وحصل القرار على 14 صوتًا مؤيِّدًا، بما في ذلك صوت دولتي الصين وروسيا. لكن الشيء الأكثر أهميَّة كان امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، التي ضَعُف دعمُها لإسرائيل بالفعل في الأسابيع الأخيرة (هؤلاء الدول الثلاث، إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا، هم أعضاء دائمون في مجلس الأمن ويتمتعون بحق النقض، ويعني أنه يُمكنهم منع أي قرار).
بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على بدء الحرب في قطاع غزة، بدأت الولايات المتحدة في الواقع تنتقد بِقوَّة متزايدة الطريقة التي تُدير بها إسرائيل الحرب، وقبل كلَّ شيء تصرُّفات رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو»، التي تُعتبر إحدى العَقبات الرئيسية أمام التوصُّل إلى وقف إطلاق النَّار في القطاع. وهذا مهمُُّ لأنَّه حتَّى وقت قريب كانت حكومة الولايات المتحدة تدعم الحكومة الإسرائيلية من دونِ قيْدٍ أو شرطٍ تقريبًا، لكن في الآونة الأخيرة بدأت تشعر بقليل من الحياء بسبب الضغط الداخلي والخارجي.
The Security Council just approved a long-awaited resolution on Gaza, demanding an immediate ceasefire, and the immediate and unconditional release of all hostages.
— António Guterres (@antonioguterres) March 25, 2024
This resolution must be implemented. Failure would be unforgivable.
ومجلس الأمن هو الهيئة الدولية الوحيدة التي يُمكنها اتِّخاذ قرارات مُلزمة نظريًا لجميع الدول الأعضاء، بما في ذلك إسرائيل. وانتقد مكتب «نتنياهو» الموافقة على القرار، وبالأخص امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يُقوِّض جهود إسرائيل لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضًا إنه ألغى زيارة لوفد إسرائيلي كانت مقرَّرة خلال الأيام القليلة المُقبلة إلى واشنطن.
ويَنُصُّ القرار على وقف إطلاق النار خلال فترة شهر رمضان الذي ينتهي بين 10 و12 أبريل. كما يَنُصُّ على الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزَّة، ويدعو إسرائيل إلى بذل المزيد من الجهود لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حيث كانت الأزمة الإنسانية المستمرَّة بسبب الحرب خطيرة للغاية منذ أسابيع حتَّى الآن.
القرار مُلزِم من الناحية النظرية: ويعني أن إسرائيل مُلزَمة، على الورق على الأقل، باحترامه. ومع ذلك، فمن غير المرجَّح أن تتمكَّن حكومة «نتنياهو»، التي قاومت حتَّى الآن أي ضغوط لتخفيض حدَّة الحرب في غزة، من الامتثال لها بالفعل.
وقد جرى تقديم النَّص من قبل الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن (الذين من الواضح أنهم لا يملكون حق النقض)، بعد رفض اقتراح الولايات المتحدة الذي يدعو إلى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار" يوم الجمعة. وكانت الحكومة الأمريكية قد استخدمت في السابق حق النقض ثلاث مرّات ضد طلب وقف فوري ونهائي لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة. ووفقًا لبعض الدبلوماسيين الذين أجرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقابلات معهم، اقترحت الولايات المتحدة تعديلاً على النَّص النهائي لاستبدال عبارة "الوقف الدائم لإطلاق النار" بعبارة "الوقف المؤقت لإطلاق النار": وهي صيغة أكثر غموضا وأقل إلزاما بالنسبة لإسرائيل، لكنها لم يُتَّفق عليها.
وفي المرّات الثلاث السابقة، عارضت الولايات المتحدة قرارات مماثلة، بحُجَّة أن الطَلبات لا تحترم حق إسرائيل في الدِّفاع عن نفسها. وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، «ليندا توماس غرينفيلد» (Linda Thomas-Greenfield)، اليوم الإثنين، إنَّ القرارَ الذي جرت الموافقة عليه يتماشى مع الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة، لكنها امتنعت عن التصويت، على حد تعبيرها، لأنَّها لم تكن مُتَّفقة مع أجزاء أخرى من النص: ومن بين هذه الأسباب حقيقة أن القرار لا يدين صراحة الهجمات التي نفَّذتها حماس في 7 أكتوبر.