الاتحاد الأوروبي يستخدم أصول روسية مصادَرة تتجاوز 200 مليار يورو لتعويض الخسائر الأوكرانية - الإيطالية نيوز

الاتحاد الأوروبي يستخدم أصول روسية مصادَرة تتجاوز 200 مليار يورو لتعويض الخسائر الأوكرانية

الإيطالية نيوز، الخميس 21 مارس 2024 - قدّمت المفوضية الأوروبية يوم أمسٍ الأربعاء خطَّةً للاستغلال الاقتصادي للفوائد المُتراكِمة بقيمة تتجاوز 200 مليار يورو من الأصول المالية الروسية المجمَّدة في أوروبا ـ بالأخص الحسابات المصرفية لأقلية روسية محظورة بموجب العقوبات ـ واستخدامها لدعم جهود الحرب في أوكرانيا. والهدف هو "جعل روسيا تدفع" ثمن وسائل الهجوم المضاد الأوكراني، وهو الشعار الَّذي كثيرا ما كرَّره أعضاء المؤسسات الأوروبية في السنوات الأخيرة، ولكن حتّى الآن لم يُطبَّق فعلًا بسبب آثاره القانونية والمالية العديدة.

إن خُطَّة استغلال جزء على الأقل من هذه الأموال، والتي تناقشها المؤسسات الأوروبية والحكومات المختلفة منذ بعض الوقت، يجب أن تَحظى بموافقة الدول الأعضاء في الاتحاد: وإذا سارت الأمور بسلاسة، فمن الممكن أن تحصل أوكرانيا على الأموال الأولى التي حُصل عليها بهذه الطريقة في وقت مبكر من شهر يوليو المقبل.

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات شديدة على روسيا بهدف إضعاف اقتصادها. وبين هذه الإجراء ات أيضًا تجميد الأصول المادية والمالية المملوكة لمواطنين روس مُدرَجين في القائمة السوداء لاعتبارهم مُقرَّبين من حكومة الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين».

من الناحية العَمَلية،تُؤْخَذ الأصول مؤقَّتًا من المالك، الذي لن يتمكَّن من استخدامها بأي شكل من الأشكال، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن بيعها بالمزاد العلني أو تخصيصها للمجتمعات والجمعيات، كما يحدث على سبيل المثال في إيطاليا مع الأصول المُسْتَوْلى عليها من المافيا. فهي تظل من الناحية الفنية مِلكًا لحُكم القلَّة الروس، لكن لا يمكن لأحد استخدامها: على سبيل المثال، إذا نفَّذت مؤسسة مالية بعض العمليات باستخدام الأموال الموجودة في حساب مجمَّد، فإنها ترتكب جريمة.
ووفقًا لأحدث التقديرات، قامت الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي، بتجميد أصول مالية (وبالتالي الأموال الموجودة في الحسابات الجارية بشكل رئيسي) لأكثر من 300 مليار يورو، منها 210 مليار مرتبطة بمؤسسات مالية أوروبية. جرى تجميد الحسابات، لذا لا يمكن الوصول إليها من قبل الأوليغارشيين، ولكن ليس حتَّى من قبل السلطات الأوروبية، التي اقتصرت حتى الآن على حظرها دون الحصول على أي ميزة منها. وتسيطر على الأغلبية – نحو 190 مليار يورو – شركة "يوروكلير" المالية، ومقرها بلجيكا. وبسبب العقوبات، لا يمكن إرسال الفائدة إلى روسيا، كما يحدث عادة، وبالتالي فهي تتراكم في الميزانية العمومية لشركة "يوروكلير". ولا يُريد الاتحاد الأوروبي استغلال الأصول المجمَّدة فعليا، وهو السيناريو الذي من شأنه أن يخلق العديد من المشاكل القانونية، لكنَّه "يكتفي" فقط بالفوائد المتراكِمة على هذه الأصول، والتي قد تصل إلى 3 مليارات يورو سنويًا. ويكون هذا مبلغاً كبيراً بالنسبة لأوكرانيا، رغم أنَّه غير كافٍ إلى حد كبير لتمويل كل جهودها الهجومية المضادة.

وكانت المُفوِّضية الأوروبية قد ذكرت إمكانية البدء في استغلال الفوائد المتراكمة على الأصول المجمَّدة في وقت مبكِّر من عام 2023، وأصبحت الفكرة أكثرَ واقعيةً في نهاية فبراير. جرى تقديم خُطَّة مُفصَّلة هذا الأسبوع من قبل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبِّي للشؤون الخارجية، «جوسيب بورّيل» (Josep Borrell)، والمفوضية الأوروبية: يَنصُّ على أن %90 من أرباح الفوائد تستخدم لتمويل مرفق السلام الأوروبي، وهي المبادرة التي يُعوِّض الاتحاد من خلالها جزئياً الحكومات الوطنية عن النفقات التي تكبَّدتها لمساعدة أوكرانيا عسكرياً، مع آلية مماثلة لـ "استرداد النقود". أما نسبة الـ %10 المتبقِّية فتُخصَّصُ للميزانية الأوروبية لإعادة إعمار أوكرانيا.

وتَنصُّ الخطة أيضًا على تخصيص جزء كبير من الأرباح التي تجنيها الحكومة البلجيكية لأوكرانيا من الضرائب المفروضة على هذه الأصول، بإجمالي يصل إلى 1.7 مليار يورو سنويًا تقريبًا. وتحتفظ "يوروكلير" بدلاً من ذلك بنسبة %3 من الأرباح لتغطية تكاليف التشغيل والنفقات الناشئة عن أي نزاعات قانونية مع روسيا. وقد تباطأ الإعلان عن الخُطَّة التفصيلية بسبب الشكوك التي أثارها البنك المركزي الأوروبي، بين أمور أخرى، والتي بموجبها فإن استغلال المصالح في الأصول المملوكة لأجانب بهذه الطريقة من شأنه أن يُلحق الضَّرر بالسُمعة المالية للاتحاد وتدفع المستثمرين إلى إيداع أموالهم في مكان أخر.


وقبل أن يدخل حيِّز التنفيذ، يجب أن تَحدُثَ الموافقة على الاقتراح بالإجماع من قبل جميع الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد، ولكن إذا استمرَّت العملية بسلاسة، فمن الممكن أن تتلقى أوكرانيا الدفعات الأولى بحلول يوليو. وكما كان متوقَّعا، انتقدت روسيا هذا الاقتراح على الفور. ووصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، «ماريا زاخاروفا»، القرار بأنه "مثال واضح على اللصوصية والسرقة"، فيما قال المتحدث باسم الحكومة الروسية «دميتري بيسكوف» إنَّ الزُّعماء الأوروبيين "يدركون تماما الضرر الذي يلحقه هذا القرار باقتصاداتهم وسمعتهم".

وفي الأشهر الأخيرة، أصبح من الواضح أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة لدعم أوكرانيا، التي يواجه هجومها المضاد صعوبة والتي هي في حاجة مستمرة إلى الذخيرة والوسائل العسكرية وغيرها من الأدوات للقيام بالمقاومة ضد الجيش الروسي. ولطالما كانت الولايات المتحدة المُموِّل الرئيسي للبلاد، لكن إرسال أموال جديدة محظور منذ أشهر بسبب خلافات سياسية داخلية في الكونغرس، ومن المرجَّح أن يظلَّ كذلك إذا فاز الرئيس السابق «دونالد ترامب» بالانتخابات الرئاسية المقبلة، في شهر نوفمبر.

ومن ناحية أخرى، أثبتت صناعة وسائل الحرب الأوروبية أنَّها غير مستعدة لمثل هذه المطالب الضَّخمة والمطوَّلة، وكانت تحاول مؤخَّراً تعزيز نفسها وتحسين قُدراتها الإنتاجية. ومن بين أمور أخرى، يناقش القادة الأوروبيون إمكانية تفويض بنك الاستثمار الأوروبِّي، الذي يتعامل عمومًا مع المشاريع المتعلِّقة بالتنمية وانتقال الطاقة، للقيام أيضًا بعمليات في قطاع الدفاع؛ أو إصدار سَندات حكومية مشتركة (ما يسمى "سندات اليورو") لجمع الأموال لأغراض الدفاع، وهو خيار تُعارضه الدول الأكثر ثراءً مثل ألمانيا.