تقرير حكومي فرنسي: "المغرب نجح في احتواء الشعب بشأن التطبيع مع إسرائيل عكس السعودية وقطر" - الإيطالية نيوز

تقرير حكومي فرنسي: "المغرب نجح في احتواء الشعب بشأن التطبيع مع إسرائيل عكس السعودية وقطر"

 الإيطالية نيوز، الخميس 18 أبريل 2024 - قدَّمت لجنة الدفاع الوطني والقوات المسلحة الفرنسية تقريرًا بشأن الأوضاع الحالية في أهم الدول الإفريقية التي تربط فرنسا معها مصالحا وطنية. التقرير الذي يحمل رقم 2461، وأُنجز بموجب المادة 145 للوائح الجمعية الوطنية الفرنسية، وهي الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي، الغاية منه تنوير القادة الفرنسيين بشأن النفوذ الفرنسي في القارة الإفريقية بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتنامي الكراهية اتجاه الفرنسيين في دول مثل النيجر وبوركينافاسو  ومالي، وأيضا يراد منه قياس مكانة فرنسا لدى الشعوب الإفريقية.


ومن جملة الدول الإفريقية التي تطرق إليها التقرير يوجد أيضا المغرب، لاعتباره إحدى البوابات الرئيسية نحو أوروبا. وبشأن المملكة المغربية، قال منجزو التقرير: يقدِّم المغرب وضعا فريدا قليلا. على الرغم من أن البلاد تواجه مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة ووقوع بعض الاعتداءت على الحريات العامة، وخاصة حقوق الصحفيين. ومع ذلك، فقد نجح المغرب بشكل أفضل قليلاً في كبح غضب شعبي وُلد عام 2011 من خلال إصلاح دستوره، وتقديم نموذج معين لاحترام التعددية.” على سبيل المثال، يعد المغرب أحد بلدان المنطقة التي توجد فيها الجالية اليهودية بشكل خاص والتي كانت محمية خلال الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم.


ويرى التقرير أن المغرب هو أحد البلدان الأكثر تأثُّرًا بالأحداث التي تجري في إسرائيل وغزة. لأنه، في الواقع،  كلما حدث توترا في المنطقة يزيد الضغط الداخلي في المملكة المغربية لكون المغرب لعب لعبة اتفاقات أبراهام واقترب من إسرائيل على الرغم من أن الآراء العامة في المملكة لم تكن تتقاسم الفكرة نفسها.


 ونبه التقرير إلى هذه النقطة الأخيرة، لأنها وفقا له تستحق التقدير والمعالجة: لاحظ منجزو التقرير وجود تباين وقطيعة بين الشعوب العربية وقادتها، ثم ضربوا مثالا على ذلك مما حدث في بطولة كاس العالم في قطر. مما جاء في التقرير بشأن هذه المسألة الأخيرة: “قدّمت بطولة كأس العالم في قطر مثالاً على ذلك. وعندما بدأ المنتخب المغربي في تحقيق الفوز في عدة مباريات، لوَّح اللاعبون، من دون الرجوع إلى سلطاتهم السياسية، بالعلم الفلسطيني، وأصبحوا، بطريقة ما، رموزًا لاستمرار القضية الفلسطينية، من المحيط إلى الخليج. وهذا يدل على الرأي العام لا يزال  حسَّاسًا للغاية اتجاه المظالم التي يتعرَّض لها الفلسطينيون، وقد دفعت هذه الصور ولي العهد السعودي وأمير قطر والإماراتيين إلى إدراك أن الرأي العام لديهما لم يكن مستعدًّا بعد للتطبيع ولعملية السلام مع إسرائيل طالما لم تُحترم حقوق الفلسطينيين.


كما يرى مُعِدُّو التقرير بأنه “يجب السُّطات المغربية اليوم أن تسعى جاهدة للحفاظ على التوازن وأن تأخذ في الاعتبار غضب سكانها ء الغضب المشروع نظرا للمذبحة التي تحدُث في غزة ء ولكن أيضا للحفاظ على هذا الاحترام للتعددية، الذي ميَّز المغرب تاريخيا.”


ولأن الغاية من التقرير هي جمع معلومات لتحديد مدى قوة الدول الإفريقية مقارنة مع قوة فرنسا ووجودها هناك، كان لا بد من التطرق إلى دراسة القوة العسكرية للمغرب والدول المجاورة له، بالأخص الجزائر. في هذا الموضوع، يقول التقرير: إن المغرب العربي يتميز بإشكالية العلاقات الجزائرية المغربية. لذا، على الصعيد الأمني، تقوم الدولتان بتسليح نفسيهما منذ عشرين عاماً على الأقل بوتيرة متسارعة للغاية على الرغم من غياب التهديدات الوجودية. وبالتالي فإنَّ المُحدِّد الرئيسي لهذا التسلُّح هو المحلي، لأنه مرتبط بهذا التنافس البنيوي بين البلدين، ولا يهم بأي حال من الأحوال الشاطئ الشمالي أو بلدان أخرى في المنطقة. في الواقع، في هذه الدول التي ليست قوى كبرى، يتم تحديد منطق التسلُّح دائمًا وفقًا لاعتبارات إقليمية أو ما دون ذلك.


ويستبعد التقرير الحكومي الفرنسي أن ينطلق التهديد من إفريقيا إلى حدود الاتحاد الأوروبي المحمية من حلف الشمال الأطلسي (الناتو). يعزو غياب التهديد إلى عدة أسباب مختلفة ووفقا لاعتبارات محلية: أولا، لا تطالب أي دولة عربية على الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الجزائر أو مصر أو المغرب، بالتكافؤ الاستراتيجي مع دول الشاطئ الشمالي التي هي جزء من الحلف الأطلسي والتي تستفيد جميعها من المادة 5 الشهيرة لمعاهدة حلف الشمال الأطلسيعلاوة على ذلك، فإنَّ هذه الدول لا تدَّعي أنها تمتلك أسلحة نووية أو لا تعتبر دولًا سريعة التكاثر (الولادات). وبالتالي، فإن التهديد لا يوجد سواء من الناحية التقليدية أو من حيث أسلحة الدمار الشامل. ثانيًا، إنَّ العلاقة الاقتصادية غير متكافِئة: ثلثا (2/3) تجارة دول المغرب العربي تتم مع دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن حصتها في تجارة الدول الأوروبية لا تتجاوز %3. ولذلك، فإن أدنى قرار من جانب الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير على اقتصاداتها. وللاقتناع بهذا، ما علينا إلا أن نتذكَّر "حرب الطماطم" بين المغرب والاتحاد الأوروبي واتفاقيات الصيد بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا.”