الاتفاق المتعلق بالمهاجرين بين إيطاليا وألبانيا مليء بالتكاليف "الخفية". - الإيطالية نيوز

الاتفاق المتعلق بالمهاجرين بين إيطاليا وألبانيا مليء بالتكاليف "الخفية".

الإيطالية نيوز، الإثنين 27 مايو 2024 - في 7 نوفمبر الماضي، وقَّعت رئيسة الوزراء الإيطالية «جورجا ميلوني» (Giorgia Roma) ونظيرها الألباني «إيدي راما» (Edi Rama) مذكرة تفاهم من أجل "تعزيز التعاون في شؤون الهجرة".  ويَنُصُّ على أن تقوم إيطاليا ببناء وإدارة ثلاثة مراكز لاحتجاز للمهاجرين في ألبانيا، على نفقتها الخاصَّة وتحت ولايتها القضائية. يستمرُّ البروتوكول خمس سنوات، وهو قابل للتجديد ضِمنيًا، وبالتالي من دون الحاجة إلى أيِّ اتِّصال رسمي. 

وقد تعرَّضت الاتِّفاقية لانتقادات شديدة من قبل الناشطين الذين يتعاملون مع حقوق المهاجرين، واعتبرها خبراء القانون الدولي صعبة التطبيق. ولكنَّ يوجد عنصرُُ أخر نوقش كثيرًا وهو التكاليف التي يتعيَّن على إيطاليا أن تتحمَّلها لبدء المشروع بأكمله ثم إدارته، والتي تُقدَّر بمئات الملايين من اليورو على مدى السنوات الخمس المقبلة.

بالإضافة إلى تكاليف البناء الفعلي للمراكز، والَّتي هي بالفعل كبيرة جدًا، يجب مراعاة سلسلة من التكاليف التي يمكن تجنُّبها أو على الأقلِّ تقليلها إذا جرى تنفيذ إجراءت الاستقبال في إيطاليا: من بينها تلك المُخصَّصة لاستئجار السُّفن التي ستتنقَّل بين المياه الدولية، حيث ستحدث عمليات الإنقاذ، وإيطاليا وألبانيا؛ البدلات اليومية والتأمين الصحي للموظَّفين الإيطاليين الذين سيعملون في المراكز؛ تفعيل اتِّصالات الإنترنت في ألبانيا وإعداد غُرف لجلسات الاستماع التي ستعقد بشكل رئيسي عن بعد.

التكلفة الإجمالية للاتِّفاقية غير معروفة، لأنَّ الحكومة لم تقدُّم بعد رقمًا إجماليًا واضحًا. وبإضافة جميع بنود الإنفاق المتوقَّعة في التقرير الفنِّي الذي أَعدَّه مجلس النوَّاب ودائرة ميزانية الدَّولة، نصل إلى ما يقرب من 610 مليون يورو بين عامي 2024 و2028، في حين أن تحقيقًا أجرته غرفة البيانات لصحيفة "كورييري ديلَّا سيرا"، قد حسب التكاليف الإجمالية لـ 653 مليون يورو في الفترة نفسها.

يتضمَّن الاتِّفاق بناء ثلاثة مراكز احتجاز. الأول هو نقطة تجميع المهاجرين، أي مركز لإنزال المهاجرين وتحديد هويتهم، في "شينغجين" (Shengjin) (المعروفة باللغة الإيطالية باسم "سان جوفاني ميدوا" - San Giovanni Medua)، وهي بلدة ساحلية تقع شمال العاصمة "تيرانا". 

وفي "جآدر"، في المناطق النائية، ينبغي بناء مركز تجميع أول للمهاجرين طالبي اللجوء، بسعة 880 مكانًا، ومركز احتجاز وإعادتهم إلى الوطن بسعة 144 مكانًا. وفي فبراير، ومع صدور قانون التصديق على البروتوكول، خصَّصت الحكومة 31.2 مليون يورو لبناء المباني الثلاثة. ولكن في إبريل، ارتفع الرقم إلى 65 مليون يورو، مع إدراج مادة بشكل شاذ إلى حد ما في تحويل المرسوم بقانون بشأن "خطة التعافي الوطنية والقدرة على الصمود" (PNRR).

وفقًا للتقرير الفنِّي، من المُتوقَّع أن تبلغ تكلفة بناء مركزي "شينغجين" و"جادير" أقلَّ بقليل من 50 مليون يورو، منها 20 مليونًا للمركزين المركزيين و3 ملايين لمركز التجميع. ويجب أن يُضاف إليها أكثر من 8 ملايين يورو لربط الهياكل بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحِّي، وأكثر من مليون يورو لإنشاء 22 قاعة دراسية لجلسات الاستماع عبر الوسائل الإلكترونية.

ستكون عملية تقييم طلبات اللجوء المقدَّمة من المهاجرين المحتجزين في ألبانيا معقَّدة للغاية، خاصة من الناحية الفنية واللوجستية. فقط المهاجرون الذكور، البالغين، الذين يتمتَّعون بصحَّة جيِّدة والقادمين من بلدان "آمنة"، أي حيث تعتقد الحكومة الإيطالية أن الحقوق الأساسية والنظام الديمقراطي محترمان، سيكونون قادرين على إدخالهم إلى البلاد. وبموجب مرسوم "كوترو"، الذي وافقت عليه حكومة «ميلوني» في مايو الماضي، يجب أن تَتَّبع طلبات اللجوء المقدَّمة من مواطني الدول "الآمنة" إجراءً سريعًا يجب إكماله في مدة أقصاها 28 يومًا.

في إيطاليا، يحدثُ فحص طلبات اللجوء من قبل ما يسمى باللجان الإقليمية. وينبغي تقييمها على أساس كل حالة على حدة، مع الأخذ في الاعتبار الوضع الخاص لكل مهاجر والمخاطر التي قد يتعرَّض لها في حالة الرَّفض. إنَّها مَهمَّة معقَّدة، وغالبًا ما تفتقر إلى الموارد والشخصيات المهنية، مثل المترجمين الفوريين أو الوسطاء الثقافيين.  وتزيد الإجراءت المعجلة من تعقيد عمل اللجان: يجب على المسؤولين ترتيب جلسة استماع في غضون سبعة أيام من تلقِّي طلب اللُّجوء الجديد، واتِّخاذ قرار في غضون اليومين التاليين. وفي حالة النتيجة السلبية، يكون أمام المهاجر أسبوعين لتقديم الاستئناف.

وفي حالة المراكز في ألبانيا، سيُنفَّذ كل شيء عن بعد: سيبقى المهاجرون في مراكز "جادير"، بينما سيكون المحامون والمترجمون الفوريون والمفوضون الإقليميون والقضاة في إيطاليا. ولهذا السَّبب، من الضروري إنشاء غرف في بمراكز الفرز والطرد لتوفير الفضاء لجلسات الاستماع، ومجهزة بأجهزة كمبيوتر وكاميرات ويب وميكروفونات واتِّصال بالإنترنت. وهو حل انتقده الكثير من الناشطين وخبراء القانون الدولي، لأنَّه في الواقع يجعل من الصَّعب للغاية على المهاجر أن يتمكَّن من شرح وضعه والتعامل بفعالية مع محام أو منظَّمات أخرى يمكن أن تساعده.

وفي حالة عدم إمكانية تنظيم جلسات استماع أو اجتماعات عن بعد، سيتمكَّن المحامون والمترجمون الفوريون من الذهاب إلى ألبانيا "على نفقة الدولة"، مستفيدين من تعويض نفقات يصل إلى 500 يورو. ويتوقع التقرير الفنِّي أن تُكلِّف هذه الرحلات 3.2 مليون يورو في عام 2024 و6.5 مليون يورو لكل عام من 2025 إلى 2028. علاوة على ذلك، لتسهيل فحص طلبات اللُّجوء المقدَّمة من ألبانيا، قام موظفو اللجنة الإقليمية في روما، مع إنشاء خمسة أقسام جديدة كحد أقصى. وسيكلف ذلك 2.6 مليون يورو في عام 2024، ونحو 4 ملايين يورو لكل سنة من السنوات الأربع التالية.