منظمة "هيومن رايتس ووتش" تدين صمت الحكومة الألمانية بشأن الكراهية والعنصرية ضد المسلمين في البلاد - الإيطالية نيوز

منظمة "هيومن رايتس ووتش" تدين صمت الحكومة الألمانية بشأن الكراهية والعنصرية ضد المسلمين في البلاد

الإيطالية نيوز، الخميس 2 مايو 2024 - قالت منظمة "هيومن رايتس وُوْتش" اليوم إن الحكومة الألمانية مُقصِّرَة في حماية المسلمين من العنصرية وسط تزايد حوادث الكراهية والتمييز ضدهم. ورأت أن غياب تعريف عملي للعنصرية ضد المسلمين والافتقار إلى البيانات الرسمية حول الحوادث والاستثمار في الدعم المؤسَّسي للضحايا أحد العوائق التي تمنع الاستجابة الفعَّالة.


 وقالت «ألماز تيفيرا» (Almaz Teffera)، الباحثة في شؤون العنصرية في أوروبا لـ "هيومن رايتس ووتش": “إن إخفاقات الحكومة الألمانية في حماية المسلمين من الكراهية والتمييز تبدأ بسبب عدم فهم أنَّ المسلمين يعانون من العنصرية، وليس مجرَّد العداء على أساس الدين.” وأوضحت قائلة أنه “مِن دونِ فَهمٍ واضحٍ للكراهية والتمييزِ ضد المسلمين في ألمانيا، ومِن دون بياناتٍ قويةٍ عن الحوادث والتواصلِ المجتمعيِ، فإنَّ رد السُّلطات الألمانية سيكون غير فعَّال".


وبحلول نهاية سبتمبر 2023، سُجِّل في الإحصائيات الأولية لجرائم الكراهية الصادرة عن الحكومة لهذا العام 686 جريمة "معادية للإسلام"، متجاوزة الـ610 المسجلة لعام 2022 بأكمله. في منتصف يناير 2024، قالت وزارة الداخلية لـ "هيومن رايتس ووتش" إنها لا تستطيع بعد تقديم أي بيانات عن الفترة بين أكتوبرل وديسمبر. لكن جماعات المجتمع المدني الألمانية حذَّرت من ارتفاع الحوادث المعادية للمسلمين منذ أكتوبر، في أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وفلسطين.


ولتسليط المزيد من الضوء على هذه الحوادث الخطيرة المتعلقة بمعاداة الإسلام، عبَّرت «ريم العبالي رادوفان»، المفوضة الفيدرالية الألمانية لمكافحة العنصرية عن القلق المتنامي بشأن زيادة الحوادث لدى الاتحاد الأوروبي. وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن هذه خطوة إيجابية، تؤكِّد على العمل اللَّازم لتحسين حماية المسلمين في ألمانيا وأماكن أخرى في أوروبا. 


بدورها، قالت «ريما هنانو»، رئيسة التحالف ضد الإسلاموفوبيا والكراهية ضد المسلمين (CLAIM)، وهي شبكة ألمانية من المنظمات غير الحكومية، لـ "هيومن رايتس ووتش" إنَّ عام 2023 شهد ارتفاعًا جديدًا مُخيفًا في الحوادث المعادية للمسلمين. وفي شهر نوفمبر، وثَّق التحالف ما معدله ثلاثة حوادث معادية للمسلمين يوميًا. في إحدى الحالات، جرى وصف رجل يُنظَر إليه على أنَّه مُسلِمُُ بأنَّه "إرهابي" عند خروجه من حافلة عامة، ووقعَ الاعتداء عليه ونقله إلى المستشفى بسبب إصاباته.


في حين تقوم مجموعات المجتمع المدني مثل التحالف ضد الإسلاموفوبيا والكراهية ضد المسلمين بجمع البيانات حول مثل هذه الحوادث، فإنَّ الحكومة الألمانية لم تقم بعد بتطوير بنية تحتية للرصد وجمع البيانات على مستوى البلاد، بناءً على مؤشرات واضحة من شأنها تزويد السلطات بالمعرفة والأدوات اللازمة. لمعالجة المشكلة.


منذ عام 2017، صنَّف نظام جرائم الكراهية التابع للحكومة الألمانية حوادث الكراهية ضد المسلمين والأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم مسلمون تحت عنوان دوافع "معادية للإسلام". قالت "هيومن رايتس ووتش" إنَّ هذا التصنيف يعتبر التحيز مبنيًا على هويَّاتهم الدينية، منفصلة عن العداء على أساس هويَّاتهم العرقية.


أدركت دراسة بتكليف من الحكومة مُدَّتها ثلاث سنوات حول حالة العداء ضد المسلمين في ألمانيا، نُشرت في يونيو 2023، أنَّ المشاعرَ المُعادية للمسلمين منتشرةُُ على نطاق واسع في ألمانيا، وتوصي بأن تتوقَّف الحكومة الألمانية عن فصل الكراهية ضد المسلمين عن العنصرية، بل يجب أن تعترف بارتباطهما. وممَّا يثير استياء مؤلِّف الدراسة أن وزارة الداخلية لم تتعامل مع الخبراء الذين أعدُّوا التقريرَ ولم تُنفِّذ توصياتهم. وقالت وزيرة الداخلية «نانسي فيزر» (Nancy Faeser) “إنها لا تتفق مع كل ما ورد في التقرير”.


 وفي ردٍّ مكتوب على رسالةٍ أرسلتها "هيومن رايتس ووتش" في منتصف ديسمبر لمعرفة موقف الحكومة على تصاعد الكراهية المعادية للمسلمين ومعاداة السامية، اعترفت وزارة الداخلية إلى الدراسة بشكل غامض بأن العدسة العنصرية من فئة الجرائم المعادية للإسلام مفقودة. ومع ذلك، لم توضِّح الوزارة كيف تنوي مراجعة نهجها. قالت "هيومن رايتس ووتش" إن أي تركيز على الكراهية والتمييز ضد المسلمين لا يشمل العنصرية أو يعترف بالطبيعة المتقاطعة لهذا العداء لن يتمكَّن من التقاط الصورة الكاملة أو توجيه الاستجابات السياسية الفعَّالة.


في عام 2017، قال 1 من كل 10 أشخاص جرت مقابلتهم في الاستطلاع الثاني حول التمييز ضد المسلمين الذي أجرته وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية في 15 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، إنهم أَبْلَغوا عن أحدث حادث مُعادٍ للمسلمين ضدهم. أما أولئك الذين لم يُبَلِّغوا، فبرَّروا عدم فعل ذلك من قناعة أن  "لن يحدث شيء أو يتغير بالإبلاغ عنه بما أنهم ليسوا يهودًا". ومن بين أولئك الذين أبلغوا عن حوادث، قال 81 بالمائة إنهم شعروا "بالاستياء إلى حد ما من الطريقة التي تعاملت بها الشرطة مع الأمر".


إِنَّ العنفَ ضد المسلمين في ألمانيا، التي تضمُّ واحدة من أكبر التجمعات السكانية المسلمة في أوروبا، ليس ظاهرة جديدة ولم ينمو في فراغ. في عام 2020، أدَّى هجومُُ متطرِّفُُ وعنصريُُ يمينيُُ في "هاناو"، وهي بلدة ألمانية، إلى مقتل تسعة أشخاص معظمهم من أصول مسلمة:« فرحات أونفار»، «حمزة كورتوفيتش»، «سعيد نزار هاشمي»، «فيلي فيوريل باون»، «مرسيدس كيرباش»، «كالويان فيلكوف»، فاتح «ساراش أوغلو»، «سيدات جوربوز»، «جوخان غولتكين». ووصف وزير الداخلية آنذاك «هورست زيهوفر» (Horst Seehofer) الحادث بأنه “هجوم عنصري لا لبس فيه”.


 من جانبها هي الأخرى، شدَّدت المفوضية الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب (ECRI) في توصيتها السياسية رقم 5 بشأن منع ومكافحة العنصرية والتمييز ضد المسلمين على الحاجة إلى هياكل مراقبة مستقلة وبناء القدرات القوية من قبل السلطات لمكافحة العنصرية ضد المسلمين وتعزيز الاعتراف بمثل هذه الحوادث وتسجيلها. وتُلزِم الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الحكومة الألمانية بحماية المجتمعات المسلمة. في مراجعتها لعام 2023 لامتثال ألمانيا للاتفاقية، ذكّرت اللجنة التي تراقب الامتثال للاتفاقية ألمانيا بواجبها في التحقيق بشكل فعَال في جميع حوادث الكراهية العنصرية ومقاضاة ومعاقبة جميع حوادث الكراهية العنصرية.


أخيرًا، قالت «تيفيرا»: "المجتمعات المسلمة في ألمانيا ليست مجموعة دينية متجانسة، بل هي مجموعة ذات أعراق متنوِّعة تعاني من الكراهية والتمييز الذي لا يمكن اختزاله في عقيدتها. يجب على ألمانيا أن تستثمر في حماية المسلمين وجميع الأقليات الأخرى في ألمانيا، لأنَّ ذلك استثمار في حماية المجتمع الألماني بأكمله”.