«حسين بابان»: إدمان من نوع أخر (اللعبة القاتلة) - الإيطالية نيوز

«حسين بابان»: إدمان من نوع أخر (اللعبة القاتلة)


الإيطالية نيوز، الثلاثاء 23 يناير 2024 - تَعّلمنا منذ أن كُنّا صغاراً أنَّ الإدمان يؤدِّي إلى طريقين لا ثالث لهما، الطريق الأول هو الضياع في المجهول: قد ينجو الفرد منه إذا توفَّرت عوامل كثيرة، أهمها الترابط الأسري ووجود نيّة للتغيير، وتوفُّر العلاج المناسب في الوقت المناسب. أمَّا الطريق الثاني فهو الموت، للأسف الشديد، عندما ينهار جسد الإنسان المُدمِن بعد وصوله إلى مرحلة مُعيَّنة.


الإدمانُ مصنَّف عندنا إلى إدمان على المشروبات الكحولية أو إدمان على المواد المخدِّرة المختلفة، لك الآن نجد إدماناً من نوع آخر، إنه إدمان ملامحه لا تزال مجهولة للكثيرين..!!


لقد اهتزَّ الإعلام العالمي على لعبة تُحمَّل على أجهزة الهواتف المحمولة، متكوِّنة من عدة مراحل، كل مرحلة فيها نوع من الخطورة حتى ينتهى الأمر بمن اشترك في هذه اللعبة إلى الانتحار، وقد نجا منها عدد قليل جداً. وصنَّف المُختصّون هذه اللعبة بأنها تجعل المنخرط فيها مدمناً: تُدخِله في دوامةٍ حتى تقضي عليه. وبعد أن ٱطَّلع عليها علماء نفسيين قالوا أن يكون المشرف على اللعبة مستحيل إنسان عادي، لانَّ اللعبة مُرَكَّبة بطريقة ذكية ومدروسة، تدفع من يلعبها، مع الاقتناع، إلى وضع حَدٍّ لحياته بيديه، وهو يشعر بالسعادة أنه حقق شيء ما.


ونجد، الآن، ألعابًا كثيرةً، ومستخدموها بالملايين، صحيح أنها ليست قاتلة، لكن علماء النفس صنَّفوا مستخدميها بالمُدمنين: لم تعد حياتهم طبيعية، لأن عقولَهم وحواسَّهم ليست مُنصبَّةً على واقعهم الذي يعيشونه، ولكن على اللعبة التي تشغل وقتهم كاملا، إلى درجة أن بعضهم لا يبرح مسكنه إلا نادرًا، ويتناول الطعام سريع التحضير أو من المطاعم عبر طلبات التوصيل.


بعد كل ذلك، المحزن أن من يصل إلى درجة الإدمان القصوى يرتدى "حفَّاظات" للكبار، لأنه يفضل عدم الذهاب للحمام لقضاء حاجته خشية أن تضيع دقائق معدودات من اللعبة الغارق فيها.


أما الإدمان الأخر، فهو على المشاهد الجنسية التي باتت مُتاحة بسبب شبكة الإنترنت: هذا الإدمان له جوانب اجتماعية وسلوكية غير محمودة ومخيفة، أشبعها علماء النفس دراسة وبحثاً، وبتنا نسمع كل يوم عن حوادث تهز مجتمعاتنا، حيث يرى المدمن  كل "أنثى" تصادفه من منظور جنسي بحت، لأن غرائزه مضطربة وفي حالة غليان، لأنه يملأ عقله بمشاهد جنسية ويريد تطبيق ما يراه بحذافيره.


بقلم البروفسور حسين علي غالب بابان

أكاديمي وكاتب كردي مقيم في بريطانيا