إيطاليا: بحثُُ يُثبت أن "التحية الرومانية" لم تكن رومانية حقًا - الإيطالية نيوز

إيطاليا: بحثُُ يُثبت أن "التحية الرومانية" لم تكن رومانية حقًا

  الإيطالية نيوز، السبت 2 مارس 2024 - تُعتَبر "التحية الرومانية" المزعومة واحدة من أبرز رموز الفترة الفاشية، لدرجة أنَّها تعود بين الحين والأخر في إيطاليا إلى مركز المناقشات والقضايا القضائية.


سُمِّيت بهذا الإسم لأنَّه في بداية القرن العشرين كان يُعتقد على نطاق واسع أن إيماءة إمساك الذراع اليمنى ممدودة للأعلى مع شبك الأصابع وكف اليد متجهة للأسفل كانت منتشرةً على نطاق واسع في روما القديمة، ومع ذلك لا يوجد دليلُُ أدبيُُ أو فنُُي يدلُّ على ذلك: ببساطة، "التحية الفاشية" المنسوبة إلى الرومان القُدامى، والتي جرى تعريفها على أنها "رومانية"، لم تكن رومانية حقًا.


وكما لاحظ المؤرِّخ والصحفي ماتيو لوكا أندريولا (Matteo Luca Andriola)، لمعالجة هذه القضية، يجب أن نبدأ من افتراض أن الخيال الجماعي للنظام الفاشي "ينشأ من أسطورة الماضي الإمبراطوري الروماني"، الذي أَلْهم الكثير من أيديولوجية الحركة.


ويُعتقد أن أحد أوائل من استخدموا هذه الطريقة في التحية في إيطاليا كان الشاعر غابرييلي دانُّونتسيو (Gabriele D’Annunzio) خلال ما يُسمَّى "مشروع فِيومي"، الذي بدأ عام 1919، في سياق يُمكن تعريفه بـ "الفاشية البدائية".  ثم بدأ استخدام هذه الطريقة في التحية على نطاق واسع من قبل "الحزب الوطني الفاشي" بَدْءًا من عام 1923، ومنذ عام 1926 أصبحت أيضًا التحية الرسمية للحزب الوطني الاشتراكي الألماني، والتي غالبًا ما ترتبط بشعار "هايل هتلر".


والحقيقة هي أنه لا توجد مادة فنية واحدة لروما القديمة ـ منحوتة أو عُملة معدنية أو لوحة جدارية ـ تعرض تحية مماثلة لتلك التي استخدمها الفاشيون والنازيون: لاحظ المؤرخ مارتن وينكلر (Martin Winkler)، مُؤلِّف أول دراسة منهجية حول أصول التحيّة الفاشية، في عام 2009 أنه لا يمكن العثور على أيِ أثرٍ لها حتى في الأدب، ولم يستشهد بها أبدًا أي مُؤرِّخ من العصر الجمهوري أو الإمبراطوري.


وفي كتابه "الوضعية. فن ولغة الجسد" قال المشهور الإنجليزي «ديزموند مورّيس» (Desmond Morris) إن نسبة «التحية باليد المرفوعة عالياً» إلى روما القديمة من قبل النظامين «خطأ تاريخي واسع النطاق».


إن إيماءة رفع اليد اليمنى أو رفع الذراع كانت موجودة في الثقافة الرومانية، لكن كان لها معاني مختلفة. في العصور القديمة، جرى رفع اليد اليمنى كرمز للتكريم أو التعبير عن الإخلاص والصداقة والولاء، كما يقول «أندريولا» دائمًا


بينيتو موسوليني وبعض الضباط النازيين يؤدّون التحية الفاشية خلال الاحتفالات بالذكرى الـ14 للمسيرة إلى روما، 28 أكتوبر 1936
ويشير «وينكلر» إلى أن بعض الأعمال من العصر الروماني، مثل "عمود تْرايّانا" (101-106 م)، تُصوِّر الجنود وهم يرفعون أيديهم مفتوحة لإلقاء التحية مثلما نفعل اليوم، ولكن من دون مد أذرعهم. وتُظهر بعض أفاريزه أيضًا برابرةُُ وأذرعهم ممدودة أو مثنية ولكن إلى الأسفل، كعلامة على الخضوع للإمبراطور. ومع ذلك، في حالات أخرى، يكون الإمبراطور هو الذي يرفع ذراعه قليلاً، ويُبقيها دائمًا مثنيةً قليلاً، مع وضع كف يده في وضع عمودي أو على أي حال مع فتح أصابعه. وهذا ما يفعله أيضًا الرجل ذو الرداء في نحت القرن الأول قبل الميلاد المعروف بإسم "«الخطيب».

في روما القديمة، كان رفعُ الذراعِ علامةً على التمنّيات الطيّبة، أو فأل خير، أو إشارة للفت الانتباه إلى خطاب موجَّه إلى الفيلق، كما كتب المؤرخان «أندريا جاردينا» (Andrea Giardina) و«أندريه فوشيه» (André Vauchez) في كتاب "أسطورة روما". ومع ذلك، لم تظهر أعمال العصور القديمة الكلاسيكية بأي حال من الأحوال تحية مشابهة للتحية الفاشية.