تعرّف على القائد النازي الحقيقي الذي ألهم المشاهدين في فيلم "منطقة الاهتمام"! - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

تعرّف على القائد النازي الحقيقي الذي ألهم المشاهدين في فيلم "منطقة الاهتمام"!

رودولف هوس خلال اليوم الأول من محاكمته في وارسو، 11 مارس 1947
 الإيطالية نيوز، الأحد 25 فبراير 2024 - منذ أيام قليلة، صدر فيلم "منطقة الاهتمام" (La zona d'interesse) للمخرج البريطاني، «جوناثان غلازر» (‎Jonathan Glazer)، في دور السينما الإيطالية، من بين الأفلام الأوروبية التي حصلت على أكبر عدد من الجوائز العالمية وترشّحت لجوائز الأوسكار، لأفضل فيلم، وأفضل فيلم عالمي، وأفضل إخراج، وأفضل صوت، وأفضل  سيناريو غير أصلي.


الفيلم مُقتبَس من رواية تحمل الإِسم نفسه صدرت عام 2014 للكاتب «مارتن أميس» (Martin Amis)، أحد أكثر الكتاب المعاصرين تقديرًا في العالم، والذي توفي في مايو 2023، وحبكة الفيلم مستوحاة من القصة الحقيقية لـ «رودولف هوس» (Rudolf Höss)، الذي كان قائدًا لمعسكر الإبادة النازي في "أوشفيتز" لثلاثة أعوام لمدة عام ونصف.


من دون إفساد الحَبْكَة: تدور أحداث فيلم "منطقة الاهتمام" في عام 1943 في المنزل الذي يعيش فيه «هوس» مع زوجته «هيدويغ هنسل» وأطفالهما الخمسة. تعتني المرأة بشكل أساسي بالحديقة ورقعة الخضروات، بينما يلعب الأطفال مع الحيوانات ويفعلون ما يفعله جميع الأطفال. على الرغم من أن دور «هوس» كضابط نازي يُعدّ جزءًا مهمًا من شخصيته، إلا أنه جرى تصويره في الفيلم كرجل عائلة. وإلى جانب الصور التي تظهر حياتهم العائلية المثالية، يسمع الجمهور ما يحدث ـ ولكن لا يستطيع رؤيته ـ خلف الجدران التي تفصل المنزل عن معسكر الإبادة: طلقات نارية، وصراخ، وضجيج القطارات ومحارق الجثث. لكن الفيلم لا يروي ما حدث للعائلة في نهاية الحرب العالمية الثانية.

كان «هوس» وعائلته يعيشون في الواقع في منزل صغير بجوار "أوشفيتز"، الذي يقع جنوب غرب بولندا، في منتصف الطريق بين "كراكوف" و"كاتوفيتش". ومن مايو 1940 إلى ديسمبر 1943، كان «هوس» مسؤولاً عن معسكر الاعتقال، حيث يقدر أن النازيين قتلوا أكثر من مليون شخص، معظمهم من اليهود. وكتب في سيرته الذاتية أن “كل أمنية أعربت عنها زوجتي أو أطفالي قد تحققتأطفاله "عاشوا حياة حرة وغير مقيدة" بينما كانت حديقة زوجته "جنة من الزهور".


وفقًا للمؤرخين والأشخاص الذين عرفوهم، كان كل من «هوس» و«هينسل» بين الألمان النازيين الأكثر عداوة وكراهية لليهود. ادعى «هوس» في سيرته الذاتية أن زوجته لا تعرف شيئًا عما حدث في "أوشفيتز"، ولكن كما لاحظت مجلة "سميثسونيان"، يبدو هذا غير مرجح إلى حد ما.


عاشت عائلة «هوس» حياة الرفاهية، واستخدمت الفراء والمجوهرات والأشياء باهظة الثمن التي صودرت من الشعب اليهودي. كما قام باستغلال بعض السجناء للعمل في المنزل والحديقة. في هذا الموضوع، قال «ستانيسلاف دوبييل»، وهو رجل بولندي كان يعمل لديهم كبستاني، إن «هوس» بنى منزلاً مذهلاً ومجهزًا لدرجة أن زوجته قالت إنها تريد أن تعيش وتموت فيه.


ولد «هوس» في 25 نوفمبر 1901 في "بادن بادن"، جنوب غرب ألمانيا. حارب خلال الحرب العالمية الأولى ثم انضم إلى بعض القوات شبه العسكرية القومية. في عام 1922، بعد سماع خطاب «أدولف هتلر» في "ميونيخ"، انضم إلى الحزب النازي. وفي عام 1923، حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة قتل مدرس يشتبه في تقديمه معلومات للفرنسيين، ولكن أطلق سراحه بعد خمس سنوات بفضل العفو. وفي العام التالي تزوج من «هينسل» وأنشأ عائلة. ولدت ابنتهما الصغرى «أنغريت» في نوفمبر 1943، عندما كانا يعيشان بالفعل في "أوشفيتز".


بين عامي 1934 و1940، عمل «هوس» في معسكرات الاعتقال في "داخاو" و"زاكسينهاوزن"، حيث كان معظم المنشقين السياسيين محتجزين في ذلك الوقت. عندها تم تكليفه بمهمة تقييم جدوى معسكر الاعتقال في غرب بولندا، في المنطقة التي ضمتها ألمانيا بعد ذلك. وهكذا تم تعيينه قائداً لمعسكر "أوشفيتز"، الذي قام بتوسيعه وتحويله إلى معسكر الإبادة النازي الرئيسي، ولا سيما بفضل استخدام "غرف الغاز".


عاشت عائلته في ما يسمى بـ "منطقة الاهتمام"، وهي منطقة تبلغ مساحتها نحو 40 كيلومترًا مربعًا حول المعسكر، وتديرها قوات الأمن الخاصة (الشرطة شبه العسكرية النازية - SS) ومعزولة حتى لا يتمكن أحد من مشاهدة الفظائع التي كانت تُنفذ داخل المعسكر.


من اليسار إلى اليمين: «ريتشارد باير» و«جوزيف منغيله» و«رودولف هوس» في أوشفيتز عام 1944

يتحدّث «مارتن أميس»، مؤلف الكتاب "منطقة الاهتمام"، عن ضابط نازي يقع في حب زوجة قائد "أوشفيتز"، وشخصيته مستوحاة بشكل غامض من «هوس»، ولكن له اسم مختلف؛ لكن مثلث الحب هذا لم يحدثْ تصويره الفيلم. على أية حال، بفضل عمله في "أوشفيتز"، اكتسب «هوس» سمعة ممتازة بين القادة النازيين: كما يظهر في الفيلم الذي ينتهي عام 1943، جرى إرساله إلى برلين للإشراف على جميع عمليات معسكرات الإبادة النازية، بينما بقيت العائلة في "منطقة الاهتمام".


ومع ذلك، في مايو 1944، عاد إلى "أوشفيتز" للمشاركة في ما يسمى "عملية هوس"، التي قُتل فيها أكثر من 430 ألف يهودي مجري في غضون 56 يومًا.


وقعَ نقل «هوس» لاحقًا إلى معسكر اعتقال "رافينسبروك"، شمال برلين، هذه المرة مع عائلته، التي فرت إلى شمال ألمانيا قرب نهاية الحرب العالمية الثانية. اختبأت «هنسل» وأطفالها فوق مصنع سكر قديم في قرية "سانكت ميكايليسدون"، شمال غرب "هامبورغ"؛ بدلاً من ذلك، ذهب «هوس» للعمل كبستاني تحت الاسم المستعار «فرانس لانغ» في "فلنسبورغ"، بالقرب من الحدود الدنماركية. اكتشفت المخابرات البريطانية عائلته في مارس 1946 ومن ثم هو.  في البداية لم يعترف «هوس» بأنه قائد نازي، لكنه اضطر بعد ذلك إلى القيام بذلك لأن اسمه واسم زوجته كانا محفورين على خاتم زواجه.


خلال محاكمات "نورمبرغ" للمسؤولين النازيين، التي جرت بين عامي 1945 و1946 وربما كانت المحاكمة الأكثر شهرة في التاريخ، قدم «هوس» تفاصيل دقيقة حول سير عمل معسكر اعتقال "أوشفيتز" والجرائم المرتكبة هناك. وقال في شهادته، من بين أمور أخرى، إن "ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص قتلوا وأبيدوا بالغاز وفي محارق الجثث، بينما مات ما لا يقل عن 500 ألف آخرين بسبب الجوع والمرض".


وبحسب شهادته، فإن هذا الرقم يشمل نحو 70-80 بالمائة من الأشخاص الذين تم ترحيلهم إلى "أوشفيتز"، بما في ذلك أسرى الحرب الروس واليهود الألمان و"عدد كبير من المواطنين (معظمهم من اليهود) من هولندا، وفرنسا، وبلجيكا، وبولندا، والمجر، وتشيكوسلوفاكيا، واليونان، ودول أخرى."


قام هوس في وقت لاحق بمراجعة بيانه، بحجة أنه "حتى أوشفيتز كان له حدوده في القدرة التدميرية": وقال إنه لم يعرف قط العدد الإجمالي للوفيات الفعلية وأنه ليس لديه معلومات لإجراء تقدير دقيق، لكنه قدّره بنحو مليون و130 ألف شخص.


وفي مايو 1946، جرى تسليمه إلى بولندا، حيث حوكم بتهمة القتل وحكم عليه أخيرًا بالإعدام شنقًا. قُتل في 16 أبريل 1947 في أوشفيتز. ومع ذلك، استمرت «هنسل» في العيش في ألمانيا مع أطفالها الخمسة، حتى هاجر الابن الأكبر، «كلاوس»، إلى أستراليا، والثالثة، «إنجي بريجيت» (بريجيت)، أولاً إلى إسبانيا ثم إلى الولايات المتحدة. وفي سيرته الذاتية، التي كتبها بعد اعتقاله، وصف «هوس» نفسه بأنه "ترس في آلة الإبادة الكبرى للرايخ الثالث".