فرنسا: «ماكرون» يطلب من الحكومة إعلان حالة الطوارئ بسبب الاحتجاجات في "كاليدونيا الجديدة" - الإيطالية نيوز

فرنسا: «ماكرون» يطلب من الحكومة إعلان حالة الطوارئ بسبب الاحتجاجات في "كاليدونيا الجديدة"

 الإيطالية نيوز، الأربعاء 15 مايو 2024 - طلب الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» من الحكومة إعلان حالة الطوارئ في "كاليدونيا الجديدة"، وهي منطقة فرنسية في "أوقيانوسيا" حيث تجري احتجاجات عنيفة منذ يوم الإثنين ضد إصلاح دستوري مقترَح لتوسيع الوصول إلى التصويت في الأرخبيل. ووفقًا للمعارضين، فإنَّ الإصلاح يمكن أن يُقلِّل من الوزن السياسي للسكَّان الأصليين المحلِّيين، "الكاناك".


وقال المفوض السامي للجمهورية «لويس لو فرانك» (Louis Le Franc)، وهو حاكم محلِّي، إنَّ 130 شخصًا اعتقلوا خلال الاشتباكات وأن 300 أخرين أُصيبوا. وقُتل أربعة أشخاص بينهم رجل شرطة. أما الثلاثة الأخرون فهم من شبات "الكاناك": وقال «لوفرانك» إن إحداهن قُتلت برصاصة لم تطلقها الشرطة بل أطلقها "شخص أراد بالتأكيد الدفاع عن نفسه"، في حين أن ظروف وفاة الإثنين الأخرين غير معروفة.


جرت الموافقة على اقتراح الإصلاح الدستوري من قبل مجلسي البرلمان الفرنسي، الذي سيتعيَّن عليه التصويت عليه مرَّة أخرى في جلسة مشتركة حتَّى يدخل حيِّز التنفيذ. وقال «ماكرون» إنه سيحاول تأجيل هذا التصويت للتوصل إلى اتفاق سياسي مع الأحزاب المحلية الرئيسية، لكن هذه الموافقة يجب أن تحدُثَ بحلول يونيو.


ويَنصُّ الاقتراح، في جملة أمور، على توسيع حقِّ التصويت لمواطني "كاليدونيا الجديدة"، من خلال مراجعة القوائم الانتخابية لانتخابات المقاطعات (تلك التي تُحدِّد الحكومة المحلية)، والتي ظلَّت محظورةً منذ عام 1998.  نصَّ القانون في البداية على أنَّ جميع الأشخاص الذين يقيمون في "كاليدونيا الجديدة" لمدة عشر سنوات على الأقل يمكنهم التصويت، ولكن في عام 2007، وفي ضوء الإصلاح الدستوري، استبعد الرئيس الفرنسي «جاك شيراك» (Jacques Chirac) عام 1998 أي شخص لم يقيم في الجزيرة لمدة عشر سنوات على الأقل (وبالتالي أي شخص لم يقيم في الجزيرة منذ عام 1988)، وذلك بموجب اتفاقيات سابقة مع ممثلي "الكاناك".


وقد ظلَّ هذا التعديل قائما، ووفقًا للحكومة الفرنسية الحالية، يعني أن نحو خمس سكان "كاليدونيا الجديدة" محرومون من حقوقهم. ويعتقد المستقلُّون أن منح حق التصويت للمقيمين الجدد، ومعظمهم من فرنسا، هو وسيلة لزيادة الدَّعم السياسي للممثلين المؤيِّدين لفرنسا.

للاحتجاج على الإصلاح، ابتداءً من مساء الإثنين، قامت بعض مجموعات من الأشخاص، معظمهم من الشباب الملثَّمين، باقتحام المتاجر والمباني المختلفة، بما في ذلك وكالات السيارات. وتعرَّضت عشرات المحلَّات التجارية للهجوم، فيما اضطرَّ رجال الإطفاء إلى الاستجابة لآلاف النداءت واضطروا إلى إخماد العديد من الحرائق، بالأخص حرائق المركبات. ووقعت أكبر أعمال الشغب في "نوميا"، المدينة الرئيسية. ووقعت أيضا اشتباكات مع الشرطة، مما أدى إلى إصابة العشرات من رجال الشرطة.


 وبموجب القانون الفرنسي، يمكن إعلان حالة الطوارئ في حالة وجود خطر وشيك على النظام العام، ويسمح للسلطات المدنية بتقييد الحريات العامة من دون تدخل القضاء. على سبيل المثال، يسمح إعلان حالة الطوارئ لوزير الداخلية والمحافظين بحظر المظاهرات والتجمعات في الأماكن العامة، والأمر بعمليات تفتيش إدارية وإنشاء محيط أمني حول أماكن معينة تقرره الحكومة، ويمكن ترتيبه على كامل الأراضي الفرنسية أو على جزء منه فقط، كما في هذه الحالة، وله مدة أقصاها 12 يومًا: لتمديده، تحدث الموافقة على قانون في البرلمان مطلوب.


جرى فرض حالة الطوارئ في "كاليدونيا الجديدة" آخر مرة في عام 1985، خلال فترة شديدة من الصراع المسلَّح بين نشطاء الاستقلال والحكومة، والذي استمرَّ مُعظم فترة الثمانينيات. وكان المفوِّض السَّامي قد فرض يوم الثلاثاء بالفعل قيودًا كبيرة في الإقليم، بما في ذلك حظر التجوُّل الليلي، وحظر جميع الاجتماعات العامة وإغلاق المدارس والمطار.


وقال رئيس الوزراء الفرنسي «غابرييل أتال» (Gabriel Attal) إنه سينظم اجتماعًا بين ممثلي مختلف الأحزاب المحلية في "كاليدونيا الجديدة" والحكومة الفرنسية. وأدانت جميع الأحزاب المحلية أعمال العنف، بما في ذلك حزب "اتحاد كاليدونيا - الكاناك وجبهة التحرير الوطني الاشتراكي (UC-FLNKS)، وهو الحزب الرئيسي المؤيِّد للاستقلال.


"كاليدونيا الجديدة" هي أرخبيل هو جزء من ميلانيزيا، إحدى مناطق أوقيانوسيا، وتقع على بعد نحو 1500 كيلومتر شرق أستراليا ونحو 17 ألف كيلومتر من فرنسا. إنَّها منطقة صغيرة، مساحتها الإجمالية أصغر من مساحة سردينيا ويبلغ عدد سكانها أقل من 300 ألف نسمة، لكنَّها كانت دائمًا في مركز التوتُّرات والتنافسات القوية بين الدول الأجنبية، وكذلك بين الفصائل السياسية والمجموعات العرقية.


أصبحت "كاليدونيا الجديدة" جزءًا من فرنسا منذ عام 1853 وصوتت في ثلاثة استفتاأت من عام 2018 إلى عام 2021 لتقرر ما إذا كانت ستستقل، وفاز بها جميعها أولئك الذين أرادوا البقاء في فرنسا. ولم يتم قبول نتيجة الاستفتاء الأخير من قبل شعب الكاناك الأصليين، الذين قاطعوه لأنه تم إجراؤه خلال جائحة فيروس كورونا.