هذا الطرح لأخير كان قد اقترحه الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، الذي كان أوَّل من طرح خيار نشر قوات الناتو في أوكرانيا للقتال ضد روسيا، إذ قال يومها أنه “لم تعد هناك أي خطوط حمراء ولا حدود" فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. وتقوم فرنسا بتشكيل تحالف يتكون من دول من المحتمل أن تكون منفتحة على إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا.” وفي هذا الصدد، سافر وزير خارجيتة «استيفان سيجورني» (Stéphane Séjourné) إلى ليتوانيا لمناقشة هذه الأمور، حيث التقى بنظرائه من البلطيق والأوكرانيين وأيَّد فكرة أن القوات الأجنبية يمكن أن تساعد أوكرانيا في مجالات مثل إزالة الألغام.
وتصرُّ ليتوانيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، على ضرورة إرسال سواء قواتها أو قوات غربية مشتركة إلى أوكرانيا لأغراض التدريب، لكن كييف لم تُقدِّم مثل هذا الطلب بعد. ويمكن أن يُعزى ذلك إلى التأثير الشديد ولقوي للولايات المتحدة على أوكرانيا. والواقع أن الولايات المتحدة تعارض حتى استخدام أوكرانيا للأسلحة المنتجة محليًا لاستهداف روسيا. ونتيجة لذلك، فإنَّ استخدام أسلحة تابعة لدول الناتو في هجوم محتمَل من جانب كييف على الأراضي الروسية يُعتبر أمرًا بالغ الخطورة. وبالمثل، ستنشأ مخاوف وشكوك فيما يتعلَّق بمناطق المهام وأنشطة الأفراد العسكريين المتوجِّهين إلى أوكرانيا للتدريب داخل حلف شمال الأطلسي.
وعلَّق المتحدث باسم الكرملين «دميتري بيسكوف» على هذه القضية قائلاً: “إنهم يتحدَّثون عن الاستعداد لإرسال قوات مسلحة إلى أوكرانيا، وحتَّى وضع جنود الناتو في مواجهة الجيش الروسي. وهذه مرحلة جديدة تماما من التوتُّرات المتزايدة غير المسبوقة، التي تتطلب إجراءات خاصة”.
وفي مقال بعنوان "مع تقدُّم روسيا، يدرس الناتو إرسال مدربين إلى أوكرانيا"، نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" في 16 مايو 2024، يُزعم أن كييف طلبت المساعدة من الولايات المتحدة وحلفائها، لكن من غير المتوقَّع أن تتَّخذ الولايات المتَّحدة هذه الخطوة. لأنَّ الهجوم على المدرِّبين العسكريين التابعين لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا قد يؤدِّي إلى تفعيل بند الدِّفاع الجماعي للناتو والحاجة إلى دفاع جوِّي متقدِّم لحمايتهم. وفي حين أن بعض الدول، وبالأخص دول البلطيق، تدعم هذه الفكرة رسميًا أو تبدي اهتمامًا بها، فإنَّ الأغلبية، بما في ذلك الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ينس ستولتنبرغ»، عارضت هذا الاقتراح.
ومع ذلك، صرَّح رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية «تشارلز بْرَاوُن» (Charles Q. Brown) أنَّه في نهاية المطاف، يجب إرسال عدد كبير من أفراد الناتو العاملين في الخدمة الفعلية إلى أوكرانيا. وهذا يعني أيضاً أن إرسال قوات إلى أوكرانيا أمر "حتمي"null.
في الختام، فبَيْنما تستمرُّ المناقشات بشأن احتمال نشر قوَّات حلف شمال الأطلسي لقوات في أوكرانيا وما يترتَّب على ذلك من تفعيل المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي، تصدر روسيا تحذيرات من "حرب نووية" أو "حرب عالمية ثالثة" في هذا الصدد. إذا لم توقف روسيا الحرب وواصلت الزَّحف نحو المناطق الداخلية في أوكرانيا، فمن المحتمَل أن يدرس الناتو هذا الخيار. في مثل هذا السيناريو، يمكننا أن نتحدَّث بصدق عن خطر نشوب صراع أو أزمة عالمية.