالتيمم، إنه وضع صعب للغاية ومثير للشفقة: بين 173.600 صحراوي في مُعسكرات تِندوف، يعاني ما يقرب من ٪ 90 من انعدام الغذاء المضمون أو معرَّضون لخطر المجاعة.

ويشير «بابلو تراسباس» (Pablo Traspas)، رئيس منظمة "ميديكوس دِل موندو"، إلى أنَّ "الأمر الأكثر إثارةً للقلق هو المعدَّل المرتفع للغاية ِلـ "فقر الدم"، الذي يصيب %75 من النساء الحوامل والمرضِعات، وسوء التغذية لدى الأطفال، الذي يعاني منه أكثر من نصف الأطفال من دون سن الخامسة" في المخيمات.

وواصلت "إلباييس" سرد معاناة السيدة  مع الحصول على حصتها من الغداء الذي يمكنها من البقاء على قيد الحياة حتى يستمر استخدامها كـ "رقم" يؤكِّد على مطالب حركة البوليساريو.

عند وصولها إلى كوخها المبني من "طوب اللبن" - وهو نوع من أنواع القراميد البدائية التي عرفت منذ العصر الحجري الحديث، ويصنع من مزيج من التربة الطفالية، الطين، الرمل والماء مع مادة رابطة مثل قشور الأرز أو القش - تسارع «محفوظ» إلى تخزين المواد الغذائية التي حصلت عليها في براميل بلاستيكية في مستودع صغير ملحق. وتوضِّح قائلةً: "نعاني من وجود الفئران ولا يُمكن أن نسمح لأي شيء أن يَفسد". كما تغزو الصراصير والنمل والحشرات الأخرى الأكواخ في المعسكرات، التي لا تزال عشوائية للغاية على الرغم من التحسينات التي يقوم سكانها بها شيئاً فشيئاً. وتقول: "كيلو واحد من السكر للشخص الواحد، قبل أن يعطونا إثنين". وتقول أيضا إنهم لم يُسلِّموا الزيت منذ أشهر، وفي التوزيع السابق للمنتجات الطازجة، جرى تزويدهم بنصف كيلو جزر وبيضتين للشخص الواحد لمدة شهر.

وتقول المرأة إنهم خفَّضوا أيضًا كمية الصَّابون ومواد التنظيف. ويُعْطَى لهم عددًا أقل من الأمتار من القماش لإصلاح الخيام (خيمة البدو) التي يُركِّبها كل لاجئ صحراوي تقريبًا بجوار سكنه، وهي رمز للمقاوَمة التي يرسلون بها رسالة مفادها أنهم في أرض جزائرية "مؤقَّتا": وهنا تكمن لعبة "الوهم" المزمن الذي يكتسي حُلكة خادعة أبدًا.

وفي عام 2023، حصل 133.672 شخصًا على سِلال غذائية لإعالة أنفسهم، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي. وفي منتصف العام الماضي، بدأ خفض بعض الحصص الغذائية وتوقَّفت برامج مكافحة سوء التغذية لدى الأطفال بسبب تقلُّص الميزانية. وفي نوفمبر، حذَّرت الوكالة من أنَّها ستُخفِّض المساعدات بنسبة %30 (%25 أقل للشعير والأرز والعدس، و%37.5 أقل لدقيق القمح المُدعَّم). "يبلغ وزن سلة الأغذية الجافَّة الآن 11.17 كيلو، أي ما يقرب من %70 من السلَّة القياسية البالغة 16.67 كيلو. ويحذِّر «عبد الرزاق بوحسين»، من برنامج الأغذية العالمي في الجزائر، من أن "هذا النقص سيؤثِّر بشكل مباشر على السعرات الحرارية التي يتناولها المستفيدون، مع آثار سلبية طويلة المدى".

وبحلول شهر ديسمبر، كانت التأثيرات ملحوظة بالفعل: إذ لم يحصل %30 من المستفيدين على تغذية "مقبولة" وحصل طفل واحد فقط من بين كل ثلاثة أطفال على الحد الأدنى من النظام الغذائي الضروري للنمو والتطور الصحي، وفقاً للتقرير السنوي لبرنامج الأغذية العالمي. وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها المُنظَّمات عن تخفيضات، ولكن كل تخفيض جديد يضاف إلى تخفيض سابق: رُبَّما هذه التخفيضات تكون ناجمة عن اندلاع الحرب في أوكرانيا نظرا لارتفاع أسعار المنتجات الغذائية في السوق الدولية.

الحرارة المرتفعة والقليل من الماء
تعترف «فاطمة محمد سالم»، التي تعيش مع 13 شخصاً: والديها، وأخواتها، وبنات إخوتها وطفليها، "بأنها تعيش في ضيق نظراً لأنها تحصل على حصة غذاء أقل مما كان في السابق. وتقر بأن على الرغم من حصولها على مساعدة مالية قدرها 2500 دينار جزائري (17 يورو) شهريا من برنامج الحد من فقر الدم مخصصة للنساء الحوامل والمرضعات، حتى تتمكن من شراء منتجات طازجة ومغذية، لا تكفي، لأن، حسب أقوالها، تجد نفسها مضطرة لشراء متطلبات العائلة بأكملها، وليس لنفسها فقط. تعترف بذلك وهي ترضع طفلها في خيمة العائلة، حيث يتجمع الأخرون حول موقد الشاي. إنه وضع مثير للبكاء والشفقة.

علاوة على ذلك، تقول "أكثر من مجرد الطعام، نحتاج إلى تكييف الهواء. تقول «منيحة مبارك عمر»، البالعة من العمر 19 عاماً، وهو إبنة أخت «فاطمة محمد»، إنها تشعر بالقلق من درجات الحرارة التي يتحملها جدَّيها، «السالك محمد سالم»، 82 عاماً، و«علاء ربوب هاندي»، 70 عاماً.   ولكن إذا لم يكن لديهم المال لشراء اللحوم أو الأسماك، فكيف يمكن تحصيل تكلفة الجهاز البالغة 300 يورو. إحدى العمَّات في المنزل هي الوحيدة التي تعمل، مُنظِّفة مرافق إدارة الولاية، وَكسب كل ثلاثة أشهر ما يزيد قليلاً عن 2000 دينار جزائري (14 يورو).