كيف تبيع إيطاليا الأسلحة للدول الأجنبية - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

كيف تبيع إيطاليا الأسلحة للدول الأجنبية


الإيطالية نيوز، الثلاثاء 16 أبريل 2024 - أدَّى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا وفي غزة إلى إحياء المناقشات حول بيع أو نقل الأسلحة إلى البلدان التي تخوض حربًا. وفي حالة إيطاليا، سُرعان ما تحوَّلت المناقشات إلى جدلٍ سياسيٍ، بدأً من المراحل الأولى للحرب في أوكرانيا، وتتأثَّر بالاستغلال المعتاد لهذا النوَّع من المواجهة، بالأخص الآن مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية، التي تكون فى يونيو. ومع ذلك، فإنَّ الجدلَ يُؤدِّي في النِّهاية إلى إثارة الارتباك حول ما يعنيه حقًا بالنسبة لإيطاليا أن تبيع أو تمنح أسلحة لدول أخرى.


القانون الذي ينظم استيراد وتصدير وتجارة وعبور الأسلحة والذخيرة التي تشارك فيها إيطاليا هو القانون رقم 185 لعام 1990، الذي جرى تحديثه في عام 2003. ويجب على الشركات العاملة في قطاع التسليح والدفاع أن تعمل ضمن حدود هذا القانون، مع العلم أن الحكومة دائماً، في نهاية الإجراءات الطويلة والمعقَّدة، هي التي تسمح بعقود الشراء والبيع في القطاع.


تحدث عمليات الأسلحة التجارية بشكل أساسي في نظام يمكن تعريفه على أنَّه سوق حر تُشرف عليه الحكومة. بمعنى أن الشركات الفردية - سواء تلك الخاصة أو تلك المملوكة للدولة والتي تسيطر عليها - تتمتَّع بالحُرِّية الكاملة في محاولة بيع منتجاتها للحكومات. يفعلون ذلك إما بأوامر مباشرة، في حالة وجود شركة معيَّنة في طليعة إنتاج معيَّن، وهو أمر ليس نادرًا جدًا بالنسبة للشركات الإيطالية؛ أو من خلال المشاركة في المناقصات في حالة رغبة الحكومة في النظر في عروض مبيعات مختلفة، ومن ثم تحديد الشركة التي تعتمد عليها. لكن هذه العمليات، لكي تكتمل، تحتاج إلى تصريح مُحدَّد من الحكومة.


يمكن لشركات الدفاع الإيطالية أيضًا التجارة في الأسلحة والذخيرة مع شركات الأسلحة الأخرى، وبالتالي في معاملة بين أفراد: هذا هو الحال، لوضع فرضية، لشركة أمريكية تنتج سفن حربية تريد تركيب مدافع من إنتاج شركة إيطالية. ومع ذلك، في هذه الحالات، من الضروري أن تحصل الشركة الأجنبية الخاصة أيضًا على تصريح مُحدَّد من حكومة البلد الذي يقع فيه مقرُّها.


إنَّ المعايير التي تقوم الحكومة بموجبها بتقييم طلبات العمليات ثابتةُُ جزئياً وتعتمد جزئياً على الطوارئ. في الواقع، لا يمكن تصنيع أو بيع الأسلحة النووية أو الكيميائية أو البكتريولوجية. كما لا يجوز تصدير الأسلحة التي تُستخدَم في العمليات العسكرية التي تتعارض مع الدستور الإيطالي، وضد حماية الدفاع الوطني ومكافحة الإرهاب، وضد الالتزامات الدولية التي تعهَّدت بها إيطاليا: ومن ثم، فمن المستحيل من الناحية النظرية أن تقوم الشركات الإيطالية بالاتِّجار بالأسلحة مع دول منافسة محتملة لإيطاليا أو تتبنَّى ممارسات تتعارض مع احترام حقوق الإنسان، أو استخدام العنف كأداة لحل النزاعات.


في الواقع، تَظلُّ تقريبًا دائمًا هذه المبادئ الصارمة جدًا على الورق، إذ تحدث معالجها بطرق غامضة وفضفاضة. وهذا ما يُفسِّر سبب السماح بمبيعات الأسلحة بشكل منتظم لدول إفريقيا والشرق الأوسط التي لا تحترم على الإطلاق  معايير الديمقراطية نفسها وحماية حقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور الإيطالي.


ثم توجد معايير تتغيَّر حسب السياق والمصلحة. يُحظر تصدير الأسلحة إلى البلدان التي أعلنت الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي فرض حظر كلي أو جزئي على المواد الحربية عليها. علاوة على ذلك، لا يمكن الترخيص ببيع أو بيع الأسلحة إلى الدول المشاركة في حرب ما لم يوافق مجلس الوزراء، أي الحكومة، على استثناء مُحدَّد يأذن به البرلمان بعد ذلك مباشرة.


هذا هو حال فيما يتعلق بأوكرانيا، التي هي في حالة حرب مع روسيا منذ أكثر من عامين، والتي سمحت حكومة «مَارْيو دْراغي» (Mario Draghi) ببيع ونقل المُعدَّات العسكرية بموجب مرسوم مُحدَّد وافق عليه مجلس الوزراء في 25 فبراير 2022، بعد ساعات قليلة بعد غزو الجيش الروسي. ثم جرى تجديد الترخىص مرتين من قبل حكومة «جورجا ميلوني» (Giorgia Meloni): الترخىص الأخير، الذي جرت الموافقة عليه في 21 ديسمبر 2023، يسمح بمواصلة الدَّعم العسكري لأوكرانيا طوال عام 2024.


تمنح الحكومة الإيطالية، مثل جميع الحكومات الأوروبية الأخرى، الأسلحة لأوكرانيا بطرق مختلفة، ولكن بشكل أساسي من خلال أداة "مرفق السلام الأوروبي" (EPF)، أي صندوق أُنشئ في عام 2021 لتمويل عمليات المساعدة العسكرية والإنسانية بموارد استثنائية تستجيب لمصالح السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد. وفيما يتعلق بالفترة بين 2021 و2027، يمتلك الصندوق نحو 17 مليار دولار، تُجمَع خارج الميزانية الأوروبية العادية من خلال مدفوعات سنوية تُقدِّمها الدول الأعضاء بشكل فردي. في حالة أوكرانيا، يمكن استخدام صندوق "مرفق السلام الأوروبي" بطرق مختلفة، تَبعًا للحالات والملاءمات.


إنَّ سوق الأسلحة الإيطالية لا يستجيب فقط للمنطق الاقتصادي، كونه قطاعًا حساسًا، بل تعمل الحكومة أيضًا على أساس القضايا الدبلوماسية لجعله يتماشى مع القوانين الدولية الموضوعة لتنظيمه. لذا، ليس من قبيل الصدفة أن تكون "وزارة الخارجية" في الحكومة هي صاحبة الكلمة الأخيرة بشأن تراخيص بيع الأسلحة إلى دول أخرى. وتدير الوزارة عمل "وحدة ترخيص مواد الأسلحة" (UAMA)، وهي هيئة تتعاون مع لجنة استشارية من الخبراء الذين يقومون بتقييم الطلبات المختلفة الواردة من الشركات، إلى جانب مسؤولين من وزارات الدفاع والتنمية الاقتصادية والداخلية والاقتصاد.


مبيعات الأسلحة إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي

إنَّ الدولة التي باعت لها الشركات الإيطالية أكبر عدد من الأسلحة في الفترة ما بين 2017 و2023 هي قطر، حيث جرت الموافقة على عمليات بقيمة 7.4 مليار دولار (منها 4.2 مليار في عام 2017 وحده). يحدث هذا لأنه في عام 2017، أبرمت قطر اتفاقية لتوريد 24 قاذفة مقاتلة مع "كونسورتيوم يوروفايْتَر" الأوروبي، الذي تعد شركة "ليوناردو" شريكًا أساسيًا فيه، ووقَّعت عقدًا مهمًا أخر مع شركة "فينْكانْتيِيري" الإيطالية لشراء سبع سفن عسكرية. ومع ذلك، في عام 2023، نظرًا لعدم إبرام اتفاقيات كبيرة بين قطر وشركات الدفاع، بلغت قيمة الصادرات 62 مليونًا فقط.


وبِغَضِّ النَّظر عن الدول الأوروبية وأعضاء النَّاتو، فإنَّ المنطقة الجغرافية التي تُصدِّر إليها إيطاليا أكبر عدد من الأسلحة (%15.3 من إجمالي القيمة باليورو) هي شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وفي هذا المجال، كان الشركاءُ التجاريون الرئيسيون لشركات الدفاع الإيطالية في عام 2023 هم المملكة العربية السعودية (363 مليون يورو)، الكويت (125 مليونا)، قطر (62 مليونا)، الإمارات العربية المتحدة (57 مليونا)، المغرب (39 مليونا)، مصر (37 مليونا) والجزائر (22 مليونا). وفي المركز الثامن في هذا المجال، أي أقل بمرتبتين مما كانت عليه في عام 2022، تأتي إسرائيل، التي لا تظهر بين الشركاء الرئيسيين الخمسة والعشرين. وقد باعت شركات إيطالية أسلحة إلى إسرائيل مقابل 9.9 مليون يورو، من خلال 23 عملية مُرخَّصة، وهو ما يتوافق إلى حد كبير مع العام السابق، عندما كان هناك 25 ترخيصًا بقيمة 9.2 مليون يورو.


تأتي هذه الأرقام من "التقرير الخاص" بالعمليات المُصرَّح بها والذي تلتزم الحكومة كل عام، بحلول 31 مارس، بإرساله إلى البرلمان مع البيانات المُحْدَثَة حتى 31 ديسمبر السابق. كما يسرد التقرير جميع "المعاملات المصرفية الفردية" التي تَحدثُ لشراء وبيع الأسلحة، والتي يجب على الشركات والبصارف المعنية إبلاغها إلى وزارة الاقتصاد.