الإيطالية نيوز، الأحد 4 فبراير 2024 - نشر "الاتحاد الإيطالي لمنظمات المُعتَنية المُشرَّدين" (FIO.PSD)، وهي جمعية مرجعية وطنية للتهميش الاجتماعي، تقريره السنوي عن المشرَّدين الذين فارقوا الحياة في عام 2023، وعددهم الإجمالي 415 في، 93 في المائة رجال. وهو رقم يعكس بأمانة حقيقة أن المُشرَّدين في إيطاليا هم في الغالب من الرجال. ومع ذلك، لا يُعرف سوى القليل ويتم الحديث عن النساء المشرَّدات، ولكن وفقًا لأولئك الذين يعملون في هذا القطاع، يتم التقليل من شأنهن بشكل عام من خلال الإحصائيات، بينما عددهن في زيادة: يواجهن صعوبات ويفتقرن لأشياء محددة، لا يمكن الحصول عليها في إيطاليا، بشكل حصري تقريبًا، إلا عن طريق التعاونيات وجمعيات القطاع الثالث، في ظل غياب أدوات موحدة ومنسقة في جميع أنحاء الإقليم.
ووفقا لبيانات "معهد الإحصاء الإيطالي" (ISTAT)، فإن النساء المشرَّدات هن في الغالب في منتصف العمر، وتتراوح أعمارهن بين 40 و50 عاما، وكثير منهن وحيدات وأجنبيات. في هذا الموضوع، تقول «لوتْشِيا فْيوريلّو»، التي تتعامل مع التحليل والأبحاث في "الاتحاد الإيطالي لمنظمات المُعتَنية المُشرَّدين": “يوجد بالفعل زيادة في عدد الشابات، والشباب بشكل عام، وكذلك الأسر، وبشكل عام النساء اللاتي لديهن أطفال.”
وأضافت: “من الصعب جدًا العثور على البيانات المتعلقة بالمشردين بشكل عام نظرًا لوجود أدوات غير رسمية في الغالب لجمعها. وبطبيعة الحال، لا يمكنك استخدام سجلات الإقامة أو بيانات التوظيف أو التعدادات بمختلف أنواعها، وعليك الاكتفاء بما لديك: يقوم بعض الأشخاص الذين يعيشون في الشوارع بالتسجيل طوعًا في البلديات، ولكن يمكنك، على سبيل المثال، معرفة عدد الأشخاص الذين يصلون إلى خدمات المقصف والمهاجع المصممة لهم. إلا أن هذه المعلومات محدودة، وهي في كثير من الأحيان لا تعكس بشكل كامل الوضع الحقيقي لأولئك الذين ليس لديهم منزل، وخاصة في حالة النساء.”
على سبيل المثال، يعود أحدث استطلاع للمعهد الوطني للإحصاء إلى عام 2021 ويقول كان يوجد في إيطاليا ما يقرب من 100 ألف شخص بلا مأوى، %32 منهم نساء. وتشمل الإحصائية "المشرَّدين" منقسمين إلى فئتين: الفئة الأولى هم أولئك الذين سجلوا محل إقامتهم طوعًا في البلدية التي يعيشون فيها عادة، ولكن ليس لديهم مكان يبقون فيه لفترة كافية ليتمكنوا من تسجيل إقامتهم بانتظام؛ والفئة الثانية، وهم الأشخاص الذين ليس لديهم موطن: غالبًا ما يتم تسجيلهم في السجل مع عنوان وهمي، وهو غير موجود ولكن يتم تخصيصه لهم من قبل الإدارات لضمان الخدمات الأساسية لهم مثل الرعاية الصحية (في الواقع، من دون عنوان لا يمكنك الحصول على بطاقة صحية).
استند آخر إحصاء أنجزه المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء لـسنة 2015 فقط على استخدام المقاصف ومراكز الاستقبال الليلية في 158 بلدية إيطالية (اقتصر أيضًا على شهرين فقط من العام السابق): وقدرت أن %14 من النساء المشرَّدات كن مائة من المجموع، لكنه كان بالضرورة مُعطًى غير مكتمل.
ولا تأخذ هذه الأرقام في الاعتبار العديد من حالات التهميش الاجتماعي الشديد وصعوبات السكن التي لا تندرج، أو لم تندرج بعد، ضمن فئة يمكن اكتشافها. وبالنسبة للنساء المشرَّدات، تبدو هذه المشكلة أكثر وضوحا: «قبل النزول إلى الشوارع والتوجه إلى الخدمات لتهميشهن بشكل خطير [أي الخدمات التي تقدمها البلديات الفردية، على مختلف المستويات، لرعاية الأشخاص المشردين]، تمر النساء عمومًا بفترات أطول بكثير من ضائقة السكن، ويلجأن في المقام الأول إلى أماكن إقامة غير رسمية، مثل منازل المعارف، والكرفانات، والمخيمات.
يقول «فيوريلو» عن "الاتحاد الإيطالي لمنظمات المُعتَنية المُشرَّدين" لتسليط الضوء عن هذه الحالات الخطيرة التي تكون المعبر إلى الشارع، في إشارة إلى المشردات: "لا يلجأن إلى الخدمات إلا بعد استنفاد جميع الإمكانيات، وغالبًا ما يصابن بمشاكل عقلية أو إدمان نظرا لهشاسة وضعف نفسيتهن".
تتنوع الأسباب التي تجعل النساء لا يأخذن نصيبهن في الإحصاء بسهولة أكبر، بما في ذلك الأسباب الثقافية. بعض هذه الأسباب يتمثل في بعض الأدوار الاجتماعية "المنزلية" للأمهات والزوجات والبنات المرتبطة تقليدياً بالنساء. ويعني ذلك أن النساء يستغرقن وقتًا أطول بكثير من الرجال للاتصال بالخدمات بسبب التهميش الخطير. وسبب أخر هو عدم وجود استجابات منسقة في الوقت المناسب لتحسين ظروفهن المعقدة: في كثير من الأحيان ينتهي الأمر بالنساء في الشوارع بعد تجارب طويلة مع العنف المنزلي. يلجأن إلى مراكز مناهضة العنف بدلاً من الخدمات بسبب تهميشهن الخطير، وبالتالي لا يعتبرن من المشردين.
وهذا يحدث - ليس فقط في إيطاليا - لأنه يوجد نقص في الاتصال الحقيقي على المستوى الوطني بين الخدمات المقدمة للمشردين والخدمات المقدمة للنساء اللاتي يعانين من العنف، وهما مشكلتان مرتبطتان ببعضهما البعض بشكل وثيق: لا توجد إحصائيات دقيقة حول هذا الموضوع في إيطاليا، لكن العلاقة بين العنف المنزلي وإمكانية خروج المرأة للعيش في الشوارع معروفة ومنتشرة في الخارج أيضًا.
ووفقا للاحصائيات التي استشهدت بها مجلة "ريداتّوري سوتشالي"، وهي مجلة تناولت مؤخرا المشكلة في عدة مناسبات، فإن 40 في المئة من النساء المشردات في ايرلندا و 50 في المئة من النساء في البرتغال واسبانيا عانين من العنف.
وتقول منظمة "سانت مونغو" البريطانية غير الحكومية، التي تتعامل مع المشردين، إن %54 من النساء في المملكة المتحدة اللاتي يعانين من هذه الحالة يأتين من طريق العنف المنزلي، وأن %33 يعتبرن هذا العنف أحد أسباب حالتهن.
وبمجرد اتخاذ النساء قرار اللجوء للعيش في الشارع، طبعا مكرهات، تواجهن المزيد من مخاطر التعرض للعنف. مرة أخرى، وفقًا للشهادات التي جمعتها جمعية "سانت مونجو"، تحاول النساء المشردات في كثير من الأحيان الاختباء، على سبيل المثال، في أماكن فارغة خلال النوم أو غير مزدحمة مثل المرائب أو الحمامات العامة أو المستودعات. وتحاول أخريات إخفاء جنسهن من خلال الملابس لتجنب المضايقات أو أشكال العنف الأخرى. ويحدث أن يلتقين في الشارع برجال بلا مأوى ويقيمن معهم صداقات مبنية أيضًا على الحماية المتبادلة.
في إيطاليا كما في أماكن أخرى، تم تصميم خدمات استقبال المشردين قبل كل شيء لإيواء الذكور، من دون الأخذ في الاعتبار سلسلة من الاحتياجات النسائية المحددة، بما في ذلك الاحتياجات الجسدية: الحيض على سبيل المثال. ومع ذلك، في تقرير عام 2021 الصادر عن "المعهد الوطني لتحليل السياسات العامة" (INAPP)، ذكر أن العديد من مرافق الاستقبال بها حمامات مشتركة، وأحيانًا من دون أبواب.